2

7.1K 189 32
                                    

جالس في سيارته قدام مطعم فاخر، عيونه تراقب الصور اللي ارسلهم له سعود الليلة عن يوم رهف كله، رفع عينه يناظر المطعم ابتسم بخفة ونزل من سيارته يمشي بثقة يدخل المطعم وعينه على طاولة تجلس فيها رهف وحيدة، قرب من الطاولة ورفعت عيونها لما حست بخطوات شخص يقترب لها وابتسامتها تلاشت لما شافت سَيف قدامها وبكل أريحية يجلس على الكرسي المقابل لها ويناظرها: يومج كان مزدحم
سكتت بذهول وصدمة تناظره وتسمعه يكمل: تنتظرين أحد؟
نطقت بحدة: انت شتسوي هني؟ شنو تبي مني؟
رفع كتوفه: قلت اشوف اخرتها معاج، ماعندي وقت انتظر العابج الطفولية السخيفة! وراي اشغال مثل ما تعرفين
تنهدت: انا لو ابيك بتواصل معاك، لا تقعد تلاحقني!
مد جواله: تنتظرينه؟
ناظرت الصورة اللي بجواله وكانت صورة مهند، من مَقر عمله بالوقت الحالي.. توسع بؤبؤ عينها بعدم تصديق: شدخله؟!
ابتسم سيف: كنتي تنتظرينه على العشاء؟ ماراح يقدر يجي، بكلمة مني خليته يمسك شفت يوم كامل بدون راحة
سحب الجوال من قدامها وشد على اسنانه: وبكلمة مني اقدر اخليج تبكينه عمر كامل!
ضحكت ببرود: تهددني فيه؟
هز رأسه بالنفي: انا ما أهدد بس، انا انفذ فوراً
ما تنكر ان قلبها ارتجف بهاللحظة رغم الصلابة اللي تكسو ملامحها وابتسمت باستهزاء: ما تقدر تسوي شيء، افضحك!
رفع أكتافه بعدم اهتمام: الموضوع كله بأيدج، تعطيني الفيديو والنسخة الاصلية وتحذفين كل النسخ الأخرى، او بكلمة مني ينمحي مهند بن ثامر عن الوجود؟
مد لها الجوال يصور لها المختبر اللي يشتغل فيه مهند، واقف بين المواد الخطرة القابلة للاشتعال من ابسط تفاعل يشرف على شغل العاملين ويرشدهم ناظرها سَيف يشوف عيونها توسعت بذهول و خوف: شرارة بسيطة تنهي حياته! وتنشرين خبره "حادث عمل بسيط ذهبوا ضحيته عدة أشخاص"..
رفعت عينها عليه بغضب: انت مريض في بعقلك شيء؟
غمض عيونه بنفاذ صبر: انا مريض، وانتي اللي بديتي تستفزين المريض!
سكتت تناظره ومصدومة من الوضع اللي حطت نفسها فيه، ابتلشت بمريض رسمياً: شنو تبي الحين؟ بحذف كل شيء بس فكني منك ومن شرك خلاص
سند ظهره على الكرسي: ادري انج بتحذفين كل شيء ولو ما حذفتي انا اللي بحذفه بطريقتي، اللي ابيه الحين شيء ثاني
عقدت حاجبها: شيء ثاني؟
نطق ببرود: تنفصلين عنه ولا تقابلينه، وتقدمين استقالتج
كلامه يرن في مخها وبعدم استيعاب: نعم؟!
سكت يناظرها بحدة يأكد كلامه وتهديده لها الواضح والصريح، نطقت بحيرة: ليه؟ بحذف كل شيء يخصك واطلع من حياتك بهدوء و ابيك تطلع من حياتي بهدوء، مو مجبورة امشي على شورك!
ابتسم: قلتلج بتندمين، كان مفروض تفكرين بهالشيء من قبل عطيتج فرصتين تتراجعين فيهم لكنج رفضتي والموضوع صار شخصي بالنسبة لي..
نطقت ببرود: ما يهمني! سو اللي تبيه
وقفت تاخذ شنطتها وتطلع من المطعم، التفت يناظر خروجها و ابتسم ورفع جواله: سو اللي قلتلك عليه...
طلعت من المطعم قلبها يرجف، مسكت جوالها تتصل على مهند و رد على طول: هلا قلبي اعذريني ماقدر...
قاطعته رهف: انت وين؟ اطلع من المكان اللي انت فيه بسرعة
ناظر مهند المكان بإستغراب: صاير معاج شيء رهف صوتج متغير؟
وقفت قدام سيارتها: اترك كل شيء واطلع، انا محتاجتك....
تركت جملتها يتيمة عالقة في حنجرتها بدون تكملة بعد ما سمعت صوت انفجار وصرخة، وما تلقت أي رد من مهند! تجمد الدم بعروقها من فكرة أن سيف نفذ تهديده بأقل من دقيقة و مهند ممكن يكون صارله شيء، طاح جوالها من يدها بخوف ونزلت تشيله ويدها ترجف مو قادرة تفكر بشكل طبيعي ركبت السيارة وماسكة الدركسون ورجفتها تزيد سندت رأسها على الدركسون بخوف وقلق ورجعت تتصل في مهند وما لقت منه أي رد، رفعت رأسها تشوف سَيف يطلع من المطعم ورجفتها زادت من هالشخص المُختل اللي دخلته حياتها بنفسها بكامل إرادتها وقرارها وبسبب فضولها..
تخطى سيارتها وحرك يسوق بسرعة عالية، تمالكت أعصابها تحرك لموقع عمل مهند اختصرت المسافات وخطواتها تسابق عقارب الساعة، ما خافت من الطريق الموحش وظلمة الليل كل خوفها كان انها تعيش دنيا مافيها مهند، ماتقدر تتخيل رهف بدون مهند، هو عيونها والنظر...
وصلت للمقر تشوف سيارات الإسعاف والاطفاء والشرطة متواجدين في المكان واضواء سيارة الاسعاف وصوتها يطغى على ضجيج العمال والرجال اللي يخرجون من المعمل بخوف و رعب، وقفت سيارتها وقلبها انقبض وأظلمت الدنيا بعينها تنزل تجر خطواتها بخوف تناظر الوجوه تتمنى تشوف مهند واقف مع أحد، تشوفه بخير وتتطمن عليه لكنها ما لمحت خياله ولا في أي مكان كانت تتقدم بخطواتها بعدم وعي غير مبالية بتنبيهات الشرطة ورجال الاطفاء اللي يحاولون ينهونها عن الاقتراب ويمنعونها بشتى الطُرق، استوقفها صوته ونداءه لها "رهف!!" ماتدري هو حقيقة ولا خيال، ألتفت على مصدر الصوت تشوف مهند يطلع من سيارة الاسعاف يمشي لها بخطواته ويقترب اكثر، انهمرت دموعها لما شافته: مهند..
قرب لها وركضت تمسك كفوفه وتتأكد اذا هو بخير: خفت عليك!!! مافيك شيء صح ما تعورت؟
استغرب مهند وجودها وخوفها وقلقها، كيف وشلون عرفت بموضوع الحريق اللي صار: شلون عرفتي!!
سحب كفوفه من ايدينها: الوقت تأخر شلون طلعتي كل هالمسافة تسوقين بروحج!!
بلعت ريقها بإرتباك وهي تتذكر لقاها مع سَيف: لما اتصلت فيك سمعت صوت شيء انفجر وبعدها وصلني خبر من الزملاء بالقروب عن حريق في مقركم...
تنهد مهند: مافيني شيء الحمدلله انا بخير لكن بعض الزملاء حالتهم خطيرة، الحين خليني اوصلج للبيت
كان يشوف الخوف والقلق واضح عليها تقدم ياخذ مفتاح سيارتها: انا اسوقها اليوم
ابتسمت رهف بخفة وراحت تمشي وراه تركب السيارة وتجلس جنبه، قلبها ينبض بخوف وقلق يعني كان ممكن مهند حياته تكون بخطر لو ما حالفه الحظ وطلع قبل الانفجار بدقايق، قلبها يرقع بخوف من تهديد سَيف وكلامه وتدخله بحياتها ندمت قد شعر رأسها على انها حاولت تبتزه ماتوقعت رده يكون تدميرها لكنها مو من النوع اللي يخضع للتهديدات..
وصلت البيت بدون ما تنطق ولا حرف مع مهند طول الطريق كانت ساكتة وتهوجس لما وصلت نزلت من السيارة بهدوء واستغرب مهند حالها كانت شاحبة وشاردة طول الوقت..
دخلت غرفتها تمددت على السرير ومسكت جوالها تشوف الفيديو اللي تبتز سَيف فيه ماكان واضح اصلاً، حتى لو نشرته وجه سيف مو واضح فيه ووجه الضحية الوحيد الواضح ماكانت راح تستفيد شيء حتى لو نشرته كانت تنوي تبتزه وتعقد معاه اللقاء وبعدها تسوي له شوشرة لكنه طلع داهية ومختل اكثر مما توقعت، يملك عقل مريض يخبيه خلف أسمه اللامع وانجازاته ونجاحاته اللي يبهر فيها عقول الناس..
ما قدرت تنام الليل من تفكيرها، مو خايفة على نفسها خايفة على مهند و أهلها انها ممكن تخاطر فيهم اكثر لو قررت تواجهه، أشرقت الشمس على وجهها الشاحب وهي تتخذ قرار بتواجه سيف اليوم وتنهي الموضوع وتطلعه من حياتها، بدلت ملابسها على السريع وعدلت شكلها ووجهها الشاحب وطلعت قبل ما يصحون أهلها تسوق سيارتها والوجهة واضحة مكتب سَيف، على عكس العادة استقبلوها الحراس ودخولها بدون سين و جيم وكأنه موصينهم عليها.. وصلت عند مكتبه ووقفت بهدوء قدام السكرتيرة: سيف آل جراح موجود؟
ناظرتها الممرضة: عنده اجتماع...
غمضت عيونها رهف بتعب ونفاذ صبر، مشت وتخطت السكرتيرة تفتح باب مكتبه بقوة ويرفع عيونه عليها يشوفها تدخل بدون استئذان والسكرتيرة تحاول تمنعها ونطقت رهف بحدة ووضوح: لا تلمسيني!!!
السكرتيرة ابتعدت عن رهف وتناظر سَيف بخوف وكأنها فشلت في اهم اختبار بحياتها، فشلت في انها تمنع شخص من دخول المكتب، أشر لها سيف تطلع بهدوء ورجعت رهف تناظره تشوفه خلف مكتبه وقدامه مساعده سعود يجلس يناظرها باستغراب وذهول ملامحه ليّنة ومريحة اكثر من حدة ملامح سَيف اللي تجرح من ينظر لها، نزل عيونه من عليها ورجع يلتفت على سَيف: انا استأذن
هز سَيف رأسه يسمح له بالخروج ومشى يتخطى رهف ويطلع يسكر باب المكتب وراه، نطق سَيف من خلف مكتبه: ماتوقعت ترجعين لي بأقل من ٢٤ ساعة!
تقدمت رهف تجلس على الكرسي المقابل له: ما رجعت لك، رجعت عشان الشخص اللي أحبه ابي أحميه من مختل مثلك
ضحك سَيف: تحمينه؟ مني؟ ما تفكرين تحمين نفسج أولى؟
سكتت رهف تشوفه يتقدم بجذعه للطاولة يسند كوعه عليها ويحط عينه بعيونها: اللي اعرفه مفروض العكس، هو يحميج؟ لكن يمكنه مشغول بشيء ثاني وما يدري عنج...
قاطعته رهف بحدة: هذا شيء ما يخصك، الفيديو حذفته تقدر تاخذ جوالي وتتأكد بطريقتك وتفهم أني ما احتفظت في أي نسخة احتياطية
ابتسم بخفة: أدري، لكن ما عاد يهمني
حاولت تتحكم بأعصابها وانفعالاتها مثل ما تعلمت من خبرتها كَصحفية وإعلامية وهي اشطر وحدة في المجال تعرف متى تظهر غضبها وكيف تكبحه، ابتسمت بخفة: بالمختصر شنو تبي؟ ماعندي وقت اضيعه معاك
ناظر عيونها وميّل ثغره يبتسم باستهزاء: ابيج انتي! ابي وقتج كله لي، تنفصلين عن حبيب قلبج وتقدمين استقالتج..
تجمدت رهف بمكانها ولانت ملامحها بصدمة وذهول مو مستوعبة الكلام اللي تسمعه بهاللحظة من منطوق أكثر شخص تبغضه في الحياة، شخص معرفتها فيه ما تعدت الأيام لكنها تحمل له كره و بغض أكثر من اي شخص ثاني قابلته بالحياة
رجع يكمل كلامه: شنو رايج؟
هزت رأسها تشتت افكارها ومشاعر القهر اللي راودتها بهاللحظة تحاول ترتب حروفها: بأحلامك!!!
ضاق قلبها ووقفت على حيلها وتحاول تخفي رجفتها تسمعه يقول: أحلامي كلها واقع وأحققها..
ناظرته بحدة: قلت اللي عندي، ولا كأن طرقنا تقاطعت انا بنسى كل شيء شفته وسمعته و أنت تنساني انا و أحبابي، انتهى!!!
استدارت تطلع ونطق بصوت واضح: ما ينتهي شيء إلا لما أنهيه انا بنفسي
تجاهلت كلامه وطلعت من المكتب تصفق الباب بقوة وراها، ضحك سَيف يشوف محاولاتها لكبح غضبها كلها باءت بالفشل وانفضحت في اخر لحظة لما صفقت باب المكتب بقوة، ثواني و دخل سعود عاقد حاجبه: اشوفها طلعت تعصف وتبرق؟
تنهد سَيف يناظر الفراغ: مَرد العواصف تهدأ
جلس سعود قدامه: انا أقول اتركها بحالها، يكفي
ناظره سَيف و ابتسم بخفة: هالبنت تفيدني ماراح اخليها
سعود ضيًق عيونه بتشكيك: سَيف تراني أعرفك! اقول اتركها بحالها أحسن لك و لها تراها مو هينة هي بعد بتطلع عينك..
سكت سَيف وعقد حاجبه يتجاهل تحذيرات سعود له ويركز نظره على الملف قدامه: زواجنا انا و غادة ماراح يتم..
غَص سعود في كوب الماي وألتفت يناظر سَيف: ليه؟
كمل سَيف بهدوء: عقلي يبي وحدة ثانية...
توسعت عيون سعود بذهول: رهف الخاطر؟
هز رأسه سَيف: راح تنفعني كثير
رجعت للبيت تمددت على سريرها، وجلست ساعات تعيد وتزيد في اللي صار وكلام سَيف اللي يتردد في بالها بصدمة و ذهول، تجاهلت اتصالات مهند وتدخلات أمها في محاولة تعديل مزاجها وظَلت جالسة بالغرفة حايرة و ضايعة بين اللي قلبها يبيه واللي عقلها يفرضه عليها! بين عاطفتها ورغبتها المُلحة بأنها تركض لحضن مهند وترمي الثقل اللي على اكتافها و بين انها تحميه من مختل عقلي دخل حياتها و ناوي يدمرها..
سمعت صوت دق خفيف على الباب ونطقت بتعب وخمول وصوت هادي: تفضل..
دخل أخوها راكان وعلى وجهه ابتسامة: رَهف قلبي
لا ارادياً ابتسمت وهي تشوفه بعد غياب عن البيت كان عنده دورة ومشغول فيها: متى رجعت!
دخل يقفل الباب وراه: من شوي
ونهضت رهف من سريرها توقف وتفرد ذراعينها وتحضنه سندت رأسها على كتفه، تحب ريّان أخوها الصغير المدلع اخر العنقود لكن راكان غير، بينها سنة وكم شهر وقريب منها وأكثر شخص يحس فيها ويفهمها من نظرة وكانت محتاجة هالحضن من أيام وهي تعاني لوحدها: فقدتك
ابتعد عنها يشوف لمعة عينها على وشك البكاء: افا يا أخت راكان تتكدرين وانا موجود؟ عطيني اسم بس أخليه يندم
زمت ثغرها بتعب وجلست على السرير تناظر دبلتها: شنو هو الحب؟
استغرب سؤالها راكان لأن لو كان في شخص يعرف الحُب بهالدنيا بيكون رهف وحبها لِلناس بحياتها، نطق بهدوء: الحُب هو انتي يا رهف
رفعت عيونها عليه باستغراب وابتسم راكان يكمل: ما اقصد حبج لمهند لأن هذا شيء مستهلك، اقصد حبج لنفسج اولاً وكيف تعزينها عن الناس، حبج لأهلج وكيف تعطيننا من كل قلبج ووقتج ومشاعرج ولا تطلبين مقابل! حبج لمهنتج وشغلج وعلمج والناس اللي تقابلينهم وتنشرين قصصهم بكل صدق وشفافية، حبج للحياة، حبج حتى لأبوج المرحوم وانتي ما شفتي منه أبوة! الحُب بالنسبة لي انتي، بعمري ما حسيت قلبج هالرهيف ممكن يحمل حقد او كره او أي شعور سيء تجاه أي شخص، جوابي عن الحُب يكون انتي دايماً..
نزلت عيونها رهف تحضن كفوفها: لكن هالقلب الرهيف بدأ يكره ويحقد، دخل الحقد لهالقلب مرة وبيتحول لحجر قاسي
حزنها وذبولها كان واضح له، مد يده يحضن كفوفها: ما اصدق على هالقلب الرهيف لو أشوفه بعين يقسى ويجرح
رفع ذقنها يشوف ملامحها الساكنة: يلا عاد بلا دلع يا عروسة و قومي صحصحي أبوي ما ذاق اللقمة بدونج ومن الصبح على أعصابه وأمي متكدرة و ريان يدور حول باب الغرفة لا يقدر يدخل ولا يقدر يخليج، كلنا انشغل بالنا عليج والبيت مافيه روح بدونج
ابتسمت بتعب: بقوم اخذ شاور اصحصح وأنزل لكم
ربت على شعرها بخفة وطلع من الغرفة بهدوء

لا بأس يالقلب الشجاعحيث تعيش القصص. اكتشف الآن