٥

833 47 8
                                    

ليت المشاعر قابلة للبيع
ليت الحب يُشترى
ليته يلتفت لها...

جلست زبيدة بجانبها، حركت رأسها بيأس و شفقة على حالها، مصمصت شفتيها ثم قالت و هي تنظر لما تأكله بشراهة فهي من تلك الشخصيات التي تفرغ مشاعرها السلبية عن طريق الأكل :
_كفايكِ بقا

نظرت لها تاج بتزمر، تحسبها تسخر من شراهتها و تشير لفكرة الوزن كذاك الذي لا يشعر بها، لكن في حقيقة الأمر قالتها ضيق من أجلها تريدها أن تكف عن التفكير ب إسلام فهي ترى أن ذاك الصلف عديم الفهم في شئون الحب و النساء لا يستحق ذلك العناء....

_أنا مش عارفة أعمله إيه تاني ابن سهير! دا انا حتى قرأت له كتاب فن الاغواء يكش اطبقه عليه و ينتبه و برده منفعش!

رفعت الجدة حاجبها و قالت بحدة و هي تنحني لتأتي بشبشبها:
_فن الأغواء ايه دا يا قليلة التربية!

نفخت تاج بضيق و قالت موضحة قبل أن تتهور جدتها:
_يا تيتا مش زي اللي جيه في دماغك، دي حاجات نفسية كدا

_بلا نفسية بلا بتنجان! اتلمي و اتهدي و سيبك من اللى بتفكري فيه دا!

زمت تاج شفتيها و نظرت أرضا بحزن:
_بحاول يا تيتا بجد أصلا أنا خُلقي يا دوبك

ربتت زبيدة على كتفها بمواساة و ابتسمت بحنان و هي تقول:
_القلب و حواراته جميلة بس بالعقل و الصح و مع الإنسان المناسب اللي هايقدر يشوف القلب الطيب اللي جواكِ...

نظرت لها تاج بعاطفة جياشة و قد لمعت الدموع بعينيها فهي ذكرتها بوالدتها المتوافاة و شعرت انها تجلس أمامها، ارتمت باحضانها و هي تهمس:
_أنا بحبك أوي يا زبيدة...
##########
و بالغرفة المجاورة كانت تجلس ضي بهدوء تام و بصمت تسيل عبراتها على خديها بينما عقلها لا يتوقف عن التفكير، نظرت بجمود  بجانبها للهاتف الذي يرن للمرة التي لا تعلم عددها، مسحت دمعاتها بقوة رافضة تلك الدموع و مشاعر الحزن أو الضعف ثم أمسكت الهاتف و في تلك المرة فتحت المكالمة فجائها صوت مؤمن الهادئ:
_ ضي! أنزلي نخرج شوية و...

لكنها في اللحظة التي تليها قامت بغلق الاتصال بوجهه، بل أغلقت الهاتف و اتجهت للفراش بهدوء لتنام بصمت، بجمود تام بينما كانت  تنتظر منه أول كلمة ينطقها آسف و بعدها كانت ستفكر إن كانت ستعيد تفكير في العلاقة مرة أخرى و الصُلح أم لا، لكن خابت آمالها و رفضت المشاعر، بل هربت منها و من كل شئ حتى من نفسها بالنوم، علّها تجد عن طريقه بعض السلام...
#########
فوضى...
كل ما يستطيع وصفه يُختزل في كلمة فوضى...
تلك الفتاة منذ رؤيتها و الفوضى هي كل ما يشعر بها داخله، تعيث بداخله...

بالورشة كان منشغلًا بتصليح السيارة حتى سمع صوتها، فقط صوتها و توقف في لحظتها عن ما يفعله، بل فقد تركيزه. تلفت عليها و آه من ما يشعر به لحظة وقوع عيناه عليها، تسير الهويني بوسط الشارع و رغم أنها ترتدي فستان فضفاض إلا أن فتنتها تزيد! و تلك الابتسامة التي توزعها على مَن تمر من جانبه و صوتها المميز الرقيق و هي تلقى السلام و تتبادل المزحات معهم، و بيد تحمل كيس بلاستيكي اسود كبير و بالأخرى ورد. و هنا تردد بعقله سرا أن...
بالله كيف زهرة تحمل زهرة مثلها و تكن أرق و أجمل!
بل أن...
و كأن عقله يزيد من الشعر بيت و هو يخيل إليه إنه يستمع موسيقى شاعرية و زقزقة عصافير!
يا الله!
يالها من فوضى! ...
لكن بلحظة استفاق من تأمله و فوضاه على مشهد صرختها التي اطلقتها و هي تقع أرضًا بعدما أختل توازنها و تعرقلت و هي تمر فوق الأرض المبتلة بالماء و قد وقع ما بيدها في الطين حتى هي تلوثت! و زاد الأمر عندما مرت سيارة سائقها عديم الضمير و دهس الورد فزاد بكائها كالأطفال!
لم يفكر و اسرع إليها حتى وقف بجانبها بل أنه جلس القرفصاء على الأرض و قال باهتمام بصوتٍ أجش :
_متبكيش... متخافيش...

شارع حُبنا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن