طلع عبدالعزيز من الشركة والخوف واضح عليه، ثم دخل سعود خلفه لغرفة الاجتماعات يناظر برود سيف و والزجاج الدم المتناثر حوله ومصدره كفوفه الجريحة، قرب سعود بخوف من منظر الدم: سيف انت بخير؟ شوف يدينك!
نزل عيونه سيف على كفوفه النازفة وكأنه توه يستوعب الألم، من شدة الغضب اللي كان ياكله اكل ما حس في هذا كله وجلس يناظر الدم بذهول: شلون ما حسيت!
استغرب سعود من نظرة الذهول اللي تعتلي ملامح سيف وراح يجيب شنطة الإسعافات الأولية، وجلس مُقابل لِـ سيف ينظف جروحه ثم رفع عيونه يشوف سيف مصدوم، ضحك سعود بخفة: أدري ودك مُرهفة السيف تكون مكاني تضمد جروحك لكن مشي حالك بالموجود..
لانت ملامح سيف من طاريها، وضعهم غريب رغم المحادثة اللي خاضوها من يومين بعد العزاء إلا انهم ما يتقابلون ولا يجلسون مع بعض او يتكلمون حتى، رهف مشغولة طول اليوم وترجع البيت تنام على طول، صار فيها حُب فضيع للنوم لدرجة انها تنام ١٠ ساعات متواصلة وتصحى ثاني يوم فيها خمول، وحشته حتى وهي بقربه لكن ما هي معاه أبداً..
نفض الأفكار من رأسه وسأل سعود: سويت اللي قلت لك عليه؟
استعدل سعود بجلسته بعد ما خلص تنظيف الجروح: اي كل شيء مثل ما طلبت، لو كان بين هلال وعبدالعزيز شيء راح يوضح اليوم بما ان جدك طلع من الشركة مستعجل يظن ان هلال تكلم واعترف بشيء..
تنهد سيف: لو خابت ظنوننا بعد هذا كله؟
سكت سعود وترك تساؤل سيف بدون رَد، معقولة قربوا لنهاية الطريق اللي رسموه من ١٥ سنة بهالبساطة؟
وقف سعود على حيله: يلا يا اخوي انت روح البيت و بدل ملابسك ثوبك كله دم، وانا بروح اقابل كبير عيلتي الجديدة
وقف سيف معاه: بروح معاك طبعاً ما تروح بدوني، وصلني البيت أبدل ملابسي ونطلع سوا
عقد حاجبه سعود: متأكد؟
هز رأسه سيف بثقة: ما اخليك، بعيش شعور هاللحظة معاك
طلعوا من غرفة الاجتماعات سوا و كان غيث بالخارج ينتظرهم، انفجع لما شاف الدم على ثوب سيف وتساءل عن اللي صار لكن سيف تجاهل الجواب و أردف: من بكرا تباشر شغلك..
صَد سيف وكمل طريقه مع سعود تارك وراه غيث، اللي اعتلت ابتسامة جانبية ملامحه الوسيمة: تآمر امر يا ولد عمي..
رفع جواله يتصل على رقم مُحبب لقلبه، أخته اللي من بعد طلاقها راحت ولا رجعت..
رَدت غادة بحماس: هلا غيث، طمني شصار معاك؟
اتسعت ابتسامته: صار كل خير، والـ ٢٥٪ من نصيبي
تنهدت براحة: الحمدلله زين، شوف انا كلها كم يوم و أرجع ضبط لي موضوع السكن بدون لا يدرون لأنهم لو دروا بيطردونك انت بعد، خلك في القصر ابيك عيني هناك..
قفل الخط و مشى يطلع من الشركة، ولأول مرة من سنوات طويلة يحس بشعور الانتصار والفرحة ولو بشكل بسيط، ولو مشت خطته نفس ما خطط لها راح تزين حياته وحياة غادة، واللي ينطرد و ينذل هو سيف و أمه أصايل..
'
-مكتب رهف-
صداع فضيع يأكل رأسها من الصبح ودوخة تلازمها مع رغبة مُلحة في النوم لكنها تحارب هذا كله وتحاول تصحصح، دخلت السكرتيرة تعلن وصول ضيف مفاجئ..
عدلت شيلتها على السريع قبل دخول الضيف، او الضيفة واللي كانت متوقعة حضورها من أسابيع لكن تأخرت..
وقفت رهف تصافحها: نورتي مكتبي، للمرة الثانية
ابتسمت موضي: النور نورج
جلست تقابل رهف، وأردفت: بصراحة كنت اعيش بصراع كبير من يوم طلعت من هالمكتب قبل أسبوعين تقريباً..
انشرح صدر رهف لأنها على وشك تسمع الشي اللي تتوق لِـ سماعه من فترة طويلة، استعدلت بجلستها وتركت جوالها على الطاولة بهدوء: تفضلي اسمعج
تنهدت موضي: لكن هالكلام لا يدرون انه طلع مني، انا فقدت بنتي على يد ولد زوجي، و أبوي بالعناية المركزة تحت رحمة هلال، مابي اخسر أبوي او اعرض حياته للخطر..
ابتسمت رهف تطمنها: تطمني، انا بس ابي اعرف وين اتوجه والباقي علي!
سكتت موضي ثواني ثم نطقت حروفها بصعوبة: و حق بنتي؟
أشرت لها رهف على اللابتوب: المقال جاهز، مع الأدلة وتقارير الطب الشرعي الأصلية. كنت انتظر منج المُقابل اللي طلبته وبعدها حقيقة هلال بتظهر للعلن..
ترددت موضي ثم فتحت شنطتها، تطلع منها فلاش ميموري صغير مدته تعطيه لِـ رهف: هذا فيه كل شيء ممكن تحتاجينه، انا خاطرت بكل ما عندي عشان اساعدج، و اتمنى تساعديني!
ابتسمت رهف: النساء للنساء، دم بنتج ما بيروح هدر و القاتل راح أحرص انه يعفن في السجن..
كملت موضي: لكن اللي ابيج تعرفينه بخصوص وفاة شاهين آل جراح، انه مات مقتول فعلاً لكن عبدالعزيز آل جراح سوا كل اللي يقدر عليه بمساعدة هلال عشان يخبون الحقيقة..
عقدت حاجبها رهف: طبيعي ان هلال يسوي كل اللي يقدر عليه عشان يغطي ع جريمة هو ارتكبها، لكن عبدالعزيز شنو دافعه؟ يترك دم ولده يروح هدر ويتسامح مع قاتله!
رفعت حاجبها موضي: ومن قال ان قاتله هلال؟ لو تشوفين الملفات هلال أبتز عبدالعزيز في إنه يكشف هوية القاتل أو يساعده عبدالعزيز و يقضي ديونه ويساعده بمشروعه الجديد، وبكل سهولة عبدالعزيز وافق و سهل الموضوع..
ارتخت ملامح رهف، بما ان عبدالعزيز تدخل يعني القاتل شخص يمسه، شخص يعرفه بنفسه او يمكن يكون هو! لكن كيف هلال يعرف هوية القاتل عشان يبتز عبدالعزيز؟ كل هذي تساؤلات محد يقدر يجاوبها الا عبدالعزيز نفسه..
طلعت موضي وتركت رهف بحيرتها، شبكت الفلاش باللابتوب وفتحت الملفات اللي فيه وكلها تكشف ارتباط عبدالعزيز مع هلال ومشاريعهم السابقة سوا وانقطاع العلاقة بعد نجاح مشروع هلال، وفي صور للتقارير الطب الشرعي الاصلية اللي اثبتت ان سبب وفاة شاهين كان ضربة بجسم ثقيل على الرأس و الخنق حتى الموت، كان في صور وكل شيء موثق..
نفضت كل هالافكار من رأسها، وفتحت الموقع، وراجعت المقال للمرة الأخيرة و راح يكون هذا المقال اللي يقلب الرأي العام رأساً على عقب، هذي بتكون بداية نهاية هلال آل سليمان، ترددت لوهلة قبل تضغط زِر النشر والإرسال لكن تذكرت كل بنت ممكن تعيش نفس مصير نورة بنت الـ ١٥ عام اللي قتلت غدر على يد أخوها بثلاث رصاصات طائشة ويتحجج الأخ بجريمة الشرف لما يضيق عليه القانون، ويتهرب من العدالة بعد تدنيس سمعة بنت طاهرة وصفحتها بيضاء..
نشرت المقال، ما راودها شعور بالندم لأنها سوت اللي تشوفه صح، مشت على مبدأها بالحياة ونسفت كل خوف بداخلها، نشر الحقيقة ولا شيء سوا الحقيقة..
مقال بعنوان "قاتل يختبئ خلف ستار الشرف.." كان المقال يهاجم هلال آل سليمان و ولده سلمان آل سليمان بشكل مباشر وواضح وصريح، مع ذكر الاسماء و جازفت بكل شيء حتى لو رفعوا عليها دعوة تشهير تقدر تتحمل، المهم الضوء كله يسلط عليهم والناس يحبون الفضايح بهالشكل المقال راح ينتشر بشكل أسرع ونطاق أوسع..
دخلت السكرتيرة بذعر: استاذة رهف المقال...
قاطعتها رهف: أدري، انا اللي نشرته
استغربت السكرتيرة برودها لأن هالمقال بتجي وراه مشاكل وأولها دعوة تشهير ضدها، وقفت رهف من على كرسيها تناظر الغيوم وزخات المطر الخفيفة مع منظر الغروب وابتسمت حابة تنتعم بهذا الهدوء قبل ما تدخل بمعمعة آل سليمان..
وبكل بساطة قفلت جوالها تتجاهل اتصالات كل زملاءها الصحافيين اللي يسألونها عن صحة ومصداقية المقال، بتتعامل مع الموقف ببرود و هدوء تام وتقلل الخسائر..
أنت تقرأ
لا بأس يالقلب الشجاع
Romanceأه لو تدرين لا عوّد العاشق حزين يمشي على جفن و جبين لا باس يا القلب الشجاع ضاع الأمل مالك عذر من لمسة عيوني الشعاع زندي انثنى رمحي أنكسر و قلتي عسى جفنك عساه ما يحترق حاولت ما أغمض عيوني و نفترق..