١٢: صَار ندبًا.

1.5K 78 92
                                    







بحر رابِح/...

اذكُرها جيدًا..المرّة الأولى التِي رأيتُ فِيها حبّة كهذهِ.

مضت ستة شهورِ على ابتعاثِي، كتبتُ لتوّي أكبر مقالاتِي جدلًا واكثرها انتشارًا في مدوّنتِي، راقبتُ حساباتِي الإلكترونية بانتشاءِ مع هلالِ، بينما تحدّث الجميعُ عنّ كلماتِي، غضبوا، ولعنُوا، وقذفوا، ولكن قليلًا منهم وافقني، وكانوا انتصارِي.

لنحتفِل..كانت تِلك كلُمة خطيرَة، لايجدُر بايّ شخص يُحب مصلحتهُ ان يوافق عليها ان كان من قالها هِلال.

لم تكُن فِكرتي عن الاحتفالِ صاخِبة، كنت سأحُب كأس
نبيذ احمرِ خفيفِ، شيءُ لايجعلني ثمِلًا ومصابًا بالصُداعِ غدًا، او بلا كحولِ على الإطلاقِ، فانا لم اكُن اُجرّبها الا لخاطُر التجرُبة، لم اُعجب بطعمها ولا تأثيرها، ولستُ مولعًا بإفسادِ صحّتِي!.

كوبُ قهوة دافئة، ربما حليبُ شوكلاتة ساخِن، لنجلس في بطانيَة ناعِمة، ولنشاهد فِلمًا ودودًا وخاليًا من التعاسَة والثقلِ والكآبة، او لنشغلِ الموسيقى ولنغنِي،
مع وردَة، مع عبد الحليمِ، مع فيروزِ..

او ببساطَة، قبّلني واحتضنّي وطمئنِّي،
ذلك هو كل مايعنيه الاحتفالُ بإنجازٍ ما لِي.

ولكني كُنت موغِلاً في تكبُّري وهجرِي لتواضعِي
في تلك الليلَة، اردتُ الإمساك بقيود حذري التي ربطّتها حولي سنينًا، وبترهَا، النظر اليها واخبارها اني لم اعد خائفًا من شيءِ! لقد كتبتُ، قُلت، كفرتُ.. وانتصرتُ.

لذلك وافقتهُ، ارتديتُ معطفًا طويلًا اسودًا فوق قميص
رمادِي طويل العُنقِ، فقد كانت برلينِ آنذاك تُبالغ في برودتها وتُحرجُ تحمُّلي المُعتاد على دفءِ شتاءِ جِدّة..

"فِين؟ رايح الجامعة على هاللبس؟" اطلّ من الحمام ينتقدُ وقوفي امام مرآة غرفتنا الطويلة لأتخذ قراري بشأن ارتداء قبعة ام لا، هل اُضحي بسمعي واتركه للبرد القارسِ؟.

"برد! ماقدر اخفف اكثر من كذا ارحمنِي".
التفتُ عليه عابسًا، كان في وسطِ وضع كحلِ حول جفنيه ليُبرزِ لون عينيه الكهرمانيّ، شعره البُني متعاقد في فوضاه خلف ربطَة رأسِه الخضراء لضفدعِ محمر العينينِ.

تقدم الي يغلقُ عينه اليِسرى ليطبطب على جفنه بأصابعه بتمرّس غير محتاج للمرآة، توقف امامِي
يدفعُ معطفي جانبًا ويرفعُ القميصِ على قميص آخر
"ياحبيبي ولابس دبَل! فصّخ انا اقول".

امسكتُ بيدِه اضمّها بين كفاي، اهُزها يمينًا ويسارًا
وارجُو "مابي ماحب ابرُد! وين بتودينا اصلًا
مو مطعم؟ خلاص مايحتاج شيء خفيف!".

قيسٌ بِلا ليلى. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن