27"توجس"

30.5K 1.6K 878
                                    

الحياة ستمنحك فرصتان؛ واحدة للانهيار والثانية للتخطي قدمًا، عليك أن تختار بعناية ما الذي سيُناسب استطاعتك وطاقتك، ولكن لا تجعلها آخر فرصة تُعطيها لنفسك، أجعل فرصك في الحياة كثيرة، تمتع بها، تذوقها بصدر رحب سواءً كانت فاشلة أم ناجحة.

ما قيل عن الأبوة ليس بقليل، وما قيل عنها مشاعريًا قوي وعميق، وهو كان أحن الأباء، كان سندها وقوتها في الحياة.
بينما هي كانت له الروح وذلك يكفي لوصفها بالنسبة لأبيها، في اليوم الذي وصله به خبر قتلها غدرًا، وعندما أتته بدمائها وحملها بين ذراعيه يعانقها العناق الأخير، يفتح عيناها ليرى آخر نظرة منها، يقبلهما بنعومة، يلمس على وجهها برقة، ثم يُخبرها بكل قهرٍ:«الحياة ليست للطيبين، وما رأيت منكِ يومًا إلا الطيبة!».

كان يجلس في قسم الشرطة وجواره ابنه وأيضًا «ثابت»، بينما يجلس «إياد» أمامهم يستمع لكل الإتهامات التي يقولها «الحاج إبراهيم»:
"في البداية جه ناس هدوا البيوت دي، كان فيها مبني وكان فيها أراضي لسه بتاعت ناس، نسأل فيه إيه يقولوا ده قرار إزالة من الحكومة وهيجيلكم تعويض، طب فين التعويض مجاش، شوية لما قولنا هنتكلم مع الحكومة خصوصًا إن فيه ناس كتير كان ليها بيوت ومتعوضتش ومنهم اللي قعد في الشارع، فجأة أتضح إنه القرار متزور عشان مافيش قرار طلع بيقول إن فيه إزالة في المنطقة دي، وقتها وليد بدأ يظهر على حقيقته ويهدد تهديدات من تحت لتحت، رفعنا قضية وسقطت بسبب قلة الأدلة معانا، وبسبب نفوذه في البلد!"

هُنا تدخل «ثابت» يشرح له ما حدث بالضبط عندما رفع تلك القضية قائلًا:
"أنا رفعت القضية بدليل إن مافيش قرار إزالة طلع، فراح وليد مطلع عقد بيع وشراء متزور من أهل الحارة ببيع الأرض، والموضوع اتحول من قرار إزالة لعقد بيع وشراء متزور برضو، أنا موصلتش لمين اللي زور بس المحامي أنس النجار عارف ووصل وبيحاول يجيب أي معلومة تفيدنا!"

ثم ترك الفرصة مجددًا «لإبراهيم» يُكمل كلامه بوجعٍ أحتل نبرته وكان معه الحدة:
"بنتي في يوم راحت، قالت هتروح تتكلم معاه بما أنها كانت بتجري معانا في الحوار ده وراحت من غير ما تعرف حد، راحت ورجعتلي مدبوحة!"

أومأ «إياد» لهم، وأستند بظهره على الكرسي خاصته مُمسكًا في يده قلم يلعب به، ثم غمغم بسؤاله:
"حلو ده اللي عاوز أوصله، بنتك عهد، أنت ليه مرفعتش أول حاجة قضيتها وجبت حقها، هو أنت مش معاك أدلة بتثبت إن وليد اللي قتلها وشهود؟"

نظر له «إبراهيم» قليلًا يستشف حديثه في عقله قبل أن ينبس مُجيبًا بهدوءٍ:
"معايا أدلة، وقت ما بنتي اتقتلت الدنيا قامت ومقعدتش ووليد تهديداته جاتلنا صريحة، تهديدات لولادي الأربعة؛ عبدالله ومروان وآسر وحمزة، إنه هيخلص عليهم، كان معايا أدلة هو ميعرفش عنها حاجة ولا حد يعرف عنها حاجة، لو كانت ظهرت للنور في وقت زي ده كانت الدنيا هتقوم متقعدش زي ما قولتلك، قولت نرجع حق الناس وحق بنتي أنا هجيبه بنفسي لحد ما أجمع بقية الأدلة، وقتها وصلني دليل قوي بيثبت إنه وليد هو السبب في قتلها ورجعت سكِت عشان وليد هددني بقتل ابني عبدالله، بس أنا دلوقتي ده الوقت اللي خلاص كل حاجة لازم تظهر ووليد ياخد جزاته"

تشابُك أرواححيث تعيش القصص. اكتشف الآن