19"حادث أليم"

28.3K 1.4K 570
                                    

تطعننا الحياة من أقرب الناس لنا، فنقف كمَن لدغته حيّة لا يقوى على المقاومة ليبقى حيًا، مستسلمًا للموت وتاركًا العالم بأكمله في صراعٍ عنيف كما شَهده وسيظل كذلك، هذه لعبة؛ تسمى بلعبة الحياة، يوجد بها رابح وخاسر، وحيث النصيب ستجد نفسك إما رابحًا أو خاسرًا، حينها ستعرف إن كنت ستعاني أم ستزهو وتزهد!

_"دأنت يومك أسود يا ثابت، أنا كنت حاسس إنك خاين أصلًا، ده أنا هفضح أمك أنت واللي معاك ووليد الأنصايي'الأنصاري'"

أغلق الصورة وقاد سيارته حيث منزله وصعد تحديدًا نحو غرفته يأخذ حمامًا دافئًا ثم ارتدى ملابسه التي يتألق بها كل مرة أكثر من التي قبلها، تحرك نحو الأسفل مُناديًا بصوتٍ عالٍ نسبيًا:
"بابا، ماما.."

أتته الإجابة من داخل غرفة المكتب مبتسمًا لوالده واقترب يجلس على الكرسي الذي يقابل المكتب:
"مساء الفُل يا والدي، عملت إيه في الموضوع اللي قولتلك عليه؟"
أجابه والده بتنهيدة بينما ينظر في الأوراق التي أمامه:
"كلمته يا أنس كلمته، وقالي إن دي أمور مينفعش يطلعها برا عشان وليد الأنصاري حد كبير في البلد، أنت فهمتني في الأول إن الجماعة دول كانوا عايزين يضغطوا عليه وياخدوا منه الورق وبعدين قولت إنهم رفعوا ضده قضايا بالتزوير وبعدين إيه الحوارات دي كلها"

تنهد وهو يمرر يده في خصلاته الناعمة يرفع تلك الخصلة الشاردة التي وقعت على جبينه وتحدث مُفسرًا:
"المحامي اللي كان شغال عالقضايا بتاعتهم طلع خاين، أنا لسه مكتشف حالًا وهيوح'هروح' أقولهم عمومًا وأفهم القصة دي، وأنت بالله عليك تحاول معاه تاني تجيبلي أي حاجة تنفع، بقولك دي فيها جييمة 'جريمة' قـ..تل واغتصاب ونهب لمال الفقيا 'الفقرا"

علق والده ساخرًا بتنهيدة:
"فقيا"
ثم أشار له للواقفة عند الباب تنظر لهما باستعطافٍ ولم تكن سوى أخته -ندىٰ- وهو يخبره بنبرة جامدة:
"ماشي يا أنس ماشي، اتكل على الله يلا، وأختك كانت عايزة تنزل تشتري هدوم ومستنياك، خدها في طريقك!"

ذم شفتيه يتقبل ذلك التنمر بعينين مغلقتين قليلًا ونقل بصره لأخته وهو يغمغم بنزقٍ بصوت منخفض:
"يخيبيت'يخربيت' القيف'القرف' ياندىٰ"
قوس والده حاجبيه وهو يسأله بترقبٍ حاد:
"بتقول حاجة يا أنس؟"

ابتسم في وجه والده سريعًا ابتسامة بلهاء وتحدث يُصلح خطأه:
"لا طبعًا، بقول يا مساء الفيح 'الفرح'، ندى بنفسها جاية معايا، أوامرك يا بابا بيه"
ثم تحرك من مكانه وأشار لها بطرف عينه لتتحرك وغادر خلفها يتحدث بينه وبين نفسه بغيظٍ شديد، وصلا لسيارته وأدارها وقبل أن يقود نظر لها سريعًا بعدما خطر على باله فكرة ما:
"بقولك إيه؟ فاكرة سيلين الأنصايي'الأنصاري'؟ هاخدك ليها الأول أخلص هناك شغل وبعدين اخدك المول تشتيي'تشتري' اللي أنتِ عيزاه، قولتِ إيه؟"

أومأت له بأدبٍ حتى لا يفتح باب سيارته ويليقيها في حديقة منزلهما، فهي تعلم أنه قد يفعلها إن خالفت حديثه الذي كان يعتبر بمثابة عرض ولكن بين طياته هو أمر، ابتسم سريعًا وقاد تجاه الحارة، حيث المستقبل الغامض!

تشابُك أرواححيث تعيش القصص. اكتشف الآن