٩

887 56 3
                                    

عودة بالزمن قبل العُرس بيوم...
كان نائمًا بعد يوم شاق بين التحضيرات و جلسته مع الشباب حتى وقت متأخر، استيقظ على رنين الهاتف و الذي كان لحوح جاعلًا إياه يلتقطه بتاكسل و على مضض و كان رقم غريب :
_مين!

لحظات صمت يسمع بها صوت تنفس من بالجانب الآخر جاعلًا إياه يستغرب و يعيد سؤاله حتى أتته الإجابة بصوت يعلمه جيدًا:
_مؤمن...

اتسعت عيناه على وسعهما و اعتدل على الفراش و كل خلية بجسدة تحفزت :
_زهرة!

و كانت الإجابة منها صوت بكائها و هي تردد :
_مكنش بإيدي...

عقله مازال في حالة صدمة و شعر بتسارع دقات قلبه:
_زهرة!

_ممكن أشوفك و لو مرة واحدة!...

أهل الحب صحيح مساكين؟!
أم مجانين؟!
أم أنانيين!
أم مذنبين؟!...

بأحد الكافيهات حيث كانت تقابله سابقًا، يجلس أمامها بصمت تام و ملامح وجه لا تنم عن أي شيء يدور داخله، بينما هي تحكي له ما حدث معها ليمنعوها عن الزواج به و هي تبكي بشدة...

_والله يا مؤمن مش بإيدي... هما اللي أجبروني... مقدرتش أعمل حاجة... حتى يوم ماكانوا هايجوزوني حاولت انتحر فراجعوا عن الجوازة بس فضلت محبوسة في البيت... اتعاملت أسوء معاملة... مش مسموح ليا أي حاجة... و لما رضيوا عني شوية ضغطوا عليا إني مرجعلكش تاني... بس في السر كنت بعرف أخبارك... مؤمن أنا بحبك... اتجننت و اتقهرت لما عرفت بجوازك...

أستمرت تتحدث وهو يستمع
يراقب
يتأكد
تائه
لا يدري السبيل لتلك التيهة بداخله
لمشاعره المعقدة
ذكريات تتوالى أمام عيناه
مشاعر كما لو أنها عادت للحياة
و في كل ما يحدث داخله كانت حقيقة أخرى تصفعه لتفيقه لمتاهة أكبر، ساعات و سيتزوج أخرى، فرحه على أخرى...
تلك الأخرى التي أحبته بأقل مجهود منه...

كان هادئ
يلاحظ ما حوله بهدوء استغربه الآخرين
فقط ابتسامات باردة يوزعها
حتى أنه كان يتهرب من النظر ل ضي أحيانًا كثيرة...
و كل ما في الأمر هو لا يدري...
لا يدري أي شئ...
دلف معها لداخل الشقة و عقله فكر ماذا لو كانت زهرة هي من كانت معه بتلك اللحظة، كان سيحملها بين زراعيه بأهتمام و حرص شديدين كما لو كانت كنز يخشى المساس به، كانت ستكن ضحكته تصل لمن بالارجاء، و فرحته سيراها الجميع؛حتى أنه كان قبل زهورها راسمًا حياة مع ضي، لكنه لم يفعل أي شئ فقط أشار لها على الغرفة لتدخلها ليبقى هو بالخارج يأخذ وقت اكبر للتفكير...
و وقتها رن هاتفه و كانت زهرة أجاب و كانت هي تبكي:
_خلاص بقيت لحد غيري يا مؤمن! قدرت! طب حبيتها!

و عندها رد هو و قد كان يشعر بنياران لتلك المشاعر المعقدة داخله و بصوت مختنق :
_عجبك كدا و أنا بحقق حلمي معاكي مع حد غيرك! خدتي قلبي وروحي معاكِ...

و لحظات استمع بعدها لصوت ارتطام على الأرض، و جحظت عيناه فقد كانت ضي التي سقطت مغشيًا عليها!...
#########
بدأت تستعيد وعيها بعدما ساعدها مؤمن و هو يشعر بالخوف الشديد. جلس مقابلها ينتظر أي رد فعل لها بتوتر جلي، لكنها لم تفعل أي شئ. مرت دقائق في صمت تام بينهما، كلاهما في حرب أفكاره حتى نهضت هي من مكانها فنهض سريعاً و قال محاولًا التبرير أو التخفيف و قد تيقن أن استمعت له:
_ضي... أنا...

شارع حُبنا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن