part_18

56 9 33
                                    

"وعلمت من عينيكِ أن هناك مايُغرق غير البحر"
⊱━━━━⊰✾⊱━━━━⊰

تسلّل ضوء الفجر على استحياء، يخترق ستار الليل الأسود الذي شهد على قسوة البشر وظلام قلوبهم.

 لكنّ الفجر يأتي ليُعطي أنبياء القلوب فرصةً أخرى للحياة، وأملًا بردّ الحقوق التي سُلبت بالقوة.

وكتنفس الصباح، تنفّس الأمير شاهقًا بقوة فور أن رفعت جفونه عن بنيتيه، لِيبصر ذاك العالم الذي لطالما مقته منذ أن فقد والدته وشقيقته، أما بالنسبة لمن أحبّ قلبه، فما قاساه من لوعة حبه لسيدة البحر، جعله يُدرك أنه لم يُحب قبلها قطّ.

نهض بخفةٍ من مضجعه، وقد تملك منه الخوف، فأيّ مكانٍ هو من بقاع الأرض؟ ومن مالكها، عدوّ له أم صديق؟

لكن سرعان ما التفت حوله يبحث عن رفيقه الذي كاد أن يضحّي بحياته لأجله، ليجده نائمًا في أحد الأسِرة جواره بسلام، وقد بدا على محياه التعب.

تنهد تايهونغ بطمأنينةٍ، ليعاود الجلوس على الفراش الذي كان ينام عليه، وبنظره للمكان من حوله، أدرك أنه في أحد العيادات الطبية في المملكة، أي أنه ليس بعيدًا عن القصر.

وبتذكّره لما حدث أمس، تذكر ذاك الرجل الذي ظهر أمامهم، وجرحه الذي كان ينزف بغزارة، لكن ما فاجأه أنه لا يشعر بالألم.

رفع ثيابه الملطخة بدمائه، ليجد على الجرح دواءً عشبيًا على خطٍّ أفقيّ صغير ،نظر إلى الجرح بعدم تصديق، فهل شعر بألمٍ لا يُطاق لجرحٍ صغيرٍ كهذا؟

نفى برأسه، ليمرّ بِذكرياتِه في أحداث البارحة بروايةٍ، فهو يريد معرفة حقيقة ما حدث.

في تمام منتصف الليل، خرج هو وجيمين بهدوءٍ من المنزل، دون أن يُدرك أيّ أحدٍ من الخدم أنهم قد غادروا بالفعل.

وبسرعةٍ تحت جُنح الليل، تحرّك كلاهما ليقتحم الأمير أحد المنازل التي تعود إلى أحد الرجال من الطبقة المخمليّة.

 سار بين الممرات، ولا يشهد على خطواته سوى الجدران الصامتة المزخرفة بماء الذهب، لتبرز غنى مالك المنزل.

وما بين السلالم والممرات، لاحت أمامهما غرفة من يبتغى عنقه.

النبض في منتصف صدره يزداد كطبول حربٍ تنذر ببدءِ القتال، وقطرات العرق تتسابق من فوق جبينه، أيّ واحدةٍ منها ستحرّر من جسده أولاً.

اقترب من مقبض الباب بيدٍ ثابتةٍ وعيونٍ حادةٍ امتلأت بالحقد، كصقرٍ ينتظر رؤية فريسته لينقضّ عليها. 

وبخفةٍ تنافى ما بداخله، دفع الباب، ليتضح أمامه جسد عدوّه المنشود، بينما ينام في سلام، وجثث من قتلهم لم تسلم من شره مطلقًا.

خطى بهدوءٍ حتى أصبح أعلى رأس النائم أمامه، ليهمس بسخرية:

_ألبرت فرناندو، أتنعم بالسلام ويداك لا زالت رائحة الرماد! لما تغادرها، أقسم أن أرسلك إلى الجحيم الليلة بيدي!.

لمن انتميحيث تعيش القصص. اكتشف الآن