١٠: سلامِ.

1.4K 81 316
                                    




بحر رابح/...

دُوار، ثِقل، حرارَة.

هذا ماكانه وجودِي في هذه اللحظَة، كأنني غرقت في رمال مُتحركَة سحبتني لقاعها الخانِق والحارِق،
وفقدتُ شعوري تمامًا في هولِ الرمالِ واعتصارها لي.

ولكن شعوري عاد الي رويدًا، رأسي يتدلى للأمام، ادركت هذا، قدماي تمسح الأرض، ذراعاي تحيطان عنق شخصينِ يلهثانِ ويتشاركان في سحب جَسدي الغائب.

لطالما ظننتهُ مسكينًا، ذلك الشابُ الهزيلِ الذي كان
يستغله سيف قبل وصول قيس، كان الجميع ينبذونهُ ويمقتونه، تدمرت صحته وعقله وجسدهُ، ورُمي جانبًا
خاسِرًا حمايتهُ من الضابط الذي شبِع من ألتهامهِ والقاه لرحمة عنبر مليء بالرجالِ المكبوتينِ .

او هذا ماظننتهُ، ولكنه حين جاء الي قبل بُرهة، باكيًا
ومذعورًا، يعضعض اظافر اصابعه النحيلة وتنزف شفتيهِ الثخينة، شعرهُ الحالكُ مبعثر وملابسه الزرقاء فوضوية، وتوسلني ان اُساعده..

ان سيف رغم انه توقف عن مضاجعته وتزويده بالمخدرات الا انه كان يحميه، والآن بسببنا لم تعد تلك الحماية موجودَة..

أعرف، كان علي انتظارُ قيس ليعودُ، مُناداة عُمر والتحقق من قُربه حولي، كنت واهنًا ونعسًا وفاقدًا لتركيزي، لم يكن ذهابي وحيدًا فِكرة جيّدة..

ولكنهُ قال الّم يُناديني وحيدًا فلن يكتفون بضربه فقط..
وكنتُ ادرك المقصد المروّع خلف ارتعاشة كلماتهِ وعينيهِ الواسعة.

لم يكن شيئًا خطيرًا، سنقفُ في منتصف الساحة، وسط الجميع، تحت انظارِ الكاميراتِ والضُبّاط، حتى ان قيس سيستطيع رؤيتي في الطابق الثانِي، ايّ لا مشكلة معه أيضًا..وسأنقذُ بأمانٍ شابًا اصغر مني من التعرض لاغتصابِ موحِش.

لذلك خرجتُ معهُ، اسير خلفه مراقبًا ظهره المنحني وعناقه لذراعيهِ الهزيلة والمليئة بالبُقع الارجوانية من حُقن المخدراتِ، انها غامقة وحادة الوضوحِ، مازال لم يتوقف عن أخذها ؟.

حسنًا، لن احكُم، كُنت لأُدمن كذلك لو انتهى بي الأمرُ في حال مثلهُ.

بدأنا نخرج عن وسط الساحة، سار الى مفترق طُرقِ
احدهما يؤدي لقسم المطبخ والآخرُ للمستودع، لم يبدأ العمل بعد لذلك كان المكان فارغًا، نظرتُ خلفِي،
حتى الطابق الثاني بعيدُ، لايمكن رؤيتي من هنا.

توقفت عن السيرِ، فالتفت ينظرُ الي عاقدًا حاجبيه
فوق عينيه المحمرّة والمُرتاعة مواصلًا عناقِ جسده الضعيف والمُرتجف "ماجد؟ فينهم؟ مو قلت
لي في نص الساح.."

قيسٌ بِلا ليلى. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن