13

5.9K 235 48
                                    

طلعت تشوف غيث يمشي متوجه للإسطبل، ابتسمت رهف بسخرية لما قرب لها: مسرع أختك اشتكت لك؟
عقد حاجبه: كنت مار صوبكم و سمعت صوتها شسالفة؟
نفضت يدها من بقايا شعر غادة: أبد والله، نقاش عائلي بسيط
توسعت عيونه بصدمة: اما عاد طق ومطاقق؟
رفعت حاجبها: برأيك شكلي شكل وحدة مطقوقة؟ طبعاً لا، بس اختك انطقت انصحك تروح تشيك عليها..
تخطاها غيث يدخل للإسطبل ومع دخوله صرخت غادة مرة ثانية وهالمرة بنبرة باكية: روح عني غيث!!!!
ابتسمت رهف وراحت تبتعد عن الإسطبل..
غيث يحاول يهدي غادة: لا ترفعين صوتج تبين الكل يعرف ان رهف نتفت الاكستنشن حقج؟
زفرت غادة بغضب: والله اخليها تندم يا غيث والله!!
ابتسم غيث: تقدرين تمسينها ووراها سيف؟ تحلمين
حط ايدينها على اكتافها: انتي مشكلتج مع سيف نفسه، سَيف ما يشوفج شيء كان هذا حاله من لما كنا صغار! حتى لو راحت رهف راح يجيب بدالها مليون رهف ويحطها في مكانها، عمرج ماراح تكونين غادة سيدة قلبه او بيته متى تفهمين؟
هزت رأسها بالنفي: بالطيب بالغصب سيف لي، مثل ما خليته يتزوجني غصب و طرق عن خشمه أخليه يطلق رهف و مليون رهف ثانية ويرجع لي! ما صبرت عمري كله أنتظر عشان استسلم بالنهاية و أعطيه لغيري باردة مبردة
تنهد غيث: يا غادة نهاية هالدرب بتضرج! متعلقة بشخص ما يبيج وأسهل ما عليه يرميج، من سنين اقولج ما يناسبج ابعدي عنه لكن انتي عنيدة! تدرين كم شخص يتمنى يطول ظفرج اكبرها و أسمنها و انتي؟ ما تشوفين الا سيف
ابتسمت ابتسامة جانبية: لأن محد فيهم سَيف!
تركت غيث وطلعت من الإسطبل تمشي للفيلا وتشوف رهف و شهد يتمشون بالمزرعة لوحدهم شابكين الأيادي، دخلت للفيلا وتوجهت لغرفتها تصفق الباب بقهر..
مسكت جوالها تبحث عن رقم حاولت تتجاهله كثير لكن طفح كيلها، أخذت نفس عميق واتصلت بالرقم وجلست دقايق تنتظر الرد من الطرف الثاني، ولما وصلها الرَد فزت من مكانها ووقفت تتكلم: هلا، كيف حالك؟ انا بكون بخير لو صار اللي قلت عليه! صحيح قلتلك انتظر لكن ماعاد فيني صبر، نَفذ !
قفلت الخط وراحت تمشي للدريشة تتأمل شهد و رهف و راكان و سَيف اللي طلعوا من المجلس و راحوا يمشون لهم، غمضت عيونها بقهر وشدت على قبضة يدها تراقبهم..
'
سَيف أخذ راكان يتمشون بالمزرعة ولما شافوا شهد و رهف قرروا يكملون طريقهم لهم وكل واحد ياخذ زوجته، شهد اللي شافت راكان من بعيد يبتسم لها وابتسمت هي له وراحت تبتعد عن رهف وتمشي صوبه في أتجاه فرعي يغيبون عن أنظار سيف ورهف.. رهف وقفت بمكانها تنتظر سيف يوصل لها وبهالثواني اللي أخذها يعبر الجسر ويوصل لها حست انها ساعات،
لما قرب ابتسمت له بخفة: شعندك؟
رفع أكتافه وميل رأسه: طلعنا نتمشى و صادفناكم
ما انتظرته رهف يبادر، هي اللي بادرت وقربت منه لفت ذراعها حول ذراعه وناظرها سيف باستغراب: ليه؟
ضحكت بخفة: شنو ليه؟ زوجي..
فَز قلبه و حاول يخفي ابتسامته الخفيفة عنها وهي تتمسك بذراعه يمشون خطواتهم بدون وجهة مُحددة، سحبها لقربه أكثر ورفعت عيونها عليها وابتسمت، كان فرق الطول بينهم يأسر القلب ونزلت عيونها على الأرض تراقب تناغم خطواتهم سوا، يتقدم بيمناه وهي معاه ثم يقدم يساره وهي معاه وتتبعها حركة عكازه السريعة اللي متمسك فيها بإحكام..
نطقت رهف: متى تعتق هالعكازة؟
رمقها بنظرات تعجب و أردف: ليه تضايقج؟
نفت تساؤله و أردفت: تطلع كأنك شايب..
ضحك سيف بخفة: اي انا شايب، ليه مو عاجبج؟
فلتت ذراعه ووقفت تقلب عيونها بغرور: مو جوي الشيبان، راحت عليك
تقدمت بخطواتها تبتعد عنه وهو يتبعها: شنو ذوقج؟
ألتفت عليه: تبي الصج؟
تقدم يناظر عيونها وابتسم: اكيد ابي الصج
تنحنحت بإحراج من اللي بتقوله: ذوقي بطل فيلمي المفضل
ضحك سيف بعدم تصديق: ليه مراهقة تحبين بطل فيلم؟
ضربت كتفه بقوة: مراهقة بعينك يالشايب!
مسك كفوفها وسحبها خطوتين عنده يقصر بُعد المسافة، وابتسمت عيونه: طيب علميني مواصفاته..
توردت خدودها بإحراج لما سحبها ورجعت ورا خطوة ثم لمعت عيونها وهي تتكلم: كان هادي و ساجي وساكن وغامض وعيونه حزينة رغم ان نظراته حادة، عنده كاريزما كلامه قليل واللي يشوفه من بعيد يهابه ويخاف منه، لكنه عن قُرب غير
عقد حاجبه باستغراب: شهالبطل؟ شنو اسم الفيلم؟
ابتسمت بخفة وحررت كفوفها من قبضته: شنو جوك تسأل عن الفيلم؟ توك تقول مراهقة! ماراح أعلمك..
تجاهلت إلحاحه بمعرفة أسم الفيلم اللي اخترعته بثواني، ماعندها فيلم مُفضل بطله بهالمواصفات، هي كانت توصف فارس أحلام مراهقتها وبطلها الواقعي اللي أنقذها في لندن من ١٥ سنة و توها الحين تكتشف انه هو نفسه زوجها، ابتسمت ومشت تبتعد بخطواتها عنه وهو يتبوسم بخفة ويتبعها يحس قلبه خفيف طاير لها ولا يمشي على شوره، يضرب عكازه على الأرض بخفة ويدوس على أثر أقدامها الصغيرة ويرفع عيونه ويتأمل خفة خطواتها مثل غزالٍ شارد في ظِل الغروب الساحر والغيوم اللي تلبدت في كبد السماء، كانت ساحرة وكأنها لوحة، راحت تمشي لآخر المزرعة لين وصلت للمحمية، وقفت ثواني وألتفت عليه وأشرت له يسرع بخطواته ويقترب منها و لَبى نداءها، خطواته صارت أسرع وقلبه يسابق أقدامه يبي يوصلها..
قرب لها وناظرته رهف: شوف حرام وين الحراس عنها؟
ناظر المكان اللي تأشر عليه عبارة عن بئر وداخله غزالة صغيرة والواضح إنها جريحة، عقد حاجبه لما رفعت عيونها الغزالة تناظره: لا تحاتين بسيطة البير مو عميق
التفت على رهف يشوفها تناظر الغزالة بحزن: حرام من متى هني ومحد يدري عنها؟ شوف أي حد يساعدها
تنهد سَيف: خليني أطلعها بعدين أحاسب الحراس..
طلع جواله و محفظته من مخباه وعطاهم لـِ رهف اللي ناظرته باستغراب: ناوي تنزل بنفسك؟ لا خيير..
ما رَد عليها و شمر عن ساعديه يرفع أكمام ثوبه، رهف اللي شافت راكان و شهد من بعيد و أشرت لهم يجون عندها، سيف رمى السديري وغترته على جنب ورفع ثوبه، ألتفت على راكان اللي كان يبي يتدخل ويساعده وينزل بداله
وقفه سيف: ما عليك ترا كله ٣ أمتار مو عميق، بسيطة
نطقت رهف: لو تعورت؟
رفع حاجبه سيف: قلت بسيطة تطمني..
وصلوا سعود و ريان اللي شافوهم من بعيد وقربوا باستغراب، تناقشوا كيف ينزل سيف لقاع البير الفارغ من الماء كلياً من سنين، لكن رهف كانت تعارض وتقول في طرق أأمن، شهد سحبت رهف بعيد عن سيف لأنها تعيق حركتهم، ربط حبل على خصره و سَمى بالله وتوكل عليه، تأكد ان راكان و ريان وسعود فهموا عليه، ونزل للبير اللي عمق ٣ أمتار وعرضه أقل من متر، كان نزوله حاد لأن الحبل أنفلت من يد ريان وأختل التوازن، نزل رأسه سعود يتأكد ويتطمن: تعورت؟
رفع رأسه سيف: لا كل شيء تمام..
انحنى يشيل الغزالة بحضنه يشوف نزف ساقها والواضح إنها مكسورة، ابتسم لها بخفة: لا تخافين..
شد قبضته على الغزالة بإحكام، ورفع رأسه لـ سعود: يا الله توكلوا
هز رأسه سعود وأشر للشباب يساعدونه، رفعوا سيف بسهولة وكانت العملية بسيطة فعلاً مثل ما طمن رهف قبل ينزل..
قربت رهف تشوف الغزالة بحضن سيف: ياعمري متعورة!
نطق سيف بنبرة غضي: سعود ولا امرٍ عليك كلم البيطري، و أجمع لي الحراس كلهم بتفاهم معاهم..
راح سعود وأخذ معاه ريان، همس ريان لِسعود: شكل سيف ناوي يجلد الحراس، لهالدرجة الغزالة غالية على قلبه؟
ابتسم سعود: من يصدق صياد الغزلان السيف البتّار ينزل بنفسه وينقذ غزالة جريحة؟
عقد ريان حاجبه: اما غريب!
ألتفت سعود للخلف ثواني يشوف رهف اللي واقفة قدام سَيف وهو يتأملها، ابتسم سعود بينه وبين نفسه وهمس "شكله اعتزل صيد الغزلان" كان يشير لِـ رهف بأنها الغزالة اللي سرقت قلب وعقل سَيف وغيرت أطباعه، كملوا طريقهم سوا..
سيف كان يتأمل رهف اللي تلمس وجه الغزالة بنعومة وتكلمها وكأنها تخاطب أنسان وهو جالس على طرف البير وشايلها بحضنه، كان عطرها يفوح مع كل نسمة هواء تمر وتحرك ثيابها، شهد سحبت راكان وانسحبوا يرجعون بخطواتهم ويتركون عصافير الحُب لوحدهم لما شافوا سيف غارق بنظراته و رهف لاهية عنه مع الغزالة وتتكلم بحماس..
لما طال سكوته رفعت عيونها رهف تشوفه يناظرها وعيونه تلمع، حست بقشعريرة تسري بكامل جسدها من سحر نظراته ولمعة عيونه اللي لمحتها لأول مرة، تنحنحت وابتعدت عنه شوي وحاولت تشتت تركيزه عشان يكفّ النظر عنها: وين جوالك؟ او جوالي..
ما انتظرت رده لأن جواله عندها، صارت تدور في مخباها على جوال اي واحد فيهم، وتساءل هو باستغراب: ليه؟
طلعت جوالها من مخباها: عشان أوثق اللحظة، انت والغزالة الجريحة و انزل مقال بعنوان " سَيف الجنتلمان الذي يهوى إنقاذ الغزلان" وتضرب مشاهدات موقعي..
ضحك سَيف على تعبيرها العفوي وبهذيك اللحظة تحديداً التقطت له رهف صورة، صورة من جمالها تكاد تشك أنها لوحة فنية، ضحكة سيف النادرة جداً وتضييق عيونه بشكل خفيف تأثير ضحكته وارتفاع وجنتيه للأعلى، وأنيابه اللي بانت حدتها، مشمر عن ذراعه وثوبه متوسخ طين جالس على طرف البير وبحضنه غزالة جريحة جمالها ساحر..تأملت الصورة واتسعت ابتسامتها،
ورجعت تناظره بإعجاب واضح: لايقة عليك...
ابتسم بخفة لما شاف نظرات الإعجاب: شنو؟
قربت تراويه الصورة: اقصد الضحكة لايقة عليك، اضحك دايم!
ناظر الصورة، استغرب هو بذاته ما يذكر انه شاف ضحكته ما يذكر متى كانت اخر مرة أدرك فيها انه يضحك، كل ضحكاته الاخيرة كانت معاها وبسببها، تأمل ملامحه الضاحكة بالصورة ورجع يناظر الأعجاب بعيونها، فهم انها حَبت ضحكته وهذا الواضح له، وقلبه السجين بين ضلوعه فَز لها ولقربها وده يكسر ضلوعه ويعانق قلبها..
جلست جنبه بعفوية: خلنا نصور سيلفي
عقد حاجبه: لا لا ما أحب!!
رفعت حاجبها بانزعاج: اشوفك مع سعود تصور.....
سكتت تبلع كلماتها لما حست انها جابت العيد، أبتسم سَيف وناظر عيونها اللي تتصدد عنه: شدراج اني اصور مع سعود؟
ارتبكت: ما ادري بس توقعت يعني..
كتم ضحكته عليها وقرب منها اكثر: يلا نتصور، صورة وحدة
جهزت الكاميرا ورفعت يدها تحاول تصيد زاوية مناسبة يظهرون فيها اثنينهم لكن كان سيف وبسبب طول قامته ما يبان رأسه، فهم معاناتها وقرب اكثر وهي وتصنمت بمكانها لما شافته يسند رأسه على كتفها اليسار ويناظر الكاميرا: يلا صوري!
بلعت ريقها بارتباك تحس قلبها بيطلع من مكانه حبست انفاسها من قربه تخاف يسمع هذا الصخب كله صخب قلبها اللي ما عاد تقدر تفسره او تبرره، ابتسمت بخفة والتقطت الصورة بسرعة...
وفَزت من مكانها بسرعة لما لمحت من بعيد سعود و ريان ومعاهم الطبيب البيطري وخلفهم الحراس المسؤولين عن المحمية، عقد حاجبه سيف يناظر الحراس و سلم الغزالة للطبيب البيطري ياخذها معاه للداخل، ألتفت على رهف اللي كانت خلفه: روحي داخل، أغربت الشمس
اخذت السديري وغترته ومشت تبتعد عنه بخطواتها ترجع للفيلا بهدوء، ظَل يراقبها لين ابتعدت وغابت عن أنظارهم وألتفت على الحراس اللي ارتبكوا بنظرة وحدة منه وقرب سعود يوقف على يمناه وتقدم المسؤول عنهم: يا طويل العمر..
نطق سَيف بحدة: عندك فرصة تشرح لي شصار؟
بلع ريقه بتوتر كبير: والله الصبح قبل ما توصلون طلعنا الحيوانات للمزرعة يسرحون ويمرحون و بعدين رجعناهم...
قاطعه سيف بصراخ وضرب عكازه على الأرض بقوة: وما تفقدتوهم؟ ما حسيتوا ان العدد ناقص؟ ومفروض انكم نظفتوا المزرعة بالكامل قبل لا يوصلون ضيوفي!!!! يعني من ساعات محد فيكم تفقد الحيوانات في المحمية؟ هذا إهمال رسمي يا حسن..
اردف حسن بإرتباك: غلطت و اعذرني طال عمرك
رفع سيف عكاز يأشر بإتجاه بوابة المزرعة: كلكم مطرودين، تفضلوا أخذوا اتعابكم و توكلوا على الله
توسعت عيون سعود وهمس له: سيف..
ألتفت عليه سيف: عطهم حقهم يا سعود، و شوف غيرهم
ريان كان يراقب الموقف بصمت تام، التحول المُخيف بين سيف بحضور رهف وشلون كان يحاول يتماسك ويكون رقيق وهادي قدامها، وبعد ما صَدت صار شخص ثاني، نظرته كلامه وأفعاله كلها قسوة وحزم مو طبيعي، يشوفه يتجاهل اعتذارات العاملين عنده وتوسلهم إليه، بكل برود استدار يجر خطواته للمحمية عند الطبيب البيطري و ترك سعود يتفاهم مع الحراس، سعود أخذ ريان معاه وراحوا بعد ما صرفوا الحراس..
'
بعد صلاة المغرب، لما وصلها خبر ان عيلة ابو ضاري معزومين على العشاء بدلت ملابسها ولبست فستان باللون الأبيض قصير لين أعل الركبة بأكمام طويلة، سرحت شعرها ويڤي وتركته بأريحية يغطي ظهرها مع مكياج خفيف لكن حَبت تكسر رتابة اللون الأبيض مع روج أحمر صارخ وكحل بُني داخل العين يزيد من اتساع عينها ويفتح لون عينها العسلية أكثر وأكثر، مع اكسسوارات بسيطة، واخر خطوة رَشت من عطرها الشتوي المفضل على أماكن النبض وفاحت ريحتها بكل أرجاء الغرفة، ألتفت لما دخل سيف للغرفة بثوبه اللي مليان طين وشعره الكيرلي المُبعثر وابتسمت بدون شعور لما شافته، هو اللي تَنح بجمالها ثواني، ما اعتاد على هالزين وفي كل مرة يوقف قدامها مبهور، نزل عيونه وتنهد يحاول يرتب أنفاسه: باخذ شاور وأطلع
هزت رأسها: بجهز لك ثوبك، اي واحد تبي الاسود ولا الرمادي!
رَد بدون ما يطالعها: الأسود..
فتحت رهف الخزانة تجهز له ثوبه وتبخره وهو دخل ياخذ شاور سريع، مسكت عكازه تشوف أطرافها فيها طين ونظفتها وتركتها جنب ثوبه وجلست على جوالها تنتظره يطلع، وكانت تقلب بالصور اللي صورتهم اليوم، وبالأخص صورة سَيف وهو يضحك قربت الصورة أكثر تتأمله وبدون شعور ارتسمت ابتسامة صادقة على مُحياها، لأول مرة من شهور بالألم والوجع بدأت تحس بخفة في قلبها اللي كان من مُدة مُنهك ومُثقل بأوجاع ماضيها، لما استوعبت انها تبتسم فجأة بدون سبب هزت رأسها باستغراب: رهف شفيج صحصحي....
بهالاثناء طلع سيف من الحمام ورفعت رأسها تناظره وتوسعت عيونها بدهشة للمرة الثانية تشوفه بهالمنظر، عاري الصدر ويلف منشفة على خصره، وخصلات شعره الكيرلي مبللة تنزل تغطي أهدابه بعشوائية، عضلاته المفتولة وأكتافه العريضة وبشرته الحنطية شتت تركيزها وقطعت أنفاسها، لما استوعبت انها جالسة تتأمله و طالت النظر فيه وهو مو منتبه لها كان يدور على جواله، نفضت رأسها بخفة وبلعت ريقها بإرتباك وطلعت للبلكونة وسكرت الباب خلفها بهدوء، حَطت يدها على صدرها اللي يرتفع ويهبط بتسارع وضربت يسار صدرها بخفة تحاول تهدي قلبها اللي ينبض بشكل مُريب، رغم برودة الجو الا انها تحس نار مشتعلة داخلها من شدة إحراجها من اللي شافته ومن نظراتها له، كيف طالت النظر فيه تتأمل تفاصيله؟ حست بخجل كبير، وعلى الرغم من الحرارة اللي طغت في كيانها إلا ان أطرافها متجمدة ومدت أناملها الباردة تحاول تخفف من حرارة خدها المتورد بخجل كبير ما سبق لها وحست بهذا الكم من الخجل والشعور اللي ما هي قادرة تفسره، دقايق و طلع سيف بكامل حلته للبلكونة يفتح الباب: ليه واقفة هنا برد لا تمرضين
ألتفت عليه بهدوء: كان حر داخل..
فتح الباب على مصرعيه يشير لها بالدخول، مشت بهدوء تتخطاه وتدخل للغرفة ورجفت ضلوعها من الدفء اللي حست فيه بعد البرد اللي كانت فيه برا، قرب منها سَيف يتأمل وجهها بحجاج معقود ومَد كفه يلمس جبينها ثم حضن وجهها بالكامل بين ايديه: ويهج احمر وحرارتج مرتفعة! مناعتج ضعيفة اكثر مما توقعت من نسمة هواء تمرضين
رهف اللي حست انها ذابت من كفوفه اللي حضنت وجهها بخفة وتناظر عيونه تشوف نظرة قلق وخوف، ابتسمت وأردفت بخفوت تطمنه: مافيني شي بس الجو حر من التدفئة
غمض عيونه تعب من عنادها: ألبسي شي يدفيج شنو هالفستان قصير والدنيا تعصف وتبرق وترعد برا!
ناظرت فستانها: عادي بنقعد في المجلس داخل والتدفئة شغالة بكل مكان ما علي شَر
رفع حاجبه: بتطلعون تشبون نار برا، أولاً هذا منظر تطلعين فيه بالمزرعة؟ منو يلبس فستان بالمزرعة لو مر حد وشافج؟ ثانياً برد وبتمرضين ومرضج شين يطول..
مدت بوزها: ترا ألبس على كيفي عاجبني الفستان وقماشه توييد ثقيل ويدفي، واذا خايف امرض وتبتلش فيني هالمرة لا تساعدني طيب ماراح اطلب مساعدتك!
تنهد بنفاذ صبر منها وراح يمشي لين وصل الخزانة فتحها وطلع فروته من داخلها، رجع وقف قدام رهف و حَط الفروة على أكتافها: ما تطلعين خطوة بدونها، ولا تنسين تغطين شعرج بعد
ما عطاها مجال تعترض ان الفروة خربت إطلالتها وغطت على الفستان لأنه سحبها من ذراعها معاه يطلعون سوا، وصلها للمجلس في قسم النساء و راح هو يعبر البحيرة ويروح لقسم الرجال، ناظرته رهف بغضب: مجنون سيطرة!
دخلت للمجلس و علقت فروته على جنب وراحت تجلس جنب أمها و شهد يتكلمون، في حين أصايل ما وصلت و غادة بغرفتها من العصر مالها حس... بعد مدة بسيطة وصلوا عيلة ابو ضاري، زوجته ام ضاري وبناته الثنتين جُمان و جود، استقبلهم أصايل بكل ذرابة و سنع وأناقة وخلفها رهف، جود لما شافت رهف فَهت وفيها وبجمالها، جلست جنب اختها جُمان وهمست لها بخفوت: غزالة ماشاءالله طلعت بالواقع اجمل من التلفزيون والصور
رَدت جُمان: اي تبارك الرحمن جميلة
التفتوا على دخول غادة للمجلس، بإطلالة تبرق وترعد أنيقة لكن بشكل مُبالغ فيه بالنسبة لعزيمة مختصرة وكأنها تحاول تلفت الانتباه غصب، سلمت عليهم وعرفت نفسها بإنها زوجة سَيف الأولى و بنت عمه، وأكدت على زوجته الأولى وكأنها تحاول تغيض رهف وتأكد فكرتها بجملة "انتي خيار ثاني"، تنهدت رهف وتجاهلت حركات غادة الطفولية وابتسمت لِـ جود وجُمان اللي يناظرونها بابتسامة واعجاب واضح رغم توتر الجو بحضور غادة..
جود همست لأختها: زوجته الأولى بعد حلوه، شكله ذويّق!
نغزتها جُمان: تكفين خلاص واضح اننا نتكلم عنهم اسكتي
تالمت جود بصمت: قسم بالله انتي نكدية خلينا نتونس..
تساءلت شهد: بنات شنو تدرسون؟
ابتسمت جُمان: انا خريجة ماستر بزنس، عندي براند خاص فيني حالياً
تحمست شهد: واااو حبيت براند شنو؟
تحولت كل الأنظار على جُمان وحست بإرتباك من نظراتهم وألتفت على جود اللي تناظرها بفخر: انا مصممة ازياء
كملت جود بدالها: اتوقع كلكم تعرفون البراند حقها مشهور نوعاً ما بالخليج، براند Ju Style وقريباً راح تفتح أتيليه بالدوحة وبصراحة هذا سبب زيارتنا نضبط الأمور
توسعت عيون رهف بدهشة: الا اعرفه هالبراند تعاملت معاكم من قبل سنة يمكن كان عندي مناسبة ودورت السوق كله ولا حصلت اللي في بالي الا عندكم، الفستان كان يجنن تحفة!
ابتسمت جُمان: تسلمين هذا من ذوقج الحلو..
ألتفت شهد على جود: و انتي يا جود؟
ضحكت جود بخفة: خلونا نغير الموضوع أحسن لان صارلي خمس سنين في الجامعة ومو عارفة شلون اطلع منها
ضحكت رهف: خمس سنين؟ شنو تدرسين؟
مدت بوزها جود: أدرس تمريض، مادري وين كان عقلي لما دخلت مفروض اتخرج العام لكن يلا باقي هالكورس ان شاء الله
كملوا سوالفهم بشكل طبيعي و غادة تدخل بين المواضيع بشكل عشوائي تحاول تضيق على رهف لكن رهف تجاهلتها كُلياً، وبعد العشاء قرروا البنات يطلعون يتمشون في المزرعة شوي، غادة ما طلعت معاهم وقعدت مع الحريم في الجلسة الخارجية تراقب الأوضاع بهدوء من بعيد..
رهف لبست فروة سيف تتدفى فيها من الهواء اللي كان يلفحها وفستانها ما يساعد، شدت الفروة بقوة بحضنها تدفي ضلوعها وراحت تمشي مع البنات يقربون من البحيرة، كانت جود العنصر الصاخب بينهم و شهد تجاريها بهذا الصخب بسبب طاقتهم العالية، راحوا يتقدمون عن جُمان و رهف يتوجهون للإسطبل، ابتسمت جُمان: جود حصلت لها رفيجة
ضحكت رهف: تهبل عبيطة طاقتها ما تخلص ماشاءالله، انا بعد العشاء ودي أتمدد و حد يسويلي مساج صادني خمول
ألتفت عليها جُمان: الا ع طاري المساج باجر حاجزين سبا انا و جود و أمي، حياكم انتي والبنات معانا نتسلى كلنا
حكت جبينها رهف تفكر: والله مادري بشوف اذا ماعندي اشغال وايد في المكتب بكلمج ونشوف..
ودعوا عيلة ابو ضاري وانتهت الليلة على خير وكلٍ راح غرفته وعيلة مبارك في منزل الضيوف ياخذون راحتهم، رهف دخلت غرفتها بتعب تمددت على السرير السهرة كانت حلوة مع البنات و حبتهم ذرابة و سنع و أدب وأخلاق، بدلت ملابسها وخلصت روتين العناية الليلي لكن سَيف ماله وجود في الغرفة لحد الحين، ما شافته من لما طلعوا المغرب، توقعت يكون سهران مع سعود والشباب برا اتصلت فيه مرتين ولا رَد عليها..

لا بأس يالقلب الشجاعحيث تعيش القصص. اكتشف الآن