١٦

873 55 1
                                    

_انت بتقول إيه يا عزيز!
قالتها فطيمة باستنكار و غضب ليقابلها هو بهدوء و هو يتابع أكله:
_زي ما سمعتي

_طب ليه! و مين!

رد و هو ينظر لطعامه و يتابع الأكل دون النظر اليهنّ و خصوصاً تلك الهادئة:
_ مريم بنت خالتك

_انت بتقول إيه!

كانت فطيمة على وشك الجنون
بينما هي!...
هي لم تتحدث
لم تبدي أي رد فعل
بل أخذت تنظر له بصمت و نظرتها كانت تصيب منتصف قلبه، بينما فطيمة أخذت تتحدث و ترفض و تحاول الفهم و هو ردوده محددة و غامضة حتى أنها من ضيقها و حزنها تركتهم و دخلت غرفتها...

دام الصمت لبعض الوقت حتى نهضت و اقتربت منه و فجأة قامت بجذبه من ياقته بقوة وجهها مقابل وجهه، و عيناها المتقدة تناظر عيناه الغامضة و قالت و هي تجز على أسنانها:
_ فسّر كلامك أو قول إنه كدب

لحظة صمت حتى تحدث و هو يبعد يدها عن ياقته و يشيح بوجهه عنها قائلًا:
_ مفيش تفسير و اللي قُلته مش كدب

دام الصمت مرة أخرى و هي تنظر له و عقلها يستوعب الأمر و يحلله حتى فاز غضبها و جنونها من طريقته و صاحت:
_ انت كدا شايف إنك راجل!

فصاح بها هو هذه المرة و هو يقبض على ذراعها:
_لسانك يا مُهرة عشان ماتزعليش!

واجهته ببسالتها المعتادة و هو يعلم أنها تحترق مثله رغم التظاهر بالعكس:
_مش مُهرة اللي تعمل معاها كدا يا عزيز!

و هنا وسط غياب العقل و الوسط المشحون بالغضب، جملتها أصابت نقطته الحساسة معها فصاح بها:
_ ليه يا دكتورة! فاكرة نفسك مين! عزيز يتجوز ستك و يعمل اللي هو عايزه و زيك زي الكرسي هنا! و اعملي حسابك بكرة هاتكون على اسمي و هاترجع معايا، و أقلمي نفسك على كدا من دلوقتي!

خرج عن طور تعقله، بينما هي ابتسمت!
و نظرتها كانت كرمح يصيب قلبه بألم بالغ
و عقلها يسترجع كل ما كان و كيف كانت تراه و تعتبره
كما أنها تتفهم وتره الحساس معها و فهمه الخاطئ لما قالته مما أدى لجنونه، تلك النقطة التي لا يفهم و لا يريد أن يفهم أنها لا تهتم بها و لا حتى حاولت التفكير بها و مع ذلك كانت دائماً ما تطمأنه، لكنه مازال يضعها حاجز خفي بينهما....

بينما هو صدمته ابتسامتها و اوجعته نظرتها، لكن ما جعله يتسمّر مكانه و تجحظ عيناه عندما ربتت على كتفه بمنتهى الهدوء و قالت:
_تعرف! أنا كنت شايفاك حاجة كبيرة أوي يا عزيز، لو تشوف نفسك بعيوني هتكره نفسك على اللي بتعمله دا...
##########
مرت الليلة كورقة عليهم، و باليوم التالي هرب من المنزل و من عيونها و ها هو عائد و الأخرى معه، يفتح الباب بأيدي مترددة و قلب وجل، هو بالأساس قلبه يؤلمه، يتهرب من عيونها، يستعد لرد فعلها، لكنّه شعر بالريب عندما دخل و لم يجد سوى فطيمة التي تناظره بغضب و حزن هو وتلك التي تقف خلفه، أخذ نفس عميق و بعدها قال:
_سلّمي على بنت خالتك  و مرات أخوكِ يا فطيمة

شارع حُبنا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن