١٨

1.2K 53 2
                                    

استيقظت من النوم بكسل كعادتها، و عندما خرجت من الغرفة استمعت لصوت ضوضاء آتي من المطبخ، اتجهت إليه وجدته يقف متوتر و يتحرك بعشوائية و المطبخ بحالة فوضى:
_بتعمل ايه!

التفت إليها سريعًا و قال ببساطة و هو يحك مؤخرة رأسه بحرج من وضعه وسط تلك الفوضى:
_ بعمل فطار

لوت شفتيها بيأس من أفعاله و قالت و هي تشمر أكمام بيجامتها :
_طب أخرج بدل الفوضى دي و أنا هاحضره

خرج بطاعة، أخذت تنظر للمطبخ بعدم رضا لكنها اخذت نفس عميق فهو على الأقل يحاول و هذه بادرة جيدة منه، و أثناء انشغالها وجدت يدان تحيطان بخصرها فجأة، انتفض جسدها ليهمس و هو يضمها إليه:
_ شكراً لوجودك

لم ترد و لم يسعفها عقلها على قول شيء أو إبداء أي رد فعل، فقط تشعر بتسارع ضربات قلبها كما لو كانت تركض. بينما هو أدارها لكي تواجهه و أسند جبهته على خاصتها و قال:
_مش كفاية بقا؟

كانت قد طلبت منه منذ أن عادت إليه أن تبقى بغرفة منفصلة  حتى تتعود عليه و على الوضع من جديد فهي مازالت في مرحلة استيعاب و عودة للثقة، و هو لم يعترض بل يتركها دائمًا تفعل ما تحبه و ينتظر...

_ لسة شوية

خرج صوتها أخيراً، ليتنهد هو بعمق و قال و هو يبتعد قليلاً و يحاوط وجهها بكفيه برقة :
_زي ما تحبي، أنا هفضل مستني، و هفضل أحبك

تضاعفت سرعة ضربات قلبها
هذا الرجل ورطة
تورطت به منذ اللقاء الأول
تستهلك قوة جبارة للتصدي لمشاعرها و له
فهو لم يترك للقلب قدرة للدفاع و التصدي
هو كالاحتلال
احتل قلبها و روحها و قضي الأمر.

أخرجها من شرودها و صراع مشاعرها تقبيله لوجنتها و هو يقول بمرح لطيف:
_ براحتك بالقوي يا مطير من عيني النوم....
############
خمسة أشهر مروا عليه كالسنين العجاف. قضاها بين الغضب، الشوق، الحنين، اللهفة و الخوف. فعلتها و انتقمت منه بطريقة لن ينساها مادام حيًا، و لن يسامح...
خمسة أشهر لا يعرف عنها شيئًا سوى الذي يعرفه من الآخرين فهي تتواصل معهم عن طريق الماسنجر فقط، و رقمها مغلق دائمًا. لم  تخبر أحد بمكانها و لا تستمر بالتواصل سوى حينما تريد هي فقط ليطمأنوا عليها. لم يحادثها و لم تحاول التواصل له، كلاهما أعلن الحرب بطريقته. وفي صراع القلوب صعب التنبأ بالغالب و المغلوب....

عاد من عمله الذي أصبح يقضي به أغلب وقته و يرهق ذاته به حتى لا يعطي لعقله الفرصة في التفكير لكن هيهات فهي حية داخله و يراها بكل الوجوه!
سخر من ذاته كعادته يوميًا فالجميلة الذكية سحرته و لا يستطيع أن يتحرر...
دخل للغرفة وجد مريم بها تقوم بالترتيب ليتحول بسرعة البرق من الهدوء للغضب دون تفكير و يصيح بها:
_بتعملي ايه! مش قُلت مليون مرة متدخليش هنا و ملكيش دعوة !

لتنتفض المسكينة بفزع و سريعاً ما بدأت الدموع تسري على وجنتيها و تتحدث بتلعثم و كسرة:
_ قُلت...انضفها بس...والله... أنا...

شارع حُبنا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن