الفصل 4

112 6 0
                                    

تكورت في سريرها ساهمة، تعلقت دموعها بأهدابها وكتمت صوت نشيجها فتلاحقت شهقاتها بتواتر سريع تحت وسادتها..

مازالت كلماتها تتردد بخبث تخترق سمعها كأنه سم زعاف يسري بصمت..
تشعر بخفقات راجفة وانقباض شديد يعتصر وتينها.
لم تستوعب إلى الساعة تهمها السافرة، لم تتقبل فكيف لأختها أن تفكر بها على هذا النحو الوضيع و المقرف!..

حرارة الصفعة لم تخمد بعد، تنبض بشدة داخل مساماتها كجمرة ملتهبة تحت الرماد...

كيف لها أن تشك بولائها و أخلاقها!..

العتب على من الآن؟!
مسحت عبراتها بغضب واعتدلت على ظهرها تنظر إلى سقف الغرفة..
فكرت بحزم و هي تجزر نفسها و تحثها على التحلي بالصبر و الحكمة، لن تسمح لهذا الأمر أبدا أن يعكر صفو حياتها..

هتفت حانقة:" غيورة!.
معقدة!..
غبية!"..

عادت و زفرت بحدة تنفس عن غضبها ثم اغمضت جفنيها تتوسل النوم وهي تخاطب نفسها بذات الحزم
"هيا نامي درة!..
نامي فغدا يوم عظيم!..
لن افسد فرحتي..
ليس الآن!..
بعد أن أمسكت طرف الخيط!.."..

و استطردت بحنق وحزن:" أيتها الحمقاء الغبية!..
لقد افسدتي أجمل أيام حياتي!"..

*****************

منذ ساعات الفجر الأولى هجرها النوم..

ماتزال كلماتها السامة تعبث بعقلها و قلبها، ترسم ألوانا من الغضب و السخط و القلق..

" متى تتغيرين يا جليلة!..
أخاف الساعة التي تقعين فيها بشر أعمالك ولسانك!..
أقسم... بأن عاقبتك ستكون وخيمة!.."..

استطردت وهي تتنهد بحزن:"
اتمنى من الله أن يهديك يا اختي!...
اتمنى ذلك من كل قلبي!"..
لجمت دليلة انفاسها المتهدجة بلا حول ولا قوة...

امتدت يد فتحي تحيط خصرها و تضمها اليه بحب وهو يقول:" مابك "دلولتي
ليس من عادتك أن تستيقظ في مثل هذا الوقت؟!.."..

مسحت مرتبكة عينيها النديتين و انقلبت على جنبها مبتسمة وهي تمرر أناملها على وجهه الحنون و شعره الأشيب:"
لا تشغل بالك حبيبي!..
لا يوجد شيء!..
أظن بأنني أسهدت بسبب الشاي الأخضر.. تعلم انه عادة ما يطرد النوم من عيني خاصة ان تناولته في وقت متأخر !"..

ابتسم فتحي عاقدا حاجبيه وقال مستنكرا:" شاي أخضر!..
هل أنت متأكدة يا دليلة!"..

ثم ربت بخفة بسبابته على أنفها و قال :"
أم أنها....جليلة؟"...

تنهدت دليلة بتعب و قالت:" كلاهما يا فتحي! كلاهما!"..

ضحك وقال لها وهو يجذبها الى صدره:"
دعك منها دلولتي!..
مشاكلها لا تنتهي!..
وقد أصبحت راشدة... فالتتحمل مسؤليتها!!.."..

رواية لا ترحل !.. ®  بقلم درصاف الذيبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن