٤ : حسابٌ جديد

1.3K 80 211
                                    





قيس كمال//...



هدَمتنِي.

لم تكن مجرّد عثرة، لم تكن مجرّد عقبَة يمكن تجاوزُها،
الساعاتُ السابِقة، هدَمتنِي، آه اجل، مثلهُ بالضبطِ.. مثل بناء متساوٍ بالارض من الرماد والحُطامِ، لايعرف المارّة حتى ماكانهُ هذا البناءُ في قوّته وثباته.

ثم بعد ان تيقن ان كل اركاني سقطت، ان سقفي تساوى بأرضِي، رماني على ارضِية العنبرِ التاسعِ، عُمت مساءً ايُها العنبرُ الذي لايعرف مساءً ولا صباحًا..
ارجُو ان انينِي لم يُبالِغ في ازعاجِ هدوئك.

ولكن جسدُي كان متوجعًا، مليئًا بالخدرِ منِ الكهرباء التي واصلَت صعقِي لساعاتِ، رفع خلالها صوت المذياعِ على القرآنِ كيلا يسمع احدُ من الخارجِ صُراخِي.

وظّل يخبرنِي انهُ ليس حقيرًا، ولن يُجبر نفسهُ علِي، واني في النهاية سأوقف عنادي السخيفِ واعلنُ رغبتي الحقيقية فِي ارضاءِ شهواتهِ، في عيش قِصة عشق بطولِية وملحمِية وممنوعَة، في تكريس حياتِي لمُغامرة يكون هُو بطلُها المغوارِ.

سيفِ..انه يعطي للبشاعَة مستوًى آخر.

انقلبت على ظهرُي، جسدِي يتعرّق فوق الرُخام البارد، المساجين ينظرون الي من خلف القضبانِ، ولا ضابط واحدِ في المناوبَة يمكنه مساعدتِي..

رماني هنا بعد ان اخرجني من المشفَى، يرينِي الجانبِ الآخرِ الذي يمكن لأسمِه ان يضعنِي فِيه.

"مافيكُم رجال يساعِد؟.."صرختُ منتفضًا من البردِ والحرارَة التي اخذت تتناوبُ على العبثُ بنظام جسدِي وسلامتِي.

كنتُ اريدُ غطاء سريرِ..اي غطاءِ، سأتجمدُّ..
حتى بكفنِِ سأرضى.

ولكنهم لن يساعدونِي، لأنه اعلن بعد ان رمانِي، ان من يجرؤ على اعطائِي اي شيءِ، سيستلقي في مكانِي.

يخدمُ عِبرة في ليل طويلِ، عِبرة مايصيبُك حينِ لايرضا حارسُ العنبرِ سيف الصقار عنك.

"يامخانيث ابن الكلب القصير هذا مخصيكم كلكم؟!"
جمعت قبضتي على الأرض وصرختُ محدقًا للسقفِ،
يرد الصدى صوتي لِي ساخِرًا منِي، انظروا الِى قيس،
يحاول استفزاز رجال جبناء خلف القضبانِ ليعطوه غِطاءً.

انظروا الى قيسِ، الملعُون بإسم قدّر له ان يكون قِصة في لسانِ العربِ، استمعوا الى قصته كيلا تكونوا مِثله،
انهُ قيسُ بِلا ليلّى، ولكنهُ نالِ نصيب سميِّه من الجنونِ..

رمّى بنفسِه الى النارِ ظنًا انهُ سيجد النجاة فِيها، والآن..
وسيلتهُ للخرُوج رجُل ليس موجودًا، وهو عالقُ في رحمَة نرجسِي ملعُون بأوهام العظمَة.

قيسٌ بِلا ليلى. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن