لا بأس يالقلب الشجاع

6

خلصوا شغلهم واجتماعاتهم في لندن خلال أسبوع، كان حديثهم قليل وتواصلهم شبه منعدم ورهف قررت تجلس في البيت تكمل شغلها وتتواصل مع الفريق الفني والتقني تراجع بعض التفاصيل بخصوص الموقع، لكن سَيف كان يطلع من الصبح ما يرجع لآخر الليل مشغول باجتماعات ومؤتمرات مختلفة يشارك فيها بصفته وريث مجموعة آل جراح، رهف رفضت فكرة سفرة باريس كلياً واستغرب سيف رفضها القطعي، ورجعوا للدوحة فوراً بدون ما يتأخرون ولا يوم..
دخل سَيف القصر لوحده بعد ما ترك رهف في بيت أهلها تقضي اليوم معاهم، استقبلته أمه بالأحضان ثم بدأت تحقق معاه: وين زوجتك؟ و ليه ما قلت لي بخصوص الجمعية الخيرية؟ ومن وين طلعت لنا بمشروع الملاهي و...
قاطعها سَيف بتعب: رأسي بينفجر بعدين نتكلم
تنهدت أصايل: على الاقل مر شوف زوجتك الأولى غادة، من يوم سافرتوا انهبلت و زَر عقلها!
عقد حاجبه: ليه متى ما زَر عقلها؟ طول عمرها عقلها طاير
تخطى أمه وتوجه للمكتب متجاهل ارتفاع صوتها وهي تناديه وتحاول فيه، دخل المكتب وكان سعود موجود بإنتظاره.. تقدم سعود يحضن سَيف: الحمدلله ع سلامتك يا عريس، كيف اسبوع العسل معاك؟
تنهد سَيف وابتعد عن حضنه: من صجك تسأل ولا تستهبل؟
ضحك سعود: استهبل استهبل لا تعصب...
جلس سَيف على الكرسي: شصار معاك؟
حك جبينه سعود: ترا الموضوع كان صعب وانا ابحث واستخدم معارفنا بالداخلية، طلع فعلاً مشتبه فيه بالتهريب بحكم شغله السابق في المنافذ، لكن مافي دليل قاطع ضده والموضوع مستمر من كم سنة مو جديد..
استغرب: اللواء مبارك ما قدر يمسك ضده دليل!
رفع كتوفه سعود باللامبالاة: يمكن عنده دليل بس ساكت خوفاً على مشاعر بنته رهف، حسب اللي سمعته صحيح علاقتها فيه من ٧ سنوات لكن لما تقدم قبل ٣ سنوات يخطب رهف اللواء سوا عنه بحث شامل ولاحظ أمور مشبوهة لكن ماعنده دليل وبالنهاية خَضع ووافق وترك مهند تحت المراقبة، بس الموضوع صعب لأنه يسوي شغله لوحده بدون مساعدين وسفراته كانت كثيرة كل كم شهر سفرة بحجة أنه يزور خواله لكن بالحقيقة طلع متزوج وهالشيء الظاهر اكتشفه مبارك قبل الزواج بفترة قصيرة وكان يحاول يفركش الموضوع...
تنهد سيف وكمل بداله: لكن رهف انعمت عيونها وأصرت على هالزواج..
كمل بداله سعود: لي فعلاً غريب كيف صحفية شاطرة وفطينة نفسها ما لاحظت ولا شكت بكثرة سفراته؟ اللي اعرفه ان البنات اقوى من المباحث لما الموضوع يخص أحبابهم
شد سيف قبضة يده بقوة تحت الطاولة يخفيها عن عيون سعود وابتسم بخفة يداري غضبه: لأنها كانت مأمنة له وتثق فيه، هذي مشكلة الحب والمشاعر والعواطف تعمي عيون الناس عن الحقيقة
رفع حاجبه يناظر سعود: الحب يخليك ضعيف و غبي..
سكت سعود شوي يحاول يفهم شعور سيف بهاللحظة مايدري هو مبسوط ولا مقهور لكن سيف كان ذكي ومحترف جداً بإخفاء مشاعره خلف تعابيره الجامدة: شنو بتسوي مع مبارك؟
غمض عيونه سيف بتعب: بروح أخذ الصحفية من بيتهم بعد المغرب واقابله واقعد معاه...
ناظره سعود يشوف سَيف مستعد للنوم: بتنام هنا؟ كم سنة وانت تنام على هالكراسي جسمك يطلب الرحمة
رد سيف وعيونه مغمضة: مرتاح خليني بحالي
ضحك سعود: اللي يشوفك ما يقول انك راعي الحرمتين، اخرتها مقضيها تنام في المكتب..
كان سيف ناوي يرد لكن قطع عليه دخول غادة للمكتب وهي تصفق الباب بكل قوتها، سعود ألتفت عليها مصدوم من دخولها وجات عينه في عينها وعلى طول نزل عيونه على الأرض ووقف يستأذن من سيف قبل ما يطلع من الباب اللي يوصله للحديقة على طول، تنهد سَيف وهو يشوف غادة واقفة قدامه تحمل غضب الدنيا كله بعيونها
زفر بغضب وبنفاذ صبر: خير يا غادة؟
انتفضت بقهر: رجعت من أسبوع العسل مع زوجتك الحبيبة؟ ولا فكرت تمرني وتسأل عني؟
ضحك سَيف بذهول: ليه من متى بيننا سؤال وعتاب ومشاريه وزيارات؟ هذا وضعنا من عرفنا بعض ولا تظنين ان في شي بيتغير بعد ورقة الزواج اللي شديتي ظهرج فيها..
انقهرت غادة من بروده وضربت يدها بالمكتب: سيف لا تجنني!! انا تخليت عن سنين عمري كلها وانتظرتك! مو يوم ولا يومين ١٥ سنة وانا انتظرك، تخليت عن أبوي ومشيت ورا شورك ورميته في مستشفى المجانين عشانك.. وتجازيني بهالمعاملة؟ بهالبرود؟ شنو طلبت غير اني اكون زوجة لك و أم لعيالك وتحطني بمكان غير اللي انا فيه! مكان يكون لي فيه كلمة...
قاطعها: ما طلبت منج تنتظريني يا غادة! منو اللي دخل موضوع الخطوبة برأس جدي؟ وأصريتي رغم اني من اول يوم وضحت لج ماعندي اهتمام فيج اصلاً! خلاص دام هذا اللي تبينه اقضبي أرضج...
ضحكت بسخرية: لو ما تبيني ولو ١٪؜ كان ما تزوجتني، أعرفك! حاط في بالك تضغط على جدي فيني وتاخذ اللي بقى من حلال أبوي، غيث مستحيل يسمح لك لكنك تعرف اني الوحيدة اللي ما تقدر تطلع عن شورك وانت مهووس سيطرة تبي كل شيء يكون تحت أمرك..
ابتسم بسخرية: دامج تعرفين لا تسوين هالحركات وتنهارين
بدون شعور منها بكت: تعبتني سيف ما يكفيك طقيتني بالشريكة وانا ما كملت ٣ شهور! وتبيني اسكت وأتحمل تدري الناس شنو يقولون عني؟ أكيد فيها شيء....
قاطعها: نفس اللي كانوا يقولونه عن سفرتج الأخيرة مع غيث؟ اشوفج تخطيتي كلامهم؟ اذا انتي نسيتي تراني ما نسيت يا غادة
مسحت دموعها بقهر: بتقعد تعايرني؟ هي غلطة طيب مرة وحدة وكنت مقهورة منك! وبعدها قلت لك تووووبة
رفع حاجبه بذهول: وكلما انقهرتي مني تروحين تصيعين من وراي مع اخوج الداشر يا غادة، بنت الأصول تلبس مايوه في مكان عام وتقعد؟ لا تقولين لي بحر وشاطئ و تان والناس كلها جذي هذا مو عذر!! غير انج طلعتي سفور قدام خلق ربي..
نطقت بتردد: قعدت مع غيث ما سويت شيء!!! وبعدين انت تدري اني ما اتحجب العباية رفعة عتب في الديرة بس
رفع صوته بحدة أرعبتها: كان مفروض تسوين يعني!!! والحجاب شيء وانج تلبسين مايوه قدام خلق ربي ويصورونج شيء ثاني!
سكتت غادة وزمت ثغرها الباكي تكتم صوت شهقاتها وهي تسمعه يهزأها للمرة المليون على نفس الغلط وهي اللي كانت تتعمد تثير غيرته لأنها تعرف انه يراقب كل حركاتها مع غيث...
غمض عيونه بتعب: خلاص فارقي لا تنوحين فوق رأسي..
قهرها اسلوبه البارد كالعادة وطلعت من المكتب وتنهد هو بتعب وإرهاق، الصداع ما فارقه من أسابيع ولا هو راضي يفك عنه لو ثواني، غفت عيونه بصعوبة ينتظر الوقت يمر بسرعة عشان يروح يقابل مبارك..