سيكتب في إعلان توعوي أن هزائم الرجال ليست في الحروب فقط، بل من الممكن أن يُهزم الرجل أمام عينان...
عيناها مثلًا...
هي، تهزمه في كل شيء و كأنه بطريقة ما يتحول أمامها لغُرّ غير قادر لا على الفهم و لا التصرف. كما الآن، لا يفهم البرود و الهدوء و هي تنظر له ضاربة بكل توقعاته و أمانيه في رؤية الفرحة بعينيها و إبتسامة سعادة بعدما يبلغها أنه ترك زهرة! لا يستوعب و هي تسأله عن التفاصيل و هو بصراحة و حماس قصّ لها ما حدث و ما شعر و يشعر و هي تقابله ببرود! مِن ماذا مصنوعة تلك الفتاة! كيف لها بكل هذا الجبروت و السطوة و هي تبتسم بسخرية و تضربه قي مقتل و هي تسأله:– و انت منتظر إيه دلوقتي؟
عقد حاجبيه بلا فهم المغزى و قال:
– مش فاهم!– يعني منتظرني افرح مثلاً! ولا منتظر اقولك نرجع ! ولا الاتنين!
أخذ نفس عميق و هو يشعر بالضيق يتفاقم داخله و كما الحيرة من أمرها و قال:
– بقولك سيبتها يا ضي و مش عايزها، اكتشفت دا متأخر آه بس...
سكت برهة و بعدها أردف:
– أنا اكتشفت أني بحبك، انتِ الحب الحقيقي يا ضي اللي كنت منتظره و زهرة كانت وهم عايش فيه، أنا جايلك و طالب سماح، طالب فرصة و صدقيني مش هاخذلك...و هنا اتسعت عيناه و هي تقهقه عاليًا!
بل و لم تكتفي بذلك بل قالت أغرب رد ممكن أن يقال على اعترافه و مشاعره:
– هما بقا يوزعوا البجاحة و قلة الأصل في ازايز و أنا معرفش ولا إيه!تغضنت جبهته بغضب من سخريتها و برودها فأكملت بهدوء و هي تحدجه بتلك النظرة الباردة و الامبالية التي يمقتها :
– يعني أنت سيبتني عشان ترجع لحبيبتك الاولانية و سيبتها بطريقة أزبل من اللي انت سيبتني بيها و جايلي عشان اديك فرصة! انت عبيط يا مؤمن!خرج صوته زاعقًا مستنكرًا:
–ضي!– يعني لو كان في فرصة اديك الأمان بطريقتك الزبالة مع زهرة بالشكل دا تخليني أمحيها، واحد زيك ملوش أمان و مش جدع يستأمن إزاي! واحدة المفروض كانت حاطة أملها عليك و فضلت على زكراك و بصرف النظر عن وجودي في القصة أو هي تستاهل الحرق، بس أنت هي مافرقتش معاك لحظة ، دانت عملتلها تروما دي تروح تتعالج بسببك يا أناني يا ندل!
و خرجت آخر جملتها بحدة فتحفز و كاد أن يخرج غضبه لتصمته قائلة قبل أن تتركه :
– انت مالكش أمان يا مؤمن و أناني و يستحيل تستاهل الحب اللي أنت بتدور عليه ولا بتقول عليه...تركته في صراعته و لم تلتفت للخلف بينما همست لذاتها بعناد:
_اوعا تعيطي،اوعا...
########
دائماً تُدهش الجميع بتصرفاتها و عقلها الواعي، هي ببساطة تعرف ما تريد من الدنيا و كيف تأخذه دون تعقيدات و دون أن تُرهق ذاتها، لكنّ الحياة مُصرّة على اختبارها و مع ذلك تواجه بكل بسالة ليست موجودة بأعتى الرجال...
طلب مقابلتها بترجي هو يحبها كم لم يشعر بتلك المشاعر من قبل، رغم علاقاته و اخطائه، هي التي مرت عليه محت ما قبلها و بعدها. و الآن تضيع منه بسبب رعونته و رزائله. و ها هي تجلس أمامه تستمع له بهدوء و عينيها بعنياه و قد قرر أن يكن صريحًا و يقص كل شيء عن ماضيه و بالأخص تلك التي قابلتها، التي أخطأ معها و من وقتها فقد الحماس لها و المصيبة أنها الآن تحمل منه!
مرّ وقت حتى كفّ عن الحديث و نظر لها بترجي و هو الذي لم يرجُ أحد من قبل:
_ من فضلك يا تاج ماتسبينيش، أنا بحبك والله و بطلت كل حاجة وحشة من قبل ما مرتبط بيكِ...