17

6.2K 223 43
                                    

راح سيف للمكان اللي قالت عنه شهد، كان مكان مزدحم بالناس يدور على رهف مثل اللي يدور عن أبرة بين كومة قَش، افترقوا هو و راكان كل واحد فيهم راح يدور بجهة والخوف سيطر عليهم الاثنين خصوصاً ان سيف قال رهف ناسية جوالها بالغرفة ما اخذته معاها العصر، يعني لو صارلها شي ماتقدر تتواصل معاهم، عجزوا في المكان ولجأوا للأمن يوصفون لهم الشكل ولون عبايتها ومواصفاتها بشكل واضح.. مع الكاميرات ورغم الزحمة سيف شاف خروجها من الحَي بهدوء وكانت لاهية تناظر كاميرتها ومشغولة فيها..
تنهد سيف: الطريق بين الفندق و الحَي مستحيل ترجع فيه مشي المسافة طويلة، يمكن رجعت مع سيارة قولف..
حك جبينه راكان: لكن لو سيارة قولف كان وصلت الفندق من زمان! الا إذا كانت وجهتها مكان ثاني!
خرج سيف من غرفة الأمن وخلفه راكان، كان يمشي بخطوات سريعة وخوف ممزوج بالغضب كان يتكلم مع سائقي الفندق اللي ممكن انها رجعت معاهم كان يعطيهم مواصفات عبايتها واللون، واحد منهم قال إنه وصلها للفندق بالفعل من ساعات، هنا زاد قلق سَيف اكثر ألتفت على راكان اللي كان وجهه شاحب ويناظر حوله يحاول يخمن وين راحت؟ او بالأحرى شنو صار لها؟ كان الفندق بوسط جبال وبدأت رحلة البحث، رهف بهالمكان ماراح تكون بعيدة بتكون في هالمناطق، لكن البحث لازم يتوسع اكثر اتصل راكان على ريان و سعود يبلغهم باللي صار، والكل درى من بعدها ان رهف مفقودة ومالها أثر، ريم طاحت من طولها بخوف و شهد تحاول تهديها رغم انها هي بنفسها مو قادرة تهدأ من خوفها على رهف، مبارك كان يتماسك بصعوبة بسبب تعبه ومع خبر اختفاء رهف رفع صوته بوجه راكان و ريان وبحدة "تدورون على اختكم لو هي تحت سابع أرض تطلع فاهمين؟" ونظراته كانت تشمل سعود بشكل غير مباشر، كان التوتر و الغضب مسيطرين على الجميع، كيف محد حس بغيابها وكل شخص يحسبها مع الثاني، بدأت رحلة البحث في كل مكان بمساعدة الأمن والحراس في المكان..
كان يمشي بخوف يناظر وجوه البشر يبحث عنها، في الجهة الثانية من الفندق ولا لها أي أثر..
لين جاه اتصال من ادارة الفندق: استاذ سيف، زوجتك الاستاذة في عيادة الفندق..
قفل الخط و راح بسرعة للعيادة، ارتاح على الأقل يعرف مكانها وين لكنه خايف ليه راحت للعيادة وشنو صار معاها؟،راكان و وريان و سعود كانوا يمشون وراه بدون ما يقولهم ولا حرف، دخل للعيادة وكانت رهف جالسة على السرير والممرضة تلف الضماد على كاحلها الأيمن، تنهد سيف براحة كبيرة وقرب منها يحضنها بخفة: خوفتيني عليج!!
ابتعد عنها يتفحصها: شصار معاج من ساعات مختفية!
كانت هادية بشكل غريب، ما تدري شصار معاها كل اللي تعرفه انها كانت ماشية ترجع للفندق وراحت بين الجبال تصورهم، ماكانت منتبهة للصخور متوسطة الحجم على الأرض قدامها لأن المكان مُظلم تعثرت بأحد الصخور وطاحت، شلون وصلت للعيادة ما عندها علم، لكن اغمى عليها وحصلت نفسها هنا بعد ساعات يسوون لها فحوصات ورضوض قدمها اليُمنى..
نطقت بصوت خافت: ماعرف تعثرت و طحت ماذكر شي
مسح على وجهها برقة: ما تطلعين بروحج مرة ثانية
كانت تبي ترد لكنها سكتت مع دخول راكان و ريان، سلموا عليها و تطمنوا و راكان طول ماسك كفوفها بخوف، كان وجهها شاحب وواضح عليه القلق: امي انهارت و ابوي سوا سالفة كلهم بحالة استنفار من خوفهم عليج
تنهدت بتعب: اشغلت بالكم..
سيف اللي حَس بضيق من رهف اللي تمسكت بكفوف راكان وتجاهلته كلياً، عض شفته بدون شعور و مد كفه يفرك عنقه يحاول يخفف من الصراع الداخلي ورغبته في انه يسحب كفوفها لحضنه، لكن راكان أخوها وماله حق يغار او ينزعج منه، رهف اللي حست من نظراته انه انزعج وابتسمت بينها وبين نفسها، كان راكان بيساعدها تجلس على الكرسي المتحرك لكن سَيف سبقه وتقدم يحملها بحضنه بخفة وينزلها على الكرسي، توردت خدود رهف بخجل قدام أخوانها اللي كان واضح انهم كاتمين الضحكة عليها ويرفعون حواجبهم كنوع من السخرية، لكنهم سكتوا ولانت ملامحهم لما ألتفت عليهم سيف يناظرهم بحدة لأنهم ازعجوا رهف و أحرجوها..
تنحنح راكان: يلا مشينا
تنهدت رهف: ترا اقدر امشي ماله داعي الكرسي شكلي يفشل
ناظرها سيف: تجلسين على الكرسي ولا اشيلج قدام خلق الله؟
طيرت عيونها تتأمل الجدية الواضحة على ملامح سَيف بكلامه، ورجعت تناظر أخوانها اللي هالمرة ماقدروا يكتمون ضحكتهم لكنهم طلعوا يضحكون برا خوفاً من نظرات سيف اللي تحرقهم
نغزته رهف: سيف لا تحرجني قدام أخواني، مسحت هيبة الاخت الكبيرة عندهم بالقاع الله يهديك!!!
رفع حاجبه: وانتي اسمعي كلامي ولا تعاندين
حرك الكرسي بخفة يطلعون من العيادة و راكان و ريان سبقوهم للفندق مع سعود، لما وصلت غرفتها مع سيف أمها و أبوها اول الناس استقبلوها ثم البنات لما الكل تطمن انها بخير طلعوا من الغرفة، زفرت بغضب وهي توقف من على الكرسي وتدوس على كاحلها المصاب: شكلي يفشل لا ماتحمل
ألتفت سيف و توسعت عيونه راح يمسكها يسندها: رهف حبيبي شفيج ما يصير تمشين بدون مساعدة ٤ ايام على الأقل!
تمسكت بذراعه: أقدر أمشي على عكازك أهون من الكرسي
ضحك بخفة: تبين عكازي؟ ليه وانا موجود
رفعها من على الأرض يشيلها لحضنه بحركة سريعة وهي تضحك وتمسكت فيه بقوة: انت استغلالي والله!
تركها على السرير بهدوء ورفع حاجبه: استغل كل فرصة تقربني لج اكثر، يوم تهيأ لي قربج تبيني ابعد عنج؟ انسى
مررت أناملها على ذقنه وقربت تهمس له بخفوت: سيف ماراح تخليني في يوم؟ تبقى معاي للأبد؟
عقد حاجبه باستغراب: شهالطاري؟
ميلت ثغرها بزعل: يخوفني كل شيء ضبابي بحياتك! احتاج الوضوح يا سيف، ابي اعرف هذي اليد اللي تمسكت فيها بكل قوتي وهذا الكتف اللي أسند راسي عليه راح يبقى لي عمر كامل؟ ولا بتحرمني منه الدنيا وأصبح يتيمة!
فهمها سيف، تقصد موضوع انتقامه اللي بيكون نهايته موت او سجن خيارين لا ثالث لهما، هذا سبب خوفها و ترددها الدائم فيه، تخاف يعودها على قربه ويروح ويتركها غصب عنه..
ابتسم ومد كفه يبعد خصلات شعرها عن وجهها بنعومة ويناظر عيونها، ما يقدر يوعدها بشيء هو بنفسه ما يدري نهايته شنو، كل اللي يعرفه مستحيل يترك دم أبوه مهدور بعد ما وصل لهاليوم واقترب من هدفه
نطق بصوت رخيم تقشعر له الأبدان: مافيني خير لج لو تركت دم ابوي مهدور يا رهف، لا تطلبيني شي ما اقوى عليه!
نطقت رهف بحدة: ما طلبتك تترك دمه يروح هدر يا سيف، طلبتك تحاسب القاتل بالقانون ولا توسخ يدك في دم أحد!
تنهد سيف وابتسم يحاول يطمنها: طيب اللي تبينه
سكتت رهف و صدت عنه تدري انه يحاول يطمنها ويسكر الموضوع، تعرفه عنيد وماراح يغير رأيه بيوم و ليلة..
اخذ عبايتها و علقها وفتح الشنطة يطلع لها بجاما مريحة
أردفت رهف بتعب: طيب روح برا لما اخلص اناديك
عقد حاجبه: ليه أروح برا؟ انا بساعدج ماتقدرين
مسكت كفوفه تمنعه وكانت منحرجة: لا سيف انا اقدر تراني مو متحرولة اقدر اوقف بعد..
قاطعها: تقدرين بس انا ابي اساعدج، اخاف تطيحين و تتعورين اكثر! لا تعاندني ولو لمرة وحدة
سكتت رهف بإحراج و سَيف يساعدها تبدل ملابسها وهي ودها الأرض تنشق وتبلعها بهاللحظات، تحول لون وجهها للأحمر وتصدد بعيونها عن سَيف اللي ضحك بخفة و دنى يبوس خدها المتورد باللون الأحمر وابتسمت بخفة هي وابتعدت عنه
جلس سيف على طرف السرير: اطلب لج اكل؟ ما تعشيتي
رجعت تسند ظهرها على رأس السرير بتعب: لا ابي انام بس
عدل لها المخدات خلف ظهرها وحرص انها تتغطى عدل، دنى منها يبوس جبينها بنعومة: نوم العوافي، بروح اشوف سعود شوي و راجع لا تحاتين لو تأخرت شوي
ابتسمت له تشوفه يلبس غترته وياخذ جواله ويطلع من الغرفة، غمضت عيونها تحاول تنام بالوقت اللي وصلها مسج من سكرتيرتها، فتحت المسج بسرعة: "استاذة رهف، اللي سمعته إن موضي آل سليمان و زوجها هلال آل سليمان متواجدين بالعُلا.."
انصدمت رهف من تواجدهم بالصدفة بنفس المكان اللي هي فيه، عقدت حاجبها وبداخلها شَك بهالمصادفة اللي ما تحسها مصادفة ١٠٠٪؜ لكن لمصلحتها، تقدر تتعرف عليهم بهالسفرة وتقرب العلاقة بينها و بينهم، لكن بما أن المقتولة بنتهم والقاتل ولدهم بيكون الدخول بينهم صعب جداً..
'
سعود كان ينتظر سَيف ولما شافه فتح السيارة وركب يسوق ينتظر سيف، بعدها حركوا على طول للفندق اللي متواجد فيه هلال آل سليمان، طول الطريق كان الصمت سيد الموقف ما نطقوا ولا حرف يفكرون كيف يقنعون هلال بالتعاون..
لما وصلوا الفندق توجهوا للمقهى اللي كان هلال جالس فيه مع رجال أعمال أجانب، ابتسم سيف بخفة وألتفت على سعود اللي كان يوقف خلفه بخطوة: حساب طاولتهم علي..
ابتسم له سعود وراح يحاسب ببطاقة سيف عن طاولة هلال بالكامل، ورجع يجلس جنب سيف بأحد الطاولات الفارغة..
دقايق و طلب هلال الحساب و انصدم لما قال له الويتر (النادل) ان الحساب مدفوع مسبقاً، تساءل عن الشخص اللي دفع الحساب و أشر له النادل على طاولة سَيف، يفصل بينهم طاولة وحدة فقط، عقد هلال حاجبه بإستغراب من وجود سيف بن شاهين آل جراح بنفس المكان معاه بعد ما ارسل له طلب تعاون سابقاً عن طريق شركته و رد عليه هلال بالرفض..
ودع هلال ضيوفه و وقف مَر على طاولة سَيف، وقف سيف لما شافه مقبل عليه و مَد يده يصافحه: شهالصدفة الحلوة!
ابتسم هلال بسخرية: تبي تقنعني ان لقانا هنا صدفة؟
رَد له سيف الابتسامة الصفراء: انا أخلق الصدف، حياك تفضل
هلال ناظر سعود اللي كان جالس جنب سيف ورجع يناظر سيف يأشر له بعيونه يجلس معاهم، لَبى دعوة سيف عشان يتحاشى الصدف المستقبلية؛ يعرف سيف ما يتركه بحاله..
أردف سيف: غريب، انك رفضت عرض التعاون اللي بيننا؟ وانتوا بحاجة لمساعدة مجموعة آل جراح
حس هلال بالتوتر لكنه تحكم بنفسه: مو غريب، ولا احنا بحاجة لمساعدة آل جراح أمورنا ماشية الحمدلله
قاطعه سيف: ولا خايف؟ في شي يمنعك من التعاون معاي
رفع حاجبه هلال: اخاف منك؟ ليه اخاف منك
رفع سيف اكتافه يتظاهر بعدم الفهم: ماعرف اسأل نفسك، يمكن خايف اكشف شي بحياتك!
حك هلال جبينه وهرب بعيونه من سيف يناظر سعود اللي جالس بكل هدوء مما زاد ارتباكه: ماعندي شي اخاف انه ينكشف يا ولد شاهين، و التعاون بيننا مرفوض تماماً...
ابتسم سيف: بترفض بعد لو قلت لك ولدك سلمان اللي مفروض يطلع بعد كم اسبوع اقدر اخليه يعفن بالسجن؟
توسع بؤبؤ عين هلال بارتباك: شتقول انت؟
رفع حاجبه سيف: ولدك سليمان اللي قتل بنتك نورة بواسطة ٣ رصاصات فرغهم بجسدها الضعيف بحجة "قضية شرف" لكن عندي نسخة أصلية من تقرير الطب الشرعي اللي يثبت براءة البنت، يعني انت ما استحيت على وجهك يوم شوهت سمعة بنتك بنفسك عشان تنقذ ولدك المختل عقلياً؟
وجه هلال انصفق وتحول للون الأسود يناظر سيف بصدمة و ارتباكه صار وضح بدا يفك ياقة ثوبه: ما صار شي من اللي قلته بنتي مسافرة تدرس برا وولدي يدير أعمالي بالخارج...
ضحك سيف: هالكلام تمشيه على المغفلين بمحطيك اللي يصدقون اي شي يسمعونه، تظن لو تسترت على سجن ولدك و موت بنتك بأسماء مستعارة ماراح أعرف؟ اصحى تراني سَيف بن شاهين، أتصيد الزلات والثغرات مثل صيدي للغزلان، وأظنك تعرف صيتي في الصيد!
تنهد هلال: يا ولد شاهين، اسمعني! لا تظن اني بعمرك يوم تقعد قدامي وتهددني، انا بعمر المرحوم أبوك! ومادري شعندك داخل بشرك علينا لكن..
هز رأسه سيف يقاطع هلال: صح انت بعمر المرحوم أبوي، اشوف انه غريب يوم قرر ابوي يخطب بنت عمك و زوجتك حالياً موضي لمصالح بين العيلتين، فجأة ابوي توفى وبعدها بأقل من شهر حضرتك تزوجت من بنت عمك!
ابتسم هلال: شنو الغريب بالموضوع؟ هذا قضاء و قدر الله يرحمه ما كان يستاهل يموت مقتول....
رفع سَيف حاجبه و هلال سكت لما استوعب كلامه، أطلق سيف تنهيدة طويلة: بس ابوي توفى بسكتة قلبية، من وين جبت كلام انه مقتول؟
بلع هلال ريقه: انا قلت اللي عندي، ولا تتدخل بحياتي راح تلقاني بوجهك أدمر كل شيء حلو بحياتك...
ضحك سيف: اشوفك على خير يا شريكي!
وقف هلال يبتعد عنهم بارتباك يحاول يخفيه، سيف همس بصوت خافت على مسامع سعود: هو القاتل! محد يعرف ان ابوي مقتول الا افراد عيلتنا، التحقيق تسكر وقتها انها مجرد سكتة قلبية! مستحيل شخص من برا يعرف الحقيقة...
سعود كان يناظر هلال بصدمة: ماتوقعت بيطلع منه الكلام بهالسهولة! شنو بتسوي معاه يا سيف؟ بتفضحه؟
رجع سيف رأسه للخلف يسنده على الكرسي: ماعندي دليل ملموس، مابي اخطي خطوة بدون ما احسبها صح، لو تفكر فيها لو كان فعلاً هو القاتل جدي ليه يتستر على الموضوع ويرضخ له؟ في حلقة مفقودة بالنص..
جلسوا سعود و سيف يحللون كل الملفات اللي جمعوها من ١٥ سنة، عبدالعزيز تستر على الجريمة تحت غطاء "سكتة قلبية" و اخفى كل الأدلة، محد تدخل من بعد هذاك اليوم بالقضية و الأدهى والأمر انه سنين يحاول يقنع سيف ويتلاعب فيه نفسياً عشان يصدق انه فعلاً قاتل أبوه، عبدالعزيز ليه يهتم لأمر هلال اصلاً؟ لو كان هلال الفاعل؟ و كيف هلال عرف بموضوع الجريمة وهي سرية محد يدري عنها؟ حس سيف ان راسه بينفجر والاسئلة أصبح الجواب عليها مستحيل، مواجهة عبدالعزيز ضرورية لكنها راح تثير انتباه القاتل الحقيقي، بما ان حلقة الوصل بين القاتل و المقتول كان عبدالعزيز...
رجع سيف للغرفة يشوف رهف نايمة، ما قدر ينام ولا غمضت له عين، حس بالغضب والقهر كان وده يقوم يهشم وجه هلال بهذيك اللحظة، و يروح يخنق جده ويخلص عليه، تحكم بنفسه بصعوبة كبح كل الغضب والقهر بداخله، كلما ظَن ان الأمور بدأت تتحسن للأسفل الأمور تنقلب للاسوء، كيف عبدالعزيز يسويها؟ كيف يرضا يروح دم ولده هدر؟ كان يحس حتى الهواء اللي يتنفسه ثقيل، رأسه يغلي مثل بركان ثائر والحرارة تسري بكامل جسده، فتح باب اللي ياخذه للشرفة وطلع يتنفس بصعوبة يحس بالاختناق، تذكر هذيك الليلة بالتفصيل، اخر انفاس شاهين اللي لفظها بحضن ولده، أبوه انغدر انقتل غدر وهو ما قدر يسوي شي سنين و عاش بداومة كبيرة من الشكوك والظنون، اخذ نفس طويل وحس بدموعه تخونه وتطيح على وجنتيه تحرقه، مجرى دموعه مثل اللهيب، حتى برودة الشتاء ما طفت نار قهره و غضبه..
حس بأنامل ناعمة تلامس ذراعه، غمض عيونه ما وده تشوفه بهالحال، تشوفه يبكي و محروق.. ما ألتفت عليها لكنها قربت منه اكثر تحضنه من الخلف، رأسها يستند على ظهره وتشبك كفوفها تستريح أعلى معدته
نطقت بهدوء وتردد: سيف حبيبي فيك شي؟
رفع كفوفه يمسح دموعه بخفة وألتفت يمد ذراعيه حول خصرها بنعومة ويبتسم يحاول يخفي شعوره: لا يا قلبي
عقدت حاجبها: سيف ترا انا اعرفك! حسيت عليك لما طلعت من نص ساعة للبلكونة وكأنك مخنوق فيك شي شصار؟
غمض عيونه بألم: تعبان شوي، و موضوع أبوي شاغل بالي
رهف كانت تستند عليه بسبب ألم كاحلها، رفعت عيونها عليه والخوف بقلبها باقي ما مات: صار شي جديد؟
ما يبي يشغل بالها ويثير خوفها لو درت انه قابل هلال او تعنى طول هالطريق عشان يضغط عليه، كان عنده خبر بموضوع سفرة هلال بهالوقت تحديداً وخطط لأجازته بنفس الوقت
هز رأسه بالنفي: ما صار شي، لكن الموضوع طال و صار يخنقني، أحس الامور اللي كانت واضحة لي صارت ضبابية مشكوك فيها و متردد وأحس اني ضيعت وجهتي..
تتفهم خوفه و تردده، تتفهم انه يخاف النهاية ما تطلع مثل ما خطط لها من سنين، ما تعرف كيف تهدي مخاوفه كل اللي تعرفه انها مستعدة تسوي اي شي عشانه، حضنته بكل قوتها تتمسك فيه وتهمس بخفوت: انا ما بخليك، بكون بوصلتك في ضياع دروبك، مو تقول اني صوابك بين طيّات الخطأ؟ انا الصواب اللي يقيّم أفعالك..
ابتعدت عن حضنه ومسكت وجهه بين كفوفها تحضنه بنعومة وابتسمت بخفة: لا حيرتك دنياك تذكرني..
تنهد سيف و صَب رغبته في البكاء كلها بتنهيدة طويلة يتبعها حضن للمُرهِفة، اخذها بحضنه يدفنها بين ضلوعه حضن شخص محتاج للاحتواء، سند رأسه بين عنقها وكتفها وغمض عيونه بتعب، ياليت يقدر ينسى كل شي، ماضيه و وفاة ابوه والانتقام و تعبه، ينسى الجميع و حتى نفسه ويبقى بحضنها ثابت ما يهزه ريح، ما يبي الا ان الوقت يوقف بهاللحظة..

لا بأس يالقلب الشجاعحيث تعيش القصص. اكتشف الآن