رتبت أفكارها بصعوبة وحاولت تبوح له: انا، ما أقبل اكون خيار ثاني في حياة أحد يا سيف، اما أكون الأولى والأخيرة أو ما أكون.. ما ابي اكون زوجة ثانية لك!!
عقد حاجبه: بس انتي اكثر وحدة تعرف طبيعة زواجي من غادة
تنهدت وبهدوء رفعت ذراعه اللي أعلى كتفها وحررت نفسها من تحت جناحه وناظرت عيونه بحدة: ما يهمني طبيعة زواجك منها، ولا يهمني الاتفاقات اللي بينكم ولا الأبعاد والفوائد اللي تبي تربحها من هالزواج، لكن انا ما أقبل اكون زوجة ثانية ولا أرضاها على نفسي لو أخذت هالزواج بجدية، و هذا اللي عندي انت بكيفك اختار اللي يعجبك، تبي تكمل مع غادة انتظر لنهاية عقد زواجنا وكل حد فينا يروح بطريقه...
ما عطته مجال يرد عليها رَمت كلامها ووقفت تنفض الغبار عن جلال الصلاة وصَدت عنه راحت تبتعد عن البحيرة وترجع للفيلا، الكلام اللي قالته بهالتوقيت مو عبثي او عشوائي، هل بكل وضوح تقول له "أحرم عليك دام على ذمتك غيري" تحط شروطها في انها راح تعلي الحواجز بينهم اكثر واكثر لين تبقى هي زوجته الوحيدة، لين ما يبقى في حياته إلا هي، شرطها واضح وصريح وعبرت عنه بكل قوة "طلق غادة" يجهل أحوال قلبها ولا يدري اذا في له فرصة معاها، ماهو ضامن أن قلبها ممكن ينبض له ويملكه في يوم ولا لمحت لهالشي لكنها بكل ثقة طلبت منه يكون واضح وصريح معاها، لو يبيها يختارها على كل الناس بحياته، يضرب كلمة جده عرض الحائط ويدعس على كلام الناس وعلى المصلحة اللي تزوج غادة عشانها، ويطلق غادة ويكون لها بروحها، وقتها تفكر تعطيه فرصة او لا.. تنهد سيف بتعب يحك جبينه، كلما ظَن أنه قرب منها خطوة تجي هي وتبعده عنها أميال، تعجّزه وتلوعه..
رهف دخلت للغرفة ويدها على قلبها، ما تدري كيف طلع معاها هالكلام، يطلق غادة؟ ما فكرت بهالشي من قبل ولا فكرت انها تحط شروط لأنها توقعت ان علاقتهم مؤقتة ولا أخذتها بجدية، لكن وهي بين ايديه اليوم لما حَست أن بعد قربه علاقتهم بتاخذ منحنى جدّي أكثر وقفته، ما تبي تبدأ معاه علاقة بُنيت على أساس باطل، زواج مصلحة بالتهديد والابتزاز ماكان لها حَق ترفض او تحط شروطها، لكن الحين هي بموضع قوة تقدر تغير وتتشرط وتتحكم باللي تبيه، واللي تبيه واضح! لو نيته يبدأ معاها بجدية يطلق ويرجع لها، يبدأون علاقتهم بشكل صحي و سليم يتعرفون على بعض عن قُرب اكثر، لو كان زواجه من غادة أولوية و مهم اكثر منها؛ هنا هي بتنسحب من حياته بهدوء و تتركه يعيش الحياة البائسة اللي اختارها لنفسه..
'
فتحت عيونها على صوت المنبه الساعة ١٢ الظهر، و سَيف من أمس ما رجع للغرفة ولا تدري وين قضى ليلته، تنهدت بتعب ومسكت جوالها تشوف رسالة من شهد:
"رهوفي احنا راجعين للبيت، كنتي نايمة وما طاوعني قلبي اقطع نومتج، اشوفج بعدين.."
وقفت قدام التسريحة تشوف ملامحها ذابلة اليوم، كانت تنتظر ردة فعل من سَيف أنه يوقفها ويقولها انتي الأهم في حياتي، أنه يوعدها او يوهمها بأنه راح يطلق غادة عشانها! حتى لو مجرد كلام كانت راح تصدقه وتمشي معاه، كانت تبي منه كلمة بس! لكنه اختار الصمت، تجاهلها كُلياً وطول الليل ما دخل للغرفة وكأنها ولا شيء واللي قالته ما يهمه..
رَن جوالها وناظرت الرقم الغريب و رَدت بدون تردد: ألو...
"الو رهف!"
وصلها صوت تعرفه و تألفه، صوت حفظته سنين طويلة وكان الوحيد اللي يتردد على مسامعها كل ليلة، انقبض قلبها بضيق وقفت على حيلها: مهند!!
رَد بصوت باكي: رهف، تكفين لا تقفلين الخط
قاطعته رهف بحدة: ماعندي وقت اضيعه معاك، توكل
نطق برجاء كامل: اذا تبين تعرفين السبب، اذا تبين تعرفين ليه ضيعت ٧ سنوات من عمرج على الفاضي وكنتي خيار ثاني بحياتي، تعالي وواجهيني انتظرج..
قفلت رهف الخط بوجهه وجلست على السرير حست بدوخة وأنفاسها ضاقت، ليه اتصل الحين وشنو يبي منها؟ بالوقت اللي سلى خاطرها فيها و نست أفعاله رجع يذكرها.. تحس جدران الغرفة تضيق عليها ماقدرت تجلس أكثر، لبست عبايتها ونزلت تحت تشوف الكل موجودين ألا سَيف، ما انتظرت حضوره ولا سألت عن سبب غيابه تخطت الجميع وطلعت من المزرعة، ما رَدت على تساؤلات أصايل ولا ثقالة دم غيث او حتى نظرات عبدالعزيز ما وقفتها، حست انها مخنوقة وتبي تطلع وتروح مكان بعيد عن الكل، وقفت في الكراج تشوف سيارة سيف موجودة تنهدت بتعب واخذت مفتاح السيارة من السايق وطلعت، وقفت غادة عند الدريشة تشوف رهف تسوق السيارة بسرعة وتطلع من المزرعة
ابتسمت بسخرية: اشوف من اتصال انقلب حالج يا رهف..
ألتفت لما دخل سَيف واتسعت ابتسامتها اكثر، كان واضح عليه أثار السهر والأرهاق ومن الصبح تشوفه في المجلس يكلم بالجوال والظاهر أن اشغاله ما راح تخلص، كان ناوي يصعد للغرفة لكن استوقفه تساؤل أصايل: وين راحت زوجتك؟
ألتفت عليها باستغراب، كملت أصايل: اقصد رهف طلعت قبل ما تدخل بدقايق اخذت مفتاح السيارة من الدريول وراحت!
غمض عيونه بتعب وصعد للغرفة يتصل على رهف و جوالها موجود بالغرفة نفسها نست تاخذه معاها، او تعمدت تنساه! في حين كان يفكر عن سبب خروجها هل يمكن مبارك صارله شيء و انتكس ووصلها خبر و راحت؟ ولا زعلانة من اللي صار أمس و غيابه؟ ليتها تدري أنه ما ذاق النوم طول الوقت يتواصل مع دكاترة ومختصين بالخارج يحاول يلقى علاج او أمل بسيط يتعلق فيه و يبشر مبارك، دخلت غادة للغرفة بدون استئذان تشوفه واقف و حاير والقلق واضح على ملامحه..
وقفت قدامه وابتسمت: زوجتك المحبوبة انحاشت؟ محد يتحملك غيري دايماً اقول مردك لي وبترجع لي!
رَص على أسنانه: غادة ذلفي برا مالي خلق حركاتج
مَدت يدها تلمس كفوفه: صدقني انها ما تناسبك، ليه ما تشوف انها ما تحبك! وباقي تحب خطيبها السابق...
صرخ سَيف بوجهها ودفعها بعيد عنه: اطلعي برا
رجعت تقترب منه وتعانده: روح شوف زوجتك المصونة وين ومع منو بعدين تعال نافخ علي
صرخ سيف ما عاد يقدر يمسك أعصابه: لا تجيبين طاريها على لسانج، ولا تتدخلين بأي شي يخصني، سكتي و ذلفي برا
ابتسمت ببرود: ما راح اسكت، فَكر رهف وين ممكن تكون طلعت؟ ومع منو؟ انا سمعت ان مهند تعرض لحادث بالسجن، راحت تركض تتطمن على حبيب قلبها تخيل!!
رفع يده كان ناوي يصفعها كف لكنه تمالك أعصابه بصعوبة بالغة، تقدم ومسكها من ذراعها بقوة: امشي قدامي اشوف
سحبها وراح ينزل تحت لين الصالة و دفعها بقوة قدام جده عبدالعزيز اللي فَز يمسكها ونطق بحدة: سيف!!!!
ناظره سيف ببرود: هذي حفيدتك الغالية، من اليوم لا هي زوجتي ولا تحل لي..
شهقت غادة ونهضت أصايل بصدمة: يمه سيف!!!
تقدم عبدالعزيز يمسك سيف من ياقته: ان سويتها يا سيف لا انت حفيدي ولا اعرفك! وربي أضيق عليك دنياك فاهم!!
ابتسم له سيف: تدري أن تهديدك ما يخوفني
رجع وألتفت على غادة اللي أخذتها اصايل بحضنها تهدي روعتها ونطق ببرود قاتل: انتي طالق، طالق يا غادة، طالق يا بنت ابراهيم...
قالها ببرود، رمى يمين الطلاق بالثلاث على مسامعها وكأنها شخص ما يعني له شيء، وهي فعلاً طول عمرها ما كانت تعني له شيء! حَست أن كرامتها اندعست للمرة الألف من سيف، ما بقى له كبرياء يعزها قدامه تزوجها كم شهر و أخذ على رأسها شريكة ثانية، بلعت وتحملت كل شيء من صده لهجرانه لقسوته عليها، حاولت تحافظ عليه قد ما تقدر لكنه بأول فرصة رماها ولا حسب لمشاعرها حساب، كل اللي خططت له طار وكلام غيث طلع صحيح، سَيف بعمره ماراح يشوفها شي! دفعت أصايل تبعدها عنها وراحت بخطوات سريعة تتمسك بذراع سَيف اللي أقفى يِّهم بالخروج، تمسكت فيه بقوة وامتلأت عيونها دموع: سَيف لا تسوي فيني جذي، انا احبك..
غمض عيونه سيف بنفاذ صبر: يكفي غادة!
تعلقت فيه تترجاه: انت معصب من كلامي، انا اسفة لا تعاقبني بهالطريقة، انا ماقدر بدونك سَيف تكفى لا تخليني!!!!
دخل غيث يشوف اخته متعلقة بذراع سيف تبكي وتترجاه وانصدم راح لها يسحبها: غادة اتركيه..
هزت رأسها غادة بالنفي: غيث ماراح اخليه يطلقني....
توسعت عيون غيث بصدمة ورفع عيونه يناظر سَيف اللي بكل برود دفع غادة لحضن غيث: امسك اختك يا غيث، سوي شي واحد مفيد بحياتك!!
كمل طريقه سيف يطلع من الفيلا وغيث حضن غادة بقوة يحاول يمنعها من انها تلحق سيف و تترجاه و تقلل من قيمة نفسها أكثر، كان منظرها وهي تتوسل له مثير للشفقة! حَس غيث بالغصة على حال اخته اللي تبكي بشكل هستيري، ألتفت على عبدالعزيز اللي جلس على كرسيه و وجه أسود من الغيض يغطي جبينه بقهر وعيونه على الأرض
نطق غيث بقهر: و انت بتسكت كالعادة؟ تغفر اخطاء سيف وتخضع له؟ بعد ما دعس كرامة أختي وتزوجها لمصلحته!!!!
رفع عيونه عبدالعزيز بقهر: تحسب اني راضي يا غيث!!!!
صرخ غيث: إذا مو عاجبك ليه وافقت على هالزواج من البداية وانت تدري انه راح يرميها بعد مدة! تدري ان سيف عمره ما فكر فيها ولا يبيها، تحملت قلة أدبه معاي و مشيتها بس انه يدعس كرامة اختي بهالشكل ماراح اسكت له ولا لك أعذرني
وقف عبدالعزيز يصرخ بوجه غيث: و انا ماراح اسكت له، اقضب أرضك و انتبه لنبرة صوتك قدامي فاهم يا غيث! خلني انا اتصرف معاه بالأسلوب اللي يعرفه..
نزل عيونه على غادة اللي جالسة على الأرض تبكي بقهر: اخذ اختك و روحوا عند أمكم فترة..
ضحك غيث بسخرية: والله؟ و نخلي له الجو؟ لا انا ولا اختي بنطلع من هالقصر ولا الديرة، مثل ما له حق في القصر احنا بعد لنا حقوق، اللي مو عاجبه يذلف برا...
نزل على الأرض يرفع غادة توقف على رجولها، تحس الدنيا انهارت ما توقعت الخطة اللي سوتها عشان تخرب حياة رهف انقلبت عليها بثواني وخربت حياتها هي، تمسكت بذراع غيث اللي اخذها للغرفة يهديها ويواسيها، يرمي وعوده بإنه ماراح يخليها وبيوقف معاها ويحاسب سَيف على اللي سواه فيها..
'
طلع من المزرعة ومسك خط المدينة، متوجه لمكتبها ما يبي يصدق كلام غادة بخصوص زيارة رهف لِمهند بالسجن، مستحيل يصدق ان رهف بعد كل شيء صار ممكن تزوره وتتطمن على حاله، كان الطريق طويل أشبه بالمسافة بين قلبه و قلبها، وبعيد أبعد من حضنها اللي ما تهيأ له ولا لحظة..
وصل قدام المبنى اللي فيه مكتبها، دخل وصعد في الاصنصير للطابق المنشود ووقف المصعد في الطابق السابع، انفتحت الأبواب و شاف قدامه لافتة واضحة "مكتب الإعلامية: رهف الخاطر" يذكر هالمكان دخله أول مرة لما عرض عليها الزواج، او هددها بخصوص الزواج، دخل للمكتب و كانت السكرتيرة موجودة تشتغل ومعاها زميلة ثانية في المكتب الثاني، فزوا لدخول سَيف: استاذ سيف
حاول يمسك أعصابه وينطق كلماته بهدوء: وين الاستاذة رهف؟
ناظروا بعض البنات باستغراب ورجعوا يناظرونه: ما عطتنا خبر
كملت الثانية: ما تواصلت معانا انها راح تجي اليوم
غمض عيونه بقهر وطلع، ركب السيارة يحس بضيق ويتنفس بصعوبة من غضبه و قهره فَك أزرار ثوبه العلوية يوسع مدى التنفس عنده، أستوعب ان طلع من المزرعة بدون غترته، طلع بثوبه اللي كان فيه من أمس، تنهد بتعب و اتصل بشخص من معارفه في الداخلية، وصله رَد الطرف الثاني: هلا سيف عاش من سمع صوتك وين هالغيبة؟
اخذ وعطى معاه بشكل مختصر ثم قرر يبادر باللي يجول بخاطره، قرر ينهي مشكلة مهند من جذورها: بسألك عن شخص انسجن بتهمة تهريب المخدرات، انحكم ٧ سنوات
همهم الطرف الثاني: أي أقلها ٧ سنوات
رفع حاجبه سيف: أبيها مؤبد، أبي الشخص اللي دخل السجن ما يطلع منه ولا يشوف النور وحتى الزيارات عليه ممنوعة
سكت الطرف الثاني يستوعب طلب سيف: من صجك؟ اطول حكم نقدر نصدره بحقه هو ١٥ سنة لا أكثر..
تنهد سيف بتعب: اسمعني بخلص اشغالي و أجي عندك نتفاهم، خلنا على تواصل..
قفل الخط و حرك سيارته من قدام مكتب رهف وجهتها واضحة، السجن، و يتمنى طول الطريق إنه لما يوصل ما تكون هي هناك، ما يبي ينوجع قلبه وينكوي بنار الغيرة أكثر، ماعاد عنده القدرة يتحكم بأعصابه والدنيا أسودت بعينه..
أنت تقرأ
لا بأس يالقلب الشجاع
Romanceأه لو تدرين لا عوّد العاشق حزين يمشي على جفن و جبين لا باس يا القلب الشجاع ضاع الأمل مالك عذر من لمسة عيوني الشعاع زندي انثنى رمحي أنكسر و قلتي عسى جفنك عساه ما يحترق حاولت ما أغمض عيوني و نفترق..