١٨: نورٌ وعتمَة.

2.4K 90 715
                                    






بحر رابِح/...



الوهمُ حكاية وحدِي ارى فيها مالايراهُ سواي..

لا..انتُم مُخطِئون، لا احدَ فيكُم يفهمُ شيئًا.

في وسطِ الفزعِ والهربِ والذِعر والغثاءِ، الجُثث والدّماءِ
والصُراخِ، كنتُ اقفُ كسببٍ مذعورِ من نتيجَة، ذِكرى تغشَى عيناي كطيف يفزعُ فرط غُربة العالمِ عليهِ.. الذّكرى
تُطمئنني، انا لم افقد صوابي، هذه الأرض فعلَت.

كُنت في السادسة عشر، اجلسُ مع نسمة على شاطئ البحرِ المُظلِم، شعرها طاغي السوادِ يلمع طويلًا على كتفيهَا فوق
عباءتها البُنية، نضع أقدامنا فِي الموجِ، تعزِف على العودِ
وتُغني معِي بالإنجليزيّة، ننتظرُ ابتعاد بُرهان الذي ذهب
يجلبُ لنا الايسكريم حين توقفت سيّارته امام الكورنيش
وشهقنا بلهفَة اخويّة متواطئة ورّطتهُ.

كنت انتظرُ نهاية الأسبوع بفارغ الصبرِ كي اخرجُ معهما بسريّة عن عائلتنا..كان قد مضى شهرُ منذُ رفض والدِي
تقدُّم برهانِ الأول لنسمة، كما سيرفُض ثلاثة آخرين ويقبلُ
حين يفوت الأوان كثيرًا.

توقفت عن العزفِ عندما ابتعد الرجُل الطويلُ عن
ناظرينا، الصقتُ كتفي بكتفها حالًا، كان إرساله لجلبِ
الايسكريمِ شِفرة بيننا "شرايك؟ تِحسّو متخطّي؟" سألتنِي،
وزممتُ شفتايَ انفِي بأعيُن عابِسة.

اُخبرها؛ انه كثير الشرودِ والنسيانِ والضياع، ان عينيه
شديدة الإحمرارِ كأنفه، قد يكون هذا من
مناوبتهِ الطويلة ولكن هذه علامة اُخرى؛ لماذا صارت لديهِ
مناوباتِ طويلة طوال الأسبوع! لم يكن طبيبًا متدرّبًا حتى!.

وتوافقني قائلة انها لم تعد تستطيعُ السخريَة معه مِن خطة
والدي الابديّة بتزويجها لأحد الأقارب دون ان تُثار دموعُه، يبدأ بركل الصخور في طريقهِ..

ويقطّع بتلات الزهورِ متصلًا بها في آخر الليل ليخبرها ان الزهرة قالت انهم سيتزوجونِ، ثم يتصل ثانية ليقول مفعمًا بالحُزن ان الزهرة لم تنتهي على لِقاء لا فراق فيهِ.

كان الرّجل يفقدُ عقلهُ، حتى والدتهُ المُنفصِلة والمسنّة
صارت تتصلُ بنسمة فزعة على اِبنها لتعطيها دليلًا شاملًا
للتعامُل مع هذا العاشق البائِس، كيف اوقفه عن تمزيق الزهور يانسمة؟ غرفته صارت مذبحة بُستان!.

كيف اجعله ينام؟ انه يُفزعني كُل ليلة..احرَق نصف
قدورِي ودمّر مطبخِي كي يتعلّم المطبخ الايطالِي كُلّه!
الايُمكنك ان تحبّي الكبسة الحمراء فحسبُ وترحمي
مطبخي ياعزيزتِي؟.

لقد امتلأ سطحي بسربِ حمامِ زاجِل! انه يعتزم تدريبهِ
ليُرسل لكِ بِه كل صباحِ ومساء! لقد بدأ يحوّل شُرفتي الى بُستان من الأقحوانِ! النحل يغزو منزلنا!.
ارجوك احذري مم تتحدثين به معهُ يانسمتهُ!.

قيسٌ بِلا ليلى. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن