14"للغدر مذاقٌ آخر"

28.1K 1.3K 306
                                    

"ده يامساء الجمال، وحشتيني"
دلفت بخطواتٍ سريعة وهي تطالعه من أعلاه لأسفله قائلة بنزقٍ:
"ساعة عشان تفتح، خُفت حد يشوفني وأنا جاية"
اقترب يعانقها وهو يزيل عنها غطاء شعرها بعشوائية والابتسامة الماكرة تُزين ثغره:
"متخافيش يا ديحة، أنتِ برضو خبرة في الحاجات دي!"

دفعته بعيدًا عنها وقابلته بحديثها السام الحاد:
"تقصد إيه؟ أنا أصلًا مستحملة وساكتة على الورقتين اللي بينا دول يافتحي، أنا عايزة تيجي تتجوزني رسمي وتطلبني من أمي، هو أنت يعني هتلاقي زيي فين، دا أنا بفضيلك الجو عشان تنول اللي أنت عايزوا مع النسوان!"

سيطر على عقلها بكلماته المعسولة وهو يمسك يديها بين راحتيه بنبرة واهنة:
"ماهو عشان كدا بحبك ياديحة، أوعدك إننا خلاص قربنا وحالي بدأ يتظبط وهتجوزك رسمي يابت، هو أنا يعني بعمل اللي بعمله ده لمين؟ ليكِ عشان تبقي مرتاحة وأنتِ معايا، واعيشك ملكة!"

مررت إصبعها على خده بغنجٍ متحدثة بنبرة بها الدلال:
"اممممم، ماشي.. أنا قولت لأمي إني نازلة رايحة مشوار ساعتين للبنت رنا مرات آسر عشان أهون عليها إنه اتجوز عليها مرام"
سألها وهو قاطب حاجبيه معبرا عن نار الغيرة التي بداخله:
"ألا صحيح إيه حوار آسر ده مع أمك؟ أمي بتقولي أنها
عايزه تجوزهولك!"

زفرت بسخطٍ ثم أجابته بغنجٍ:
"ما أنت عارف إنها عايزاني أتجوزه علشان مهندس ومعاه فلوس وعربية، عايش عيشة كويسة، بس قولتلها هو بيحب رنا مراته بس لما اتجوز البنت مرام قالت يمكن في فرصة يتجوز تالت، فبتحاول تحوم حواليهم"

مد يده على شعرها وأمسكه يهددها بنبرة جافة:
"أنتِ طبعًا هترفضي صح! بلا آسر بلا بتاع أنتِ بتاعتي حتى لو لسه متجوزك عرفي، هتجوزك رسمي بس اتقلي عليا!"

حاوطت عنقه بذراعيها وأدرفت بدلالٍ:
"عارفة ياقلبي عارفة، وأنا استحالة أبعد عنك ولا اتجوز غيرك، إحنا لبعض لآخر العمر"

ابتسم برضا ساحبًا إياها نحو بقعة سوداء ستبتلعها قريبًا، الحياة تجعل الحقير من نصيب الحقير، والطيب من نصيب الطيب، والقاسي للقاسي، وفي بعض الحالات الشاذة يُدمج اثنين معًا من كل صفة؛ فينتهي بهما الحال منفصلين تمامًا.
__________

في صباحٍ جديد أشرقت شمسه لتنير قلوبهم المتعبة، المظلمة، تنير أرواحهم وأفئدتهم!

يجلس منزوي بين ركنه المميز ممسكًا في يده ورقة وقلم يدون عليها بتركيزٍ شديد بملامح يعتليها الأسى:
"السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد لذكرياتي الأليمة التي تقسو عليّ يوميًا في واقعي وأحلامي، ما بين الأسف على حياةٍ أعيشُها وحيدًا، وبين القهر على أحبتي الذين يعانون في الحياة، وبين الحقد على اعداءٍ سلبوا مني أحبابي، الكوابيس التي تراودني لا ترحمني يوميًا، فأنا كُتب عليّ الوحدة؛ أنا التائه في سبيل الحياة باحثًا عن الأمان الذي سيداوي جراحي. <مروان عبدالمجيد>"

تشابُك أرواححيث تعيش القصص. اكتشف الآن