١٣ : ربانزِل.

1.7K 86 506
                                    









قيس كمال/...

شيئان كانا يرتجفان بشدّة في الغُرفة، جسدهُ وقلبِي..

كان يلهثُ ويئن ذائبًا في حرارة انفاسِه وتعرُّقه بعد
استفراغهِ المُوجع، يرفعُ يديه واهنة الحركة وضعيفة الدقّة ليدفع بعيدًا اِبرة الطبيبِ "لا..مابي، لاتعطيني شيءُ، مو انا، مو انا الي تبونه.." ويهذِي، شِفراتُ حامية في نبضِي.

"لازم تأخذها يابحر هذي علا-" أندفع بغتة من استلقائهِ
وكأنه يضع كل قوتهِ فِي انتفاضته هذه، يمسك الإبرة
راميًا إياها لتتكسرِ في اصتدامها بالجدارِ البعيدِ، يسحبُ
الطبيب من ياقته، رأسه يترنحُ، عينيهِ تتشوشُ فِي وسطِ نارِ عروقهِ..

"انا مايلزمنِي شيء! لاتعلمني وش اسوي! شوف
وين وصلتونِي! كله منكم!!" صاح بينما حدّق الطبيبُ بي "ماودك تتحرك!!" يحاول تحرير نفسهِ من قبضة
رجلُ في واقع مُحترِق "الله يلعنكم!" مددت يدي الى كتفيه "كله مني" اهتزت حدقتاي "الله يلعني!" تستغفرُ
نبضاتِي التالية عنهُ دون سيطرّة.

امسكتُ بذراعيهِ، في وجهي شحوبُ الأشباحِ وخوفُ
المقابِر، اشدُها للجهة اليُسرى حيث كنت اقفُ خلفهُ،
يقاوم واترنحُ بصعوبة "لا مابي! فكّني!" يحاولِ الطبيب
بأسرع مايمكنه ملء حُقنة اُخرى..

ويُسحق قلبي حين يهتفُ "كم مرّة لازم تعوّرني
عشان تقول بس؟!" العالم؟ انا؟ الطبيب؟ من كان يُعاتب؟ انفاسهُ سرِيعة، ورُغم حِدة صوتهِ كان مُفرطًا في حُزنهِ، غمرتني رغبَة قويّة في ترك يديهِ، فِي كسر هذه الحُقنة التي تُريعهُ ومُعانقتهُ حتى يهدأ.

الّا اني كنت ادرك ولحدِ يُثيرُ الغثيانِ اني لا املكُ ذلك
الحقِ، انِي، وعِناقِي، لانملكُ ذاك التأثيرُ الذي تتخيل نفسِي بأن يكُونِ، وكانت الفِكرة تلسعُني، لو كان بُرهان
هُنا، لم يكن بحرُ ليبدو منتزعَ الطُمأنينَة وبالغِ الخوفِ كماهو الآن.

وحل الجزءُ الصعبُ، كان على الطبيب ان يحقُنه
في ذراعهُ، وبوحشيّة، كان بحرُ مستنفرًا بنصفِ وعييّ
او اقلِ على منعِ تلك الحُقنة من الوصولِ اليهِ، ركلَ، عضّ، وشتم وصرخَ، يستنزفُ طاقته واكوامًا من طاقتِي لتثبيتهِ ولمُجردِ تحمُّل رؤيته على هذه الحالَة..

تحت سطحِه الهادئ..هذا الرجِل لم يملك اي
شيء مستقرًا.

اضطر الطبيب لاستخدام حُقنة مهدئة اولًا لإيقاف هيجانِه، ثقُل جسده بين ذراعايَ وتوقفت تخبطاتهُ،
اُغلقت عينيهِ على مهلٍ وهو يُردد "كله مني،
كله مني.." ماذا يمكن ان يكون ذنبُ يُبرر
حالة كهذه؟.

زفر الطبيبُ تنهيدة مُتعبة، يعدّل نظاراته سميكة الاطارِ
وثوبهُ المائلِ، انزلتُ بحر بحذر على السرير مرتفع المُسند، اسحبُ ثوبي معدلًا بعض فوضاهُ "اعوذ بالله اخيرًا سكت!" يهتفُ رجل كان منومًا فِي نهاية الغُرفة
"عساه مايقوم!" يتمنى رجُل آخر محاولًا العودة لراحتهِ..

قيسٌ بِلا ليلى. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن