وتسير الحياة بما لا نهوى، وبما لا نُحب، تسير في بعض الأحيان فوق قلوبنا وأرواحنا، وفي البعض الآخر مدمرة لذاتنا وأجسادنا.
غادر أصدقائه بسيارته نحو المستشفى ليَقِل «مُحسن» لمنزله، يفكر ألف مرة في كيفية التحدث معه مجددًا لطلب الزواج من ابنته، يعلم أن رفضه كان لسببٍ واحد وهو أنه لم يكن بكلية قمة كما هي، كيف لابنته الطبيبة أن تتزوج ميكانيكي سيارات؟وصل وظل جالسًا بالسيارة حتى خرجوا له كلًا من «مُحسن» وابنه «تامر» و«تسنيم»، ركبوا الثلاثة سيارته وتحرك هو بها متحدثًا بتنهيدة:
"حمدلله على سلامتك ياعمي، ربنا يتم شفاك على خير وتبقى كويس"نظر له الجالس جواره بوجومٍ وأجابه بإقتضاب:
"الله يسلمك"فقط كلمتين ليبتسم «عبدالله» بسخرية وطالعها في الخلف من المرأة ثم أعاد بصره نحو السيارة ورمى بكلماته بنبرة هادئة بين طياتها البرود:
"بالمناسبة ياعمي، حوار رفضك ليا ده أنا هعتبره متمش وعايز أطلب ايد تسنيم تاني، او للمرة السابعة مش فاكر، حبيت أقولك عشان يبقى عندك خبر إني عايز اجي اتقدم"
نظرت له سريعًا من المرأة هي الأخرى وارتجف قلبها، لماذا يتحدث في هذا الأمر الآن وهي لا تود أن يحدث لأبيها شيئًا، مررت نظرها على «مُحسن» ثُم على «تامر» الذي بث الطمأنينة لها بنظراته مُشيرًا لها بأن تصمت، كلمة واحدة من والدها بسخرية وهو نظره مثبتًا على الطريق:
"مرفوض"ابتسم الثاني بنفس السخرية وهو يلعب مع والدها على نفس الوتر هذا، برود فقط قد يُثلج من أمامه، يبدو وكأن الحرب بينهما باردة ولكن اشتعالها سيكون ذريع، وسأل بكلمة واحدة كما فعل والدها:
"ليه بقى؟"طريقة أخرى جديدة في المُعاملة وكانت بإهانة لشخصية «عبدالله»، حينما تحدث «محسن» بنزقٍ:
"عشان أنت مش قد بنتي مقامًا عشان تتجوزها، أنت حيالله معاك كلية آداب يا عبدالله وفاتح ورشة على قد حالك، أبوك راجل طيب متخلناش يحصل بينا مشاكل أكتر من كدا، شوف واحدة على قدك تتجوزها، ولا إيه ياتسنيم؟"لماذا وضعها في هذا الإختبار،
أتكسر قلبه الآن بكلمة واحدة تعلم بأنها ستكون الناهية بالنسبة لعلاقتهما، أم تكسر كلمة أبيها؟
ولكنها أختارت شيئًا واحدًا وهي تهمس بنبرة بالكاد وصلتهم:
"صح يابابا"ألقى عليها نظرة سريعة من المرأة، نجح والدها بكسره هذه المرة بأمتياز، أتخذ أسلوبًا هو بارعًا به بشدة، وهو إخفاء غضبه الذي إن خرج لن يعجب أحدًا:
"خلاص بالتوفيق ياعمي، وأنا أوعدك أن أنت هتفضل محافظ على علاقتك مع أبويا عشان متخسروش بعض، ومن اللحظة دي تسنيم متحرمة عليا، متنفعش غير أختي وبس"توسعت ابتسامة والدها بنصرٍ، بينما هو ضغط على المقود بيده وصمت بعد ذلك، ولم تخرج سوى جملة واحدة من فم «تامر» مواسية:
"ربنا يرزقك ببنت الحلال ياعبدالله، أنت تستاهل الخير كله ياصاحبي"
شكره بابتسامة مقتضبة:
"تسلم، ويرزقك يارب"
أنت تقرأ
تشابُك أرواح
Romansقُلوبهم على جرف الهاوية، مَعقودة خيوطها بين النُور والظَلام، مُتشابكة أرواحهم بشباكٍ قوية؛ ليقعوا جميعًا نحو الهلاك المُغلف بحبٍ. بينهما حرب لن تنتهي، فهل من الممكن أن تتحول لهدنة؟ أم أن تلك المعركة ستظل مستمرة، ومتشابكة الخيوط، ستظل معقودة للأبد كإ...