قيس كمال/..وكأن ساعة الزمن عادت سِت سنوات الى الوراء،
ركضتُ عليه كأنني قيس ذو السابعة عشر، قيس ذاك
انفجر لأن شعورِ الاستغفالِ جرحه، لأن ثقته بصديقه
اشارت عليه وضحكت لمدى حماقته..وقيس ذو الثانية والعشرين، يقفز عليه الآن ويوسعه ضربًا، لأنه ذاقها بكل كيانه، التكلفة الهائلة التي دفعها بسنوات حياته، بقضائه سنة في الإصلاحِية دون ذنبِ،
وانتهاء فرصته في دخول اي ثانوية.فقط لأن صديقهُ الشريفِ رفض ان يكذب لإنقاذ حياته كُلها.
"جابك ربي ياقحبة، والله مايفكك من يدي غير عزرائيلك!"صرختُ ضاربًا ماستطعت الوصول اليه من خلف ذراعيه، وحين بدى وجهه عصيًا على الوصول، احكمت قبضتي حول رقبتهُ، حدث ان ليداي خبره اكبر في ذلك.
انني عشت طويلًا لا اريدُ من حياتي غير ان ترميك في وجهي مجددًا..
ماذا فعلت؟ كيف عشت انت؟ هل نسيتني تمامًا؟ هل انا شيطان يقفز من عتمة ذاكرتك، من الرفوف المنسية والمغطاة بالغبار، ويفزعك جدًا في استقرارك؟..
ارجوك، اعطي عقلي السلام الذي كان يتمناه وقل اني كذلك، اني وجدتك في لحظة لاتتوقعها لاكسر عنقك.
نظرت عينيه العسلية في وجهي، تنحني حاجبيه فوق صدمته او فزعه ويحاول دفع يدي عنه، لم يكن يحاول بجدية او ان هذا هو حقًا مايظنه كافيًا لإبعادي.
بدى متجمدًا ومأخوذًا من ادراكه.
سيفُ، والسجين الاخر الذي جاء بحر معه، كانا معًا يحاولان جرّي من فوقه، ورغم جوع جسدي وتعبهِ من شهري في الإيقاف، الّا اني كنتُ خارجًا عن السيطرة، مشحونًا بنارِ الحقد الغاضِبة، لم يكن العالم بأكمله قادرًا على فصلي عن عنقهِ وهو مازال يتنفس.
ولكن صاعقًا كهربائيًا من سيف، كان قادرًا بمثالية
على إيقافي.سقطتُ بين ذراعيه التي جرتني من فوق بحر، واصلت التحديق به بينما يسعل ملتقطًا انفاسه، يجتمع حوله السجناء ليطمئنوا عليهِ، كالسابقِ..لم يتغير اي شيء.
يسحبون قيس الشيطانِي الدنيء الى حضيض حياتهِ،
ويجتمعون حول بحر المسكين، طفل الأغنياء الشريفِ.ولكن شيئًا تغير هذه المرَة، استطعت رؤيته، وجهُ بحر.. كان يحدّق بي من بينهم وهو يسعل ويجاهد لاستعادة انفاسه، وفي عينيهِ، نظرة هلعِ تامِ، تتوسع اجفانه حول عسليتيهِ الغارقة في عروق حمراء،
وكأنه رأى شبحًا.أجل.. انا شبحُ، انا الشبحُ الذي قتلته بشرفِك، وعدتُ
لأخذِ ثأرِي."سلامات جاك شي؟" سأله السجين مربتًا على كتفه، مسح بحر على ذراعه يومئ له مواصلًا التحديق الي، "قيس؟"
ولعله خيل لي انه نادى اسمي، انه مازال في الحقيقة يتذكرني..
أنت تقرأ
قيسٌ بِلا ليلى.
Acciónقيس كمال كان اسمِي. ولدُ السوءِ بلفظ جدّتي، خيرُ الدنيا بلسان والدِي، حارسُ الحكاياتِ بقول اُختي، قاتلٌ حقيرٌ بقول سجّاني، العاصي الفاجرُ بقول الكثيرينِ، انتهت معهم أصابعي، وقيس بحرِِ بقولِ حبيبي. ان كان المرءُ يُعرف بالأسماء فقد سموني بالكثير،...