24

5.7K 205 52
                                    

سعود اللي كان مستعجل ينزل من شقته ويدخل المصعد وعينه على الجوال يتواصل مع الضباط، كان مو منتبه للي معاه في المصعد و تناظره بهدوء تام..
"شخبارك سعود؟.."
ألتفت باستغراب وهنا تسارعت نبضات قلبه من اللي واقفة خلفه، بلع ريقه بإرتباك واضح: انتي..
ابتسمت ورفعت حاجبها: اي انا، وحشتك؟
وقفت المصعد على الطابق اللي هم فيه
عقد سعود حاجبه بانزعاج ورجع خطوة للخلف: شتبين ياغادة؟
كانت واقفة تلعب بخصلات شعرها: مابي شي، قلت اشوفك اكيد وحشتك من شهور ما تقابلنا...
صَد عنها وابتسم: ليه بيننا شي عشان نتقابل؟ نسيتي انتي منو و انا من؟ يا بنت الاكابر يا بنت ابراهيم!
تلاشت ابتسامتها: وأنت تجرأت وحبيتني لما كنت مجرد مجهول الهوية ولما انا كنت خطيبة رفيج عمرك، كنت تبيني وتموت على نظرة مني...
قاطعها: أصحح معلوماتج، هذا كله قبل ما تصيرين خطيبة سيف رسمياً، كانت مشاعر طفولية لا آكثر ولا أقل، من يوم صار اسمج على اسمه طلعتي من خاطري..
ضحكت بخفة: شفت نفسك علي بعد ما عرفت اصلك وفصلك و صار اسمك رسمياً "سعود بن سلطان الخاطر" ؟ لكن ادري ان قلبك للحين يبيني وأقدر أجزم اني لو أأشر لك تجيني ركض
ابتسم لها ببرود: لو تأشرين من هنا للصبح، والله ما تحركين فيني شعرة و جربي الحين لو تقدرين
استدار يفتح باب المصعد ويخرج منه، سمع صوتها وهي تناديه بقهر وغضب يعرفه عدل، غضب غادة الطفلة لا ضاقت فيها الدنيا ودارت ما لقت حد تلعب معاه وبالوقت اللي سَيف يتجاهلها وتنجرح تركض عند سعود تلعب معاه..
"سعود أسمعني..."
تجاهلها وطلع وهي تمشي وراه بكعبها العالي وتنافخ بقهر لأنه اعتبرها ما كانت، نزل للمواقف يوصل لسيارته يركب فيها و نيته يحرك ويبتعد عنها، ووقفت هي بمكانها قدام سيارته تمنعه من الحركة وابتسمت: وين بتروح مني؟
قلب عيونه بنفاذ صبر: غادة ترا كبرنا على هالحركات، توكلي!
رفعت حاجبها: ما تبي تعرف شنو مصير اختك المحبوبة؟
سكن سعود من طرأت رهف وانقبض قلبه، استغلت الفرصة غادة وتحركت من قدام السيارة تتوجه لجهة الراكب، تفتح باب السيارة وهي في قمة روقانها وتناظر سعود: ما تدري ان اختك مريضة؟ او بالأحرى قاعدين يسممونها ويمرضونها؟
شافت الخوف واضح على ملامحه وضحكت بخفة: اهخ يا هالرهف هالكثر غالية؟ كلكم تختبصون لا انطرا اسمها
تكلم سعود من بين اسنانه بحدة: غادة قولي اللي عندج!
ميلت ثغرها بإمتعاض، وجودها حتى عند سعود أصبح غير مُحبب، ابتسمت له بخفة ونطقت: أصايل، طلبت مني ارجع لحياة سَيف بالمقابل أساعدها في اننا نتخلص من رهف
عقد حاجبه: شتقولين انتي؟ مالي خلق أسمع كذباتج..
تنهدت بنفاذ صبر: ما اكذب، بصراحة الفكرة عجبتني في البداية منها اتخلص من رهف ومنها تخط لي خطوط رجعة مع سَيف و أصير انا عمة الكل في القصر... لكن تراجعت
هز رأسه وناظرها باشمئزاز: تراجعتي، يعني بديتي معاها؟
ناظرت عيونه ثواني ورجعت تصد عنه: بديت معاها حتى انا اللي عطيتها اسم الدواء اللي تحطه يومياً في أكل رهف عشان تصير تهلوس وتتوهم وتسبب ضمور في ذاكرتها....
أنتفض سعود بغضب: شنو شنو شنو!!!
نزلت عيونها تناظر كف سعود اللي مسكتها من ذراعها بقوة ينفضها، ابتسمت بخفة: رهف من شهور هالدواء يدخل بشكل تدريجي لجسمها بواسطة اصايل اللي مقعدينها وسطكم...
زفر سعود بغضب: ألعن *** ***** و اليوم اللي شفتج فيه
ناظرته غادة: سعود قلتلك اني تراجعت...
حرك سيارته بغضب متوجه للقصر: تراجعتي عقب شنو؟ يا مريضة انتي مختلة تظنين سيف بيطل في ويهج؟ كنتي قدامه عمر ولا فكر فيج يالمهووسة، تقولين تراجعتي مسوية فيها طيبة الحين وجاية تصلحين الخراب اللي بديتيه...
ابتسمت غادة: المهم اني جيت وحذرتكم، تواصلت مع سيف لكنه تجاهلني قلت مالي إلا أنت..
وقف سعود سيارته بنص الطريق: انزلي
ناظرته بصدمة: سعود بتنزلني بنص الشارع!!
صرخ عليها: اقولج انزلي ما تفهمين!!!!!!
زمت ثغرها بقهر: بدال ما تشكرني!
اخذت شنطتها ونزلها بنص الشارع و شخط بسيارته بسرعة متهورة، وقفت غادة تناظره في وجه عابس، ما اعتادت على هذي النسخة من سعود، اللي كان ينزل عينه من فرط إعجابه ولا يقدر يناظرها، كان يطيل النظر فيها خلسة ولما تلتفت له يتظاهر بالتجاهل والبرود، لكن الحين كل شيء فيه تغير من نظرة عيونه القاسية لنبرة صوته الباردة لدرجة تجعل ضلوعها ترجف في حناياها، سعود الوحيد في حياتها اللي راهنت انه يبقى مهما قالت له مهما ذلته و تعالت عليه، ظنت أنه يبقى معاها ويحبها ويحميها في ظهرها، لكنها خسرته هو أول شخص قبل ما تخسر الجميع، من سَيف لأبوها لأمها..
تنهدت وهي تناظر الشارع ونسمات الربيع الباردة تداعب شعرها وينساب ويغطي اكتافها، لمت عبايتها اللي على اكتافها تحاول تهدي من رجفة ضلوعها اللي تظن انها من البرد، ابتسمت بخفة وأردفت: والله وطلع لك لسان يا سعود..
'
-مركز الشرطة-
سيف بغرفة المحقق والدنيا صاكة فيه: ممكن أفهم شلون ضيعتوا أثره؟ مجنون بنص عقل يهرب منكم للمرة الثانية!!
تنهد المحقق: لأنه مجنون بنص عقل على قولتك، ما نقدر نتبنأ بأفعاله مثل الانسان السوي..
ناظر سيف ساعته وباله مشغول على رهف، تنهد ورجع يسند ظهره على الكرسي: ابي حراسة مشددة على بيتي و زوجتي تحديداً، لو يمس منها شعرة وحدة أحرق مركزكم باللي فيه!
ابتسم له المحقق بخفة: لا تشيل هم ما يقدر! ترانا نتبع أخر اشارة منه وبنشوف على خير، لكن ما تعرف منو ممكن يساعده؟ غير عياله لإن مراقبتنا لهم ما جابت نتيجة واضح في شخص يساعده ويتحرك ويسبقنا بخطوة..
قطع عليهم صوت اتصال وارد لجوال سَيف، مسك جواله يشوف اسم سعود منور الشاشة و رَد فوراً: هلا سعود وينك...
قاطعه سعود: رهف وين؟ مع منو؟
وقف سَيف على حيله: رهف في البيت نايمة و أمي عندها..
صرخ سعود: انت ليه تخليه مع أمك!! ما تدري امك شمسوية!
طاح قلب سيف بخوف: سعود شفيك لا تخرعني انا اشوف بالكاميرا....
رجع سعود يصرخ مرة ثانية: امك ناوية تقتل رهف بالموت البطيء بدون محد فينا يحس أصحى يا سيف
قفل سيف الخط وألتفت على المحقق: أظن اني عرفت منو يساعد ابراهيم، امي.. أصايل!
استنفروا عناصر الشرطة بالوقت اللي سيف حَرك فيه متوجه للقصر، عينه على كاميرات المراقبة بجواله يشوف رهف نايمة لوحدها، وعين ثانية يراقب فيها الطريق، و آه يا بعد المسافة..
'
وصل سعود للقصر و دخل بدون مقدمات بدون لا أحم ولا دستور صعد لجناح سَيف، حاولوا الحراس يمنعونه يدخل
رفع حاجبه: شكلك جديد ما تعرف انا منو!
أردف الحارس بهدوء: استاذ سيف أعطى أوامر...
صرخ سعود: انا اخوها ما تفهم!!!
دفع الحارس على جنب ودخل للجناح، وفوراً لغرفة النوم وكان يشوف أصايل واقفة عند رأس رهف وألتفت على دخول بصدمة
صرخ سعود: وخري عنها!!
انتفضت أصايل بخوف: انت تصرخ علي شكلك نسيت...
قرب سعود يدفعها وتراجعت للخلف: لا تلمسين أختي!!
قرب يلمس جبين رهف يشوف حرارتها مرتفعة، ألتفت يناظر أصايل بحدة: شسويتي فيها؟!
بلعت ريقها: سَيف حطها امانة وجيت اتطمن عليها
صرخ سعود: تتطمنين عليها؟ بلا كذب غادة غدرت فيج واعترفت بكل شي يا شيخة أصايل، الدواء اللي تعطينه لأختي شنو؟ وربي لأخليج تندمين...
فتحت عيونها رهف من صوت الصراخ مفجوعة، تشوف اصايل واقف قدام سعود اللي معطيها ظهره وتناظره بحقد دفين
فَزت من مكانها: سعود!
ألتفت سعود عليها يشوف نظرات الحيرة والدهشة على ملامح رهف أطلق تنهيدة مُتعبة: يا ريحة أهلي كلهم
دنى لمستواها يحضنها وهي تحت نفس الصدمة تشوف أصايل تطلع من الغرفة باستعجال، تساءلت: شفيكم شصاير؟
ما مدى سعود ينطق حرف بعد اندفاع سَيف للغرفة، كان وجهه شاحب وبؤبؤ عينه متوسع على مداه دليل خوفه و ذعره تنهد بخفة لما شافها بخير و ساقته خطواته لها ينتشلها من حضن سعود وياخذها لحضنه، كانت رهف مصدومة من حالة سعود و سيَف زاد صدمتها بخوفه الواضح، دفن رأسه بين كتفها وعنقها وكان يلهث ويتنفس بصعوبة من المسافة اللي ركضها ونبضات قلبه متسارعة تشعر فيها رهف تضرب بصدرها..
باس كتفها بخفة: انتي بخير صح؟
ابتعد عنها يتفصحها بعيونه يتأكد من سلامتها وهي مذهولة من سبب هذا الخوف، نطقت بخفوت: انا بخير انتوا شفيكم؟
ألتفت سَيف على سعود: لا تتركها بروحها، بروح أشوف أصايل
عقدت حاجبها: أمك؟
حررها سيف وتركها تجلس بحيرة وتشوفه يطلع من الغرفة وعيونه معمية بالغضب، وقف رهف تتبع خطواته رغم محاولات سعود في أنه يمنعها: رهف لا تروحين
تنهدت بتعب: سعود بعرف شصاير معاكم! شسالفة ليه سَيف معصب وو...
قاطعها: لأن اصايل كانت تقتل ذكرياتج كَالموت البطيء...
توسعت عيونها بصدمة ورجف قلبها، ابتعدت عن سعود وراحت تركض خلف سيف اللي كان بالفعل داخل غرفة أصايل، تسمع صوت صراخه وانقبض قلبها بخوف وقفت خلف الباب وتشوف أصايل على الأرض تبكي ومتمسكة بأقدام سَيف وتترجاه: تكفى سيف أفهمني غادة قصت علي ولعبت بعقلي صدقني ما كانت نيتي أذية رهف والله...
نفض سيف ساقه يبعد أصايل وينزل لمستواها: غادة قصت عليج؟ انا اعرفج عدل يا أصايل محد يلعب بعقلج، انا شسويت لج؟ ليه بداخلج كل هالشر والأذية؟ أنا وأبوي شنو سوينا غير محبتج وبالنهاية هذي جزاتنا منج؟
مسحت دموعها: انت ولدي وحيدي!! شلون أشوفك تمشي ورا مره ثانية وتبيني اقعد عادي؟ خفت تتركني وانا مالي غيرك
عقد حاجبه: اتركج؟ متى كنتي لي أم؟ تدرين متى فقدت أمي وصرتي أصايل؟ الليلة اللي صحيت فيها بعد وفاة ابوي كنت انتظر منج حضن لكن انتي شنو سويتي؟ صفعتيني كف و صدقتي كلام الكل فيني، و تسترتي على الجريمة سنين وخليتني اشك بنفسي و اتعايش مع فكرة اني وحش و قاتل..
صرخت أصايل: كنت تحت سيطرتي وولدي غصب عنك حتى بقسوتك كنت تستثنيني، كنت انا اصايل اللي ماسكة هالقصر وهالعيلة، سكت عشانك و عشاني ليه؟ لأن جدك مو صاحي مستعد يضحي فينا، و قسيت عليك غصبن علي...
وقف سَيف وتنهد بتعب: لهالدرجة ما تحبين تشوفيني سعيد؟ لما شفتيني وأخيراً أحب و أنحب حسيتي بالخطر؟ كنتي تبيني دايماً أكون سيف الساطي اللي يبطش ويظلم ولا يشوف أحد قدامه عشان تبقين انتي الملكة الأم؟ تعرفين أني أحب رهف تقومين تضريني فيها وتأذينها؟ ليه يا أصايل ليه!!!
صرخت بقهر: ماتحملت فكرة بنت تاخذك مني وتغير اللوحة الفنية اللي تعبت عليها سنين، كنت راضية في غادة لأني اعرف ماتشوفها شي ولا تقدر تأثر عليك وتغير رأيك! لكن رهف غيرتك في ظرف يومين، طلعت انسان ثاني من داخلك ماعدت أعرفك ولا اقدر اثق فيك او...
ارتخت ملامحه: مأساتي كانت لوحة فنية بالنسبة لج!
أردفت أصايل بإبتسامة: اي سيف بن شاهين كان لوحة فنية غالية، كل من يشوفه يتعجب منه ويهابه، حتى عبدالعزيز كان يحسب لك ألف حساب تخيل! ماكنت تهاب او تخاف من أي شي وماكان عندك نقطة ضعف، كنت سَيف اسم على مسمى
رفعت عيونها تشوف رهف واقفة عند الباب مصدومة و سَيف غير واعي بوجودها، ابتسمت أصايل: لكن السيّف البتّار صار مُرهف وضعيف، يجن جنونه ويفقد عقله من الخوف!
غمض عيونه سيف بقهر: أنتي مهما كان تبقين أمي ماقدر اسويلج شي، لكن عطيتج فرصة من قبل بعد موضوع الجريمة وسمحت لج ترجعين لحياتي وكان هذا طلب رهف على فكرة!
ضيقت عيونه أصايل: يعني؟
حط يده على كتفها: يعني بتفارقين، السيف البتّار صحى ووعى على نفسه، وبتشوفين المعاملة اللي تستحقينها
ابتسم باستفزاز: لو ما تبين تدخلين في سين و جيم بالتحقيق بخصوص علاقتج في ابراهيم، شيلي شنطتج وعلى المطار، ذهاب بدون عودة وعيوني عليج يا أصايل لو سمعت انج حاولتي مجرد محاولة تقربين من رهف، وربي ما ارحمج..
ابتعد عنها و أشر: هذي الفرصة الثانية، الثالثة ثابتة..
استدار للخلف يشوف رهف واقفة تناظرهم بصدمة من اللي سمعته، ومن وجه أصايل الحقيقي اللي ظهر و بان وهي اللي كانت تعطف عليها وتحاول تلين قلب سَيف تجاه أمه..
ناظرتها أصايل ببرود، وكأنها ما تحمل بداخلها ذرة ندم على أي شيء سويته.. قرب سيف بخطواته من رهف يحتويها وياخذها تحت جناحه: خلينا نمشي!
ناظرته رهف وهي تحت تأثير الصدمة تمشي معاه وكفه تسند ظهرها، رفعت عيونها عليه تشوفه مكسور و مجروح، صدمته بأمه رغم كل شيء كبيرة، تقدر تتخيل حجم الألم..
دخلوا الغرفة وبدون مقدمات رهف سحبت سَيف لحضنها، واقفة على طرف أصابعها تحاول توصل له وتشبك ايدينها خلف عنقه تجبره ينحني لمستواها ويستكن في حضنها، تمسح على شعره بهدوء وتهمس له بصوت خافت: انا معاك، لا تخاف
ابتسم بألم لأنها تفهم حتى سكوته، تقرأ مخاوفه من عيونه بدون ما ينطق أي حرف: انتي حياتي و أهلي وعمري كله، معاج ما اخاف ولا أهاب اي شيء...
ابتعدت عنه تناظر عيونه: راح نتخطى هذا كله ونعيش بهدوء!
ابتسم وقرب يبوس أنفها: اوعدج، راح نتخطى ونروح مكان بعيد
استغلت قربه منها وانحناءه لها، و سرقت قُبلة من ثغره تخطف فيها أنفاسه وما تبقى من عقله وقلبه، ابتسمت في وسط قبلتهم لما شعرت فيه يقربها له آكثر ويشدها، ابتعدت عنه بصعوبة تسحب أنفاسها ما اكتفت وتعرف انه ما ارتوى لكنهم اخذوها استراحة محارب بين ساحات الحروب اللي يعيشونها من كل حدب و صوب..
عينه بعينها وكفه تتجول حول خصرها بنعومة: بنترك هالقصر، ونروح بيتنا نبدأ من جديد، لكن ابيج تنتظريني لين اتخلص من إبراهيم ونرتاح..
تنهدت: اتركه سيف، خلنا نروح سوا؟
هز رأسه بالنفي: ابي اتطمن عليج، وماراح اتطمن لين يختفي
مسكت كفوفه تشد عليه: لا تورط نفسك فيه، طيب؟
ابتسم بخفة: مالي نية أروح أي مكان، ابي اعيش معاج لآخر انفاسي تطمني مالج مفر مني الا لي..
ساعدها تربت شنطتها بشكل سريع، والأهم من هذا كله تاخذ صندوق ذكرياتها و الكاميرا اللي طلعت فيهم من بيت المرحوم مبارك والحين بترجع للبيت فيهم بشكل مؤقت..
ابتسمت رهف بألم: اخر صورة لنا كانت في العُلا من المرحوم، ابي نتصور فيها مرة ثانية لما نخلص من هذا كله انا و أنت!
اخذها تحت جناحه اليسار وفي يمناه يدرج شنطتها وعلى وجهه ابتسامة خفيفة: هالكاميرا عزيزة على قلبي، كانت سبب لقائنا الاول قبل اكثر من ١٥ سنة، وكان بداخلي احساس كبير يومها اننا راح نلتقي كيف و شلون؟ ماعرف، لكني حسيت..
رفعت عيونها تتأمله ابتسامته: اليوم اللي تلاقت فيه خطوط أقدارنا، ما كان يوم عادي أبداً..
نزلوا للحديقة
شافوا سعود ينتظرهم عند سيارته، تقدم لهم: انتوا بخير؟
ناظره سيف يطمنه: سعود عادي أطلب منك تاخذ رهف بيت أهلها؟ بوصل أصايل للمطار وأخلص باقي الامور
ابتسم سعود: اخذ رهوفتي لأي مكان تبيه
ألتفت على رهف اللي الهدوء والسكون عنوانها: يلا يبه مشينا؟
هزت رأسها بخفة وألتفت على سَيف: أنتبه على نفسك..
طبع قُبلة على جبينها: في امان الله يا قلبي
راحت مع سعود تناظره وتلوح له بخفة، الابتسامة ما فارقت مُحياه لين اختفت رهف عن انظاره وطلعت من القصر مع سعود، تلاشت ابتسامته تدريجياً واستدار يشوف أصايل واقفة ومعاها شنطتها، تقدمت بخطوات مُثقلة: هذي اخرتها، تنفيني يا سَيف وانا أمك؟
رَد عليها ببرود: كان مفروض تتصرفين مثل "أمي" عشان اعاملج على هالأساس، تفضلي قدامي!
'
في سيارة سعود، كان ذهنه و باله مشغول مستغرب من غادة ليه اعترفت له بنفسها؟ مو من عوايدها..
ناظرته رهف و طالت النظر فيه: تفكر فيها؟
ألتفت عليها بحاجب معقود: منو؟
ابتسمت بسخرية: غادة، اعرف تعابيرك هذي ما تجي الا اذا كنت تهوجس فيها..
رفع حاجبه: وشدخل غادة!
ضحكت من محاولته للإنكار: سعود تراني اعرفك، من اول يوم دخلت فيه هالقصر شفت نظراتك لها و عرفت إنك معجب فيها وبداخلك شعور لها، حاولت تتحكم بنفسك عشانها زوجة سَيف و نجحت، لكنك ما قدرت تقتل هالشعور بداخلك
ارتخت ملامحه: لهالدرجة كنت واضح ومفضوح؟
سكتت رهف ووصله جوابها، تنهد بخيبة أمل: تحكمت بنفسي ومشاعري مو عشانها، عشان سَيف، سنين وانا مُعجب فيها وأحبها بغض النظر عن نوع الحُب اللي كنت اكنه لها بحياتي ما حطيتها بمكانة أعلى من سيف، لأنها ماكانت تشوفني الا احتياط و بديل! في الوقت اللي سيف ما يعطيها وجه كانت تركض لي وتلعب معاي، كانت تدخل نفسها بمصايب وفضايح لأنها متعطشة للاتنشن من سَيف وفي كل مرة اروح انتشلها من المستنقع تنظر لي بقهر لأني انا اللي رحت لها مو سيف
سكت ثواني ثم رفع أكتافه بعدم معرفة: او يمكن ما حبيتها هي كَشخص، حبيت فكرة انقاذي لها في كل مرة، حبيت فكرة تعلقي بالنجمة اللي ما أقدر أطولها، وصارت حافز لي عشان أوصل حق اللي وصلت له بعمر صغير!
هزت رأسها بالايجاب رهف توافقه: صحيح، لكن لا تنكر مشاعرك بالماضي لها، وبنفس الوقت لا تخط خطوط رجعة معاها، انا اعرف البنات اللي مثل غادة تحب كل شب ماتقدر تملكه! والحين انت صرت شخص صعب عليها تملكه وبترجع تحاول معاك وتبي منك فرصة! اقطع آمالها قبل تبدأ..
سكت سعود وركز على طريقه، مُثقل في تفكيره وبين همومه ومشاعره والاحتمالات الكثيرة اللي عاشها بعد رجعة غادة..
وصلوا بيت المرحوم مبارك، نزلت رهف و ساعدها سعود ينزل الشنط واستقبلوه ريان و راكان في المجلس..
ابتسم راكان: هلا والله أسفرت و أنورت بأخونا الثالث
رَد له سعود الترحيب بحرارة وجلسوا، شرح لهم سعود كل شيء بالتفصيل وتركهم بصدمة و ذهول..
عقد حاجبه راكان: مستحيل اسمح لأختي ترجع عند ذيك العيلة، هذيل مب صاحين مستشفى مجانين!!
كمل ريان: ألا سيف أشك انه مو ولدهم خل يفحصون
ضحك سعود وبصوت خافت: سيف اكثرهم جنون بس رهف عقلته
ناظره راكان: سَم ما سمعتك؟
ابتسم سعود: لا ابد سلامتكم أقول إن سيف مقرر يترك القصر ويروح يستقر مع رهف بعيد لوحدهم يعيشون فترة نقاهة..
'
-في الصالة- كانت ريم تحضن رهف وتسمي عليها، بداخلها غضب و قهر أم ماقدرت تحمي بنتها، من بداية زواجها من سَيف و ريم مو راضية، وكانت تلاحظ نغزات ونظرات أصايل بس توقعت شعورها شعور ام زوج غيورة بحدود المعقول ما توقعت إن جنونها يوصلها لهالاجرام، كانت رهف مستكنة في حضن ريم وتناظر شهد تنزل مع الدرج وبطنها بدأ يبرز أكثر، ابتسمت رهف بصدق ولمعت عينها: حبيب عمته وحشني
عقدت حاجبها شهد: شدراج انه ولد للحين ما صورت موعدي بعد يومين!
رفعت حاجبها رهف بثقة: انا رهف اقوى من اي سونار
جلست شهد جنب ريم وسندت رأسها عليها: لو ولد نسميه مبارك، ولو بنت أسميها رهف
ناظرتها ريم وعيونها تلمع: ان شاء الله انه ولد، وياخذ من اسم مبارك نصيبه ويطرح البركة في طريقه يا عيوني هو
تنهدت رهف وفزت من حضن ريم: شكل الغلا كلها حق بروكي، ريم المكاحيل لو سمحتي خلي شوية غلاة حق عيالي!
ضحكت شهد: يالغيورة! انتي احملي أول بعدين نفكر
عبست رهف بوجهها: اكيد اغار هذي اميمتي انا بعد..

لا بأس يالقلب الشجاعحيث تعيش القصص. اكتشف الآن