الفصل 20

64 4 0
                                    

اعتدل أشرف قرب المرآة ممسكا في يده شفرة الحلاقة اليدوية التي لم يستطع التخلي عنها رغم وجود صالون حلاقة مشهور في حيه الهادئ ...

أحيانا يشعر بأن فيه شيء من الهبل كما يتهمه والده دوما، فهو يجد راحة نفسية حين يسمع صوت احتكاك الشفرات بلحيته و يعجبه ملمس وجهه الحليق حين يفرغ منه... وقد خالف في ذلك الجميع فعلى غرار والده و رفاقه، كانوا جميعا يفضلون جلسة عند الحلاق ينصتون فيها لأحاديثه التي لا تنتهي وقصصه التي تتناقلها أفواه زبائنه...

وهو لا ينكر أن لشخصية الحلاق ميزة ، تجعله يعلو فوق قدرات مصففة الشعر النسائية، فهؤلاء لديهم حنكة في فض النزاعات أو إرباكها أوحتى تفجيرها، سماسرة في كل شيء و تجار أحيانا أخرى و كذلك قد تتطور قدراتهم ليصبحوا خبراء تجميل و عناية بالبشرة أو أطباء يفهمون في خصائص الحجامة و تنظيف الأذن و غيرها من الأعمال التي يجيدونها بشهادة الجميع ..

ورغم رفضه لتلك الأساليب إلا أنه و كأي انسان تونسي يتوق للتجربة، فكان كرفاقه من متذوقي تلك الخزعبلات، التي تكسر روتينه الصارم بعد أسبوع شاق من العمل...
ولكن لم يكن قادرا على تجاوز وساوس الشفرات "العامة"..
نعم! عامة و متاحة و أشياء أخرى لا يريد التفكير فيها، فهو لا يقدم على تقديم لحيته لأي منهم و هو أيضا لا ينكر بأنه مصاب بفوبيا موس الحلاق و الذي يخامره بأسئلة غريبة كل ما عكست سنه القاطعة ضوء مصابيح المحل، " هل غير الشفرة؟! ... أ عقمها؟! ... كم من مصاب بالتهاب الكبدي أو نقص المناعة المكتسبة مروا عليها؟!"..
نقر على الحوض ينفض الشعيرات في وعاء كان قد جعله دوما لهذا الغرض...
و بين نقرة و نقرة ضاع صوت دقاتها البسيطة الخجولة..
فقد داهمها ذلك الألم قبيل نزول العادة الشهرية، ليمتد إلى أسفل ظهرها و يسري إلى صدرها و أمعائها ..
تململت في مكانها وهي ترجو أن يفتح و حين همت بدقّه ثانيةً!
حطت قبضتها على صدره العاري...
شهقت و هي تردد:" أنا آسفة ... لم أقصد ... لم أقصد ذلك!".
زورت عيناه ملامحها الشاحبة ...
تجاهل شحوبها و قال بنبرة باردة:" ربما نخرج الليلة للعشاء!"..

كانت أناملها المنكمشة ما تزال تضغط على جنبها الأيمن، قالت مترددة :" أ..أريد منك أن.. أن تعفيني من ذلك الليلة!"...
أطبقت شفتاه بامتعاض و رد:" هذه ليست حصة رياضة! أما كبرت على ذلك! "..
تأوهت وهي تتململ و قد انعقد حاجباها و تقطب جبينها..
مرر عينا فاحصة على سحنتها الباهتة ثم مهمه قائلا بشك لاح من صوته:" م م ما بك ... أ لهذه الدرجة مؤلم!"..
أومأت وهي تطأطأ رأسها خجلا و تنحني قليلا بظهرها باتجاهه...
سحبها إليه واضعا يده على بطنها يجسه ...
همس قائلا:" تعانين من الغازات!"...

ارتبكت وهي تشعر بأنامله المتمرسة تتنقل على محيط بطنها..

تنهد و قفل يغسل وجهه ثم عاد إليها و سحبها من يدها نحو غرفتها، اجلسها على سريرها آمرا:" تسطحي سأعود إليك!"..

رواية لا ترحل !.. ®  بقلم درصاف الذيبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن