لا وجود لطعم السعادة في الحياة، فما بات الود موجودًا ولا الوصال، أصبح العالم مليء بكل ما هو بغيض؛ حيث الفتن والكذب والسرقة، حتى أن القتل أصبح مألوفًا كأنه لا شيء يُذكر أو حتى تهتز له الأبدان.
_"بليز ياعمو متخليهوش يجيب ستات يضربوني، أنا والله مليش أي ذنب من اللي بابي عمله معاكم، أنا بريئة من كل حاجة هو عملها، وهو أكيد.. أكيد بابي مكنش يعرف إنه هيأذيكم بالشكل ده، بليز سيبني أمشي من هنا!"
قالتها بترجي وعينين دامعتين، صوتها المرتجف هز كيان الواقفين أمامها، ولكن أصر «مروان» على حديثه قائلًا ببغض:
"ولما هو كدا مجاش يلحقك ليه ياست؟ سابك مرمية أهو، ده متهزش حتى"
كان يحاول كسرها وقد نجح، حديثه حرك داخلها الكثير والكثير من الوجع والألم وأولهم كان ضميرها الذي حدّثها بكلامٍ لاذع؛ لماذا يا أبي، لماذا تخليت عني هكذا ولم تعبأ بكوني خُطِفت؟خرج الحديث من فم«الحاج إبراهيم» هذه المرة بنبرة جامدة:
"أنتِ فاهمة غلط، اللي أبوكي عامله أصلًا صوابع الايد متكفيش عَده يابنتي، بس نقول إيه نصيبنا أرضنا تتسلب عشان هو يبني مصنع خاص بيه جوا حارة كلها ناس طيبة على قدها، مصنع هيتبني مكان بيوت لناس اتهدت ودلوقتي متشردين في الشوارع ومنهم اللي خسر كل اللي كان قدامه ووراه، غير الأضرار اللي هتملى الحارة بسبب مخلفات المصنع والدخان اللي هيطلع منه، وكل ده عشان أبوكي راجل كبير في البلد ميتقلوش لأ على حاجة، لدرجة أنه نهى الموضوع كله من أقسام الشرطة عشان لما نبلغ منلاقيش أي فايدة من اللي بنعمله ونزهق!"ابتلعت غصة ثقيلة بسبب ما تفوه به ذلك الرجل أمامها الآن عما يفعله أبيها بهؤلاء المساكين هُنا، حركت بصرها «لمروان» الذي كاد يتحدث لولا إيقاف «الحاج إبراهيم» له:
"ده حتى قَتـ..ل بنت..."
لم يكمل حديثه ووجه بصره نحو «الحاج إبراهيم» بضيقٍ لأنه منعه، لماذا يمنعه بأن يقول ذلك؟ يجب على تلك الفتاة بأن تعرف كل مافعله الحقير أبيها!_"أنا والله معرفش أي حاجة من اللي بتقوله ده ياعمو، أنا مليش علاقة بأي شغل خاص ببابي هو مبيدخلنيش فـ أي حاجة والله"
قالتها بحزن طاغي على نبرتها تتوسلهما في السماح ولكنه أجابها بصرامة:
"ماعلينا، إحنا محدش فينا هيأذيكِ أصلًا، أنتِ رهان لحد ما أبوكي يعقل ويرجع الأرض وتعويض للناس عشان تبني بيوتها تاني وهو يقدر يعمل ده كويس أوي، فأنتِ مشرفانا شوية في الحارة، معلش مش زي ما اتعودتِ ولا مكانك بس هتستحملي"ثم وجه بصره «لمروان» ووقف من مكانه متحركًا:
"هخلي فاطمة تكلم الست حكمت تاخدها عندها لأنها أضمن حد، محدش في بيتها غير هي وبنتها"ألقى «مروان» نظرة على التي أمامه وغادر خلف «الحاج إبراهيم» وتساءل بهدوء:
"أنت متأكد ياعمي إنك عاوز توديها عند الاستاذة حكمت؟"أؤمى برأسه وهو يجيبه بتنهيدة:
"أنسب حل يابني، هي تقعد هناك معاها هي وبنتها، لا ينفع تيجي تقعد في شقتي عشان أنا وعبدالله موجودين، ولا عند أي حد تاني مضمون، إنما حكمت قاعدة هي والبت بنتها بس"
أنت تقرأ
تشابُك أرواح
Romantikقُلوبهم على جرف الهاوية، مَعقودة خيوطها بين النُور والظَلام، مُتشابكة أرواحهم بشباكٍ قوية؛ ليقعوا جميعًا نحو الهلاك المُغلف بحبٍ. بينهما حرب لن تنتهي، فهل من الممكن أن تتحول لهدنة؟ أم أن تلك المعركة ستظل مستمرة، ومتشابكة الخيوط، ستظل معقودة للأبد كإ...