١٧

944 55 7
                                    

أخبروها أن قلبي ينزف ألمًا بدونها
و أن روحي لا تشعر بالحياة سوى بقربها
و أن لي عتاب عليها ببُعدها فهي تعلم أنني لستُ بخير من غيرها...

يتطلع لعيناها الشاردة بعيداً عن وجهه، أتى لكي يحاول مرة أخرى لتعود معه، ليصلحا الأمر بينهما، و ليس لديه مانع أن تظل على خصامها لكن تكن معه و أمام عيناه التي تشتاق لها و يهدأ كل شيء بنومه معانقًا إياها بدفء كهدنة موقتة حتى يحين حرب الخصام في اليوم التالي...

أخبروه أني في حالةٍ يُرثى لها
و أن قلبي منهار
و روحي كمن على وشك الموت
و أن عيناي تشتاقه
و كل خلية فيّ تتوق إليه
لكنّ ألمي يطغى
و عقلي لا يسامح
و قلبي ينزف
و روحي تائهة
و عاتبوه أن ما أنا فيه صنع يده، ذلك القاسي....

كانت شاحبة
عيناها ذابلة
لكنها مازالت ثابتة و  جميلة، تلك الملكة التي هبطت عليه من ملوك الحواديت لتغزي قلبه و حياته دون سابق إنذار. نهض من مكانه ليقترب منها، يجلس على ركبتيه أمامها مما أجفلها فعله، بينما هو ابتسم بإرهاق و قد أمسك كفيها بخاصته و قال و عيناه تواجه عينيها:
_مش كفاية كدا!

أغمضت عينيها و هي تحارب ذاتها و تحاربه، كما تستمتع بقربه، بلمسته، برائحته، بصوته، فهي تشتاقه حد اللعنة فقد كانت ترفض مقابلته العديد من المرات أمام استسلامه لرغبتها حتى تهدأ لكنه فاض به الكيل و ها هو يرمي كبريائه أمامها ليصفق له عقله قائلًا: لا كبرياء بين الحبيبين يا أبله، كما أنك تعلمت الدرس أخيراً و لن تفتح مجال للفجوة مرة أخرى. فتحت عيناها و ردت ما يعاكس رغبتها و قلبها:
_ طلقني يا عزيز

ليثور بلحظة رافضًا و قد تغضنت ملامحه و اشتعلت عيناه كشتعال غضبه :
_ دا عشم إبليس في الجنة!

سكت يحاول الهدوء و مازال يعذرها، فهي ببساطة تخافه، حبيبته أصبحت لا تثق به فهي تخشى العودة لنفس النقطة، كما أنه يعذر غضبها و ألمها لكونه تزوج أخرى. أخذ نفس عميق ثم عاد ليقول بهدوء:
_هاطلق مريم والله بس مش دلوقتي

التوى فمها في شبه ابتسامة و قالت:
_ مش مهم، مابقاش يفرق أي حاجة

ليستنكر قائلاً:
_ حتى أنا و اللي بينا!

_كل حاجة اتهدت بسببك

_مافيش حاجة اتهدت، مشكلة و بنصلحها، عادي أي اتنين بيحصل مابينهم دا!

_ و احنا مكناش أي اتنين يا عزيز، لانا كنت أي واحدة و لا أنت كنت أي رجل...

سكتت و سكت هو أيضاً و فقط هناك نظرات العيون هي من تتحدث تحكي كل شيء بينهما حتى قطعته هي و هي تبعد عيناها عن عيناه:
_ دا آخر كلام عندي يا عزيز

لينهض هو بغضب من صلابة عقلها و يقول بحدة قبل أن يترك الغرفة و المنزل بأكمله:
_ على جثتي يا مُهرة، سامعة! على جثتي!...
########
هاتفتها خالتها لكي تأتي في الحال، أسرعت إليها ظناً منها أن هناك أمر هام و عاجل و شعرت بالخوف عليها. و لم تحسب أن الأمر الهام هو ابنها الذي أخذ يلح على أمه لكي تهاتفها حتى تسنح له الفرصة لرؤيتها و الحديث معها فهي منذ آخر شجار لا تهتم به...
نظرت لخالتها بغيظ و قالت:
_كدا يا سهير!

شارع حُبنا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن