18

280 25 7
                                    

"أنـــتِ الـنــور وســط عــتــمــتــي"

تأليف :شيماء عبد الله

الفصل الثامن عشر والأخير

وضع أمجد رأسه بين يديه تائها وسط أفكاره، لتمد كوثر يدهل، وتمسكه من ذقنه مجبرة إياه على النظر لها، لتحاوط وجهه بيديها هاتفة: أنت لا ذنب لك فيما حدث في الماضي، أنت لم تخطئ في شيء، ولست ابن حرام.. أنت أمجد شاب كان تائها والأن عاد للطريق الصحيح، ووالدتك في حاجة ماسة الان لدعواتك عل الله يغفر لها، وكما أخبرتك قبل قليل، الإنسان قد يفعل صدقة جارية ينال أجرها حتى بعد مماته، والوالدين كذلك يتركون أبناءهم خلفهم، وإذا كنت ابنا صالحا قد تكون سببا في دخولها الجنة.. الماضي ذهب ولن يعود، فكر في الآخرة الأن، وقم بصدقة على روحها، ربما تقيها من نار جهنم.

شعر أمجد بكم هائل من الأحاسيس تداعب قلبه في تلك اللحظة، ولم يشعر بنفسه إلا وهو يرتمي في حضن كوثر التي فوجئت لوهلة بتصرفه، إلا أنها استوعبت سريعا، فحضنته فورا، وتأكدت أن الطفل الذي رأى والدته منتحرة أمامه لا زال يبحث عن من يحتويه، ورغم أن عيونه لم تدمع، إلا أنها علمت أن قلبه ينزف.

كوثر: كل شيء سيصبح جيدا، وأنت ستخرج مت عتمة الماضي لنور المستقبل، أنت قوي وستتجاوز كل شيء.

همست له بتلك الكلمات لتشعر بجسده يرتخي أخيرا بعد أن كان مشدودا مما يواجهه، ليظل دقائق داخل حضنها يستمتع بالراحة التي يتذوقها لأول مرة بعد زمن طويل، وحينما ابتعد عنها، ضمت كوثر يديها تفركهم من شدة التوتر، بينما عينيها أخفضتهم لا تملك الجرأة الكافية لتنظر بعدها له، ولعل الخجل كان واضحا من احمرار خديها، مما جعل بسمة ترتسم على شفاه أمجد قائلا: لو وضعت الطماطم أمامك الان ستغار من اللون الأحمر الذي سرقته منها.

تسللت ضحكة خفيفة من شفاه كوثر على تشبيهه، فاسترسل أمجد حديثه قائلا: شكرا لتوعيتك لي لأشياء كثيرة كنت غافلا عليها، وحتما سأخرج من عتمتة الماضي بعد أن أنرت حياتي، وأدعو الله أن يأخذ من عمري ويزيد في عمرك كي أقضي كل لحظة في حياتي معك.

نظرت له كوثر بعيون لامعة، فابتسمت له، تلك الابتسامة التي تلعب على أوتار قلبه وتجعله تائها وسط بحار الحب، ليقول :سبحان من خلقك وأبدع في تصويرك.

حمحمت كوثر تحاول إخفاء خجلها ثم قالت: أظن أن الوقت حان لنعود.

أمجد :كما تريدين.

خرجوا معا وحينما كان أمجد يسوق سيارته تذكر موضوع ديفيد ليقول: هل ماريا الآن يمنعها ديفيد فقط عن الإسلام؟

كوثر :لست متأكدة، ربما لم تخبره شيئا عن هذا الموضوع في الأساس، لكن بسبب أفكاره عن الإسلام شعرت به سيرفض.

أنت النور وسط عتمتي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن