بحر رابح/..كأنك تخوضُ في ذاتِ التجرُبة مجددًا؛ وقفت في وجه
قِطار، دهسك وحطّم ضلوعك وملأك بالإعاقات، وبعد
سنواتِ؛ بالكادِ تعافيت، والآن، يخبرونك ان تقف امام القطار ثانيَة، وان تتوقع..نتيجة مُختلِفة.انا وقَيس، كنا نقف امام القطار، كلانا كان القِطار،
كلانا كان الأحمق الواقِف على السّكة.لم يكُن لدي فكرة عمّ علي قولهُ، بل لم يوجد مايُقال؛
لم اُرد تسليمه مصيرِي، ولم ارغَب ابدًا بالتحكُّم فِي مصِيره، نُقطة خِتام.العرقُ يتكوّر على جبينهِ القمحِيّ تحت تموّج خصله البُنية، وريقِي يجِف، ابعد نظراتهِ المُتخشّبة كبئر
جافَة عنّي، ينظرُ الى الأبرصِ "عطنا خمس
دقايقِ نقرر".يطلُب، كوجبة اخيرة قبل الإعدامِ، يُشاور مُدير اللعبة
الخسيسة اللاَّعبين الآخرَين، في اوجههم ابتسامة ثِقة، غرُورِ، كمن يدخلُ الحرب تسليَةً وفي جيبه صكوك الغنائم جاهزة، ويوافقونُ على مضضِ بكرمِ كبيرِ أن نتناقش قليلًا؛ من سيمسك السيف ومن سيُثني ركبتيه.لايهمهم الأمرُ، خطوط جانبيّة فِي مسرحِية
مكتُوبة النهايَة، سيخرجون من هُنا بذبيحة واحدة،
ولو كان الرّب كريمًا معهم؛ ذبيحتين.ماذا تفعلُ خمس دقائقِ بِما لم تحُلّه ستة اعوامِ؟.
ذهبنا نقف في آخر الزنزانة حيث لاسجناء، عضلاتُ رقبتي شائكة ومُتعقّدة ومتيبّسة، مهما دلّكتها لاتَرتخِي،
استند على الجدار خلفه، يطوي ساقهُ ويهزُّها، لم نقُل
شيئًا، لعدة ثوانِ وقفنا بتيبُّس وقلقِ يمزّق الأمعاءِ،
ثُم.. ضحكنا بسريّة.لايُمكن ان يكونُ ما سمِعناهُ للتو جِدًا فارغ الهزَل..
هتَف"كل هالدنيا وماحطّوا الّا حنا سوا؟!" في اختبارٍ
للثقَة؟ فِي تحديد مصيرٍ محتُوم! مسحتُ جفناي المغلقة، كُلما هدأت ضحكتِي عادَت "من كثر ما اعصابي منتاكة للحين احسّه يطقطق!".من تكُون ايّها الرجُل الغرِيب؟ لتأتي مُتطفلًا على جُرحِ حملناه ستة اعوامٍ كامِلة فِي أرواحنا وحياتنا وايّامنا، لتأتي انت وترمينا فِي وجههِ، لتعطِي الدُنيا فُرصة لتُعيده؟.
نحنُ، كلينا وثق بالآخر مِن كُل قلبِه، وكلانا يعرف طعمها فاضِح المرارة والحمُوضة، الخيبَة الشنيعَة،
نحن لأننا التقينانا، لم نعُد نثِق بالآخرينِ بسهولة، لأننا عرفنانا، سقط عالمُنا في هاويَة، وانتَ تريدُنا ان
نعيد الثقة ليس بأي احدٍ الّا بِنا؟..

أنت تقرأ
قيسٌ بِلا ليلى.
Actionقيس كمال كان اسمِي. ولدُ السوءِ بلفظ جدّتي، خيرُ الدنيا بلسان والدِي، حارسُ الحكاياتِ بقول اُختي، قاتلٌ حقيرٌ بقول سجّاني، العاصي الفاجرُ بقول الكثيرينِ، انتهت معهم أصابعي، وقيس بحرِِ بقولِ حبيبي. ان كان المرءُ يُعرف بالأسماء فقد سموني بالكثير،...