أي قنبلة تلك فجرها الآن في وجوههم، أي المصائب ألقاها الآن في لحظة لتفتح فجوة كبيرة في قلبها هي؟
يقول أن والدها قتل أمها!
كيف أمكنه قول ذلك؟
عقلها توقف عن التفكير، وتوقفت هي تمامًا في تلك اللحظة لا تستطع استيعاب ما يقول، وكأن الزمن توقف وتوقفت هي، سمعت أصوات غير مفهومة حولها من الجميع، «وأنس» يبرر لهم كل شيء ويخبرهم بما عرف، ولكنها لم تفهم حديثه وكأنه يتحدث بلغة لا تفقه عنها شيء!تذكرت كل لحظة كانت جيدة مع والدها؛ فلم تجد أي شيء جيد لتغفر له ما فعله، وصل به الحال بأن يحرمها من أمها ومِمَن كانت أحن شخص عليها، جعلها تفقد الحنية والأمان والإستقرار!
هي الآن بحرب قوية، هي الطرف الأضعف وخصيمها والدها وهو يُنهي حياة كل من تُحب؛ أمها، حيوانها الأليف، حبيبة حبيبها!
هي الآن تعيش نوعين من الصدمة؛ أولهما صدمة الفقد، بفقد أحبتها، وثانيهما بأن القاتل «وليد الأنصاري»؛ والدها!فاقت عليه ينبس جوارها بجسده القريب منها بسبب صمتها الذي طال:
"سيــلين، أنتِ كويسة؟"
طالعته ثم طالعت الآخر، صاحب القنبلة المتفجرة في وجهها، وقفت في مكانه واقتربت أمامه ترفع سبابتها في وجهه صارخة:
"أنت كذاب، أنت كذاب يا أنــس، قولي إنك بتكذب، بابي استحالة يقتلها، استحالة يعمل كدا، ده ..ده كان بيحبها، أنت كذاب يا أنس!"تعاني الآن من اضطراب مابعد الصدمة جعلها لا تصدق، لا تستوعب، فقط تنكر الحقيقة المُرة التي تعرضت لها، ثم التفتت في وقفتها «لمروان» تُشير له بيدها على «أنس» والدموع انهمرت على خديها بشكلٍ قاسٍ:
"مروان هو بيكذب صح، استحــالة يا مــروان، استحالة، مروان بالله عليك قوله يسكت وميقولــش كدا تاني!"في كل مرة تستنجد به وبأسمه، وكأنه المُنقذ الذي يُنجيها من غرقٍ في محيطٍ بارد مليء بالجليد، كأنها تجد فيه الأمان والنجاة كمَن يخلصها من بستان مليء بالشوك.
أقترب ناحيتها يلبي نداءها المُتوجع، جذبها من كتفها ناحيته وهو يهمس لها بنبرة خافتة هادئة تبث بعض الطمأنينة بقلبها:
"تعالي نطلع الشقة، واتنفسي عشان متتعبيش"
تهز رأسها باستمرارٍ غير قادرة على التصديق، بينما «أنس» كاد أن يتحدث بوجه حزين عليها، يعلم أن الصدمة كبيرة عليها ولكنه لمح إشارة من «الحاج إبراهيم» يمنعه من التحدث، وتحدث هو بدلًا عنه ينظر تجاههما:
"خدها يا مروان وروحوا خليها ترتاح يابني، البقاء لله يابنتي، ربنا يصبرك!"وكأن أمها ماتت للتو وهي تتلقى الخبر المُفجع بارتجاف شديد، تفتت قلبها وقُيدت روحها.
جذبها«مروان» معه وهي مازالت تردد ببكاءٍ مرير وعينيها مُعلقة عليه في مشيتها:
"قولي أنه بيكذب بالله عليك، قتل مامي وهو عارف إني محتاجة لها أوي، قتلها وأنا لسه بيبي صغيرة!"نظر لها ثم للطريق أمامه ويده تربت على ذراعها بحنية بالغة خرجت من أعماقه لأعماقها وهمس بحزنٍ طاغي على صوته، وكأنه هو الآخر يستجمع موت والده ووالدته اللذين فقدهما خلال يومين:
"حقك عليا، أهدي نروح البيت عشان إحنا في الشارع، أهدي هنروح ونتكلم!"
أنت تقرأ
تشابُك أرواح
Romansaقُلوبهم على جرف الهاوية، مَعقودة خيوطها بين النُور والظَلام، مُتشابكة أرواحهم بشباكٍ قوية؛ ليقعوا جميعًا نحو الهلاك المُغلف بحبٍ. بينهما حرب لن تنتهي، فهل من الممكن أن تتحول لهدنة؟ أم أن تلك المعركة ستظل مستمرة، ومتشابكة الخيوط، ستظل معقودة للأبد كإ...