part_22

33 5 42
                                    

"أُراقبك من بين لهفتي وشوقي، فبِحبك يا عزيزة فؤادي حدثيني"

⊱━━━━⊰✾⊱━━━━⊰

لقد غطت حُلة من الفضّة البيضاء كل أرجاء المملكة، فبدت وكأنها لوحة فنية رسمها سحّار شتوي ماهر.

اختفت معالم المدينة المعتادة خلف ستار من الثلج المتساقط، ولم يبقَ سوى منازل صغيرة تتلألأ أنوارها كنجوم في سماء الليل.

جلست "سيدة البحر" تنظر إلى تلك الأنوار من نافذة غرفتها في قصر محبوبها، تسرد أمانيها في دفترها الذي أصبح كاتم أسرارها منذ تلك الليلة التي شعرت فيها بالحنين إلى أميرها الغائب.

أمسكت القلم برفق، وقد ارتجفت يداها بسبب البرد الذي لم تستطع المدفأة إبعاده تمامًا.

بضع كلمات سطّرتها في دفترها، كلمات لم تكن تعرف كيف تحاكي قلبها المشتعل شوقًا له.

هو غائب منذ أشهرٍ، ولم تكن تدري إن كان الغياب مجرد بعد جسدي أم أن المسافة بين قلبيهما قد ازدادت اتساعًا مع مرور الأيام.

"هل ما زلت تذكرني؟ أم أن هذا البعد قد نسج بيننا ستائر النسيان؟"

كتبت هذه الجملة وهي تمسح دمعة خانقة سقطت على الصفحة التي كتبت بها كلمات حبها التي لا تقرأ.

كانت تشعر أن الثلج الذي يغطي المملكة يلتهم شيئًا فشيئًا ما تبقى من ذكرياتهما، حتى تلك اللحظات التي كانت تشعر فيها بأن قلبه ينبض قرب قلبها.

رنّ صوت باب الغرفة حين انفتح ببطء، لتلتفت بسرعة، وكأنها تتوقع أن تراه واقفًا هناك، لكن لم يكن سوى ذاك الإمبراطور الذي يلاحقها بجنون أينما حطت راحلها، شمالًا كانت أو جنوبًا، حتى وإن أبحرت في عرض البحر، سيظل يتبعها ولو عبر الأرض شبراً شبرا.

وقف عند العتبة، ثوبه الملكي يتدلى خلفه بعبق السلطة والرهبة.

 عيناه المتوقدتان بالجنون والغيرة كانت تعكسان شيئًا آخر لم تستطع "سيدة البحر" إدراكه، وربما لم ترد إدراكه.

 إنه العاشق الذي لا يتوقف عن الملاحقة، ولا يترك لها مجالًا للتنفس... لكن عينيه هذا اليوم كانتا أكثر قسوة، وداخله يغلي كما لو أن الثلوج البيضاء التي غطت المملكة قد غطت أيضًا قلبه وجعلته أكثر برودة.

تقدّم بخطوات ثقيلة نحوها، حتى أصبح قريبًا بما يكفي ليشعر بارتجاف أنفاسها، ثم تحدث بصوت خافت، لكن كانت كلماته مشحونة بنيران الغضب المكبوت:

_إلى متى  إيفالين؟... إلى متى ستظلين تنتظرين ظلاً؟.

ارتعشت عندما سمعت اسمها على شفتيه، لكنه ليس أميرها، بل الإمبراطور جيون جونغكوك، الرجل الذ ي هو قادر علي حمل المملكة على كتفيه كأنه لا شيء، لكنه لم يستطع حمل قلبها الذي ما زال متعطشًا لذلك الأمير الغائب.

لمن انتميحيث تعيش القصص. اكتشف الآن