25

4.8K 223 45
                                    

صحى بعد ليلة كان عنوانها السهر مع محبوبته وتخطيطهم لغرفة البيبي ومستقبله والأسم لو كان ولد أو بنت، توها في الشهر الثاني لكنها متحمسة وأشعلت الحماس في قلبه زود، مين يتصور إن سيف اللي قبل أقل من سنة كانت نظرته للحياة رمادية ويشوف مستقبله ضبابي ماله معالم، اليوم يصحى وعلى وجهه ابتسامة ويتخيل مستقبله بألوان حقيقة و زاهية.. نزل تحت للصالة وكانت رهف جالسة تشتغل على اللابتوب وجنبها الكاميرا، عقد حاجبه وتقدم يسحب اللابتوب من حضنها ورفعت عيونها عليه بذهول لما نطق: تضرين البيبي! انسي الشغل والاجهزة تكون قريبة منج طول الوقت ممنوع..
ابتسمت له بخفة: صباح الخير اولاً، ثانياً عندي شغل حبيبي لازم أخلصه تعرف السكرتيرة طلعت اجازة وانا بشكل غير مباشر صرت وحيدة أدير الجريدة كلها بروحي..
جلس جنبها سيف وسحبها لحضنه: لا تشيلين هم، الستاف كله يتجدد من بكرا لو تبين بس أمري و تدللي ولا تتعبين نفسج
سندت رأسها على كتفه: ستافي اثق فيهم و أعرفهم ماقدر أكمل مع ناس غيرهم بسهولة، هي وعدتني بعد الاجازة وفترة النقاهة بترجع ونكمل سوا، مو مشكلة بشتغل لين ترجع هي
تنهد سيف: ما تحسين ان شغلج فعلاً متعب؟ يحتاج مجهود ٢٤ ساعة وفيها نوع من المخاطرة وتكونين تحت الأنظار
عقدت حاجبها: هذا شغلي من سنين وهذا شغفي اللي اتحمس عشانه، يعني تبيني اقعد فالبيت ولا شلون؟
هز رأسه بالنفي: لا تقعدين فالبيت، لو تبين اعطيج المنصب اللي بخاطرج في شركاتنا وانتي مديرة الجمعية الخيرية بكل الأحوال، لكن هالجريدة ما يجي منها الا عوار الرأس وانا مابيج تتعبين وانتي حامل و حالتج حالة
ضحكت رهف بخفة: قول انك خايف ع البيبي مو علي انا عيّار!
مد كفه على بطنها يربت بخفة وتنهد: اي والله انا خايف عليكم انتوا الاثنين، مالي غيركم وانتي تعرفين حجم خوفي..
حطت يدها أعلى كفه بنعومة: لا تخاف علينا، شوف كلام الدكتورة كل شي بخير ومن أحسن ما يكون، والبيبي هادي ويسمع الكلام ما عذبني بالنساة والوحام مثل النسمة ما أحس فيه الحمدلله
أبتسم سيف: عاد انا كنت مجهز نفسي للأسوأ بس الأمور تحت السيطرة الحمدلله..
ضحكت رهف ورجعت تسند رأسها على كتفه: بس اليوم قعدت بخاطري أغير شي في البيت، ما تحس ان الصالة غمته مافيها حياة؟ ألوانها باهتة
مَد نظره للصالة ومو فاهم شي: اشوفها كاملة مو ناقصها شي؟
رفعت نفسها رهف من حضنه و أشرت له: هذي اللوحة، مو عاجبتني كلها طاقة سلبية خلينا نبدلها
عقد حاجبه: بس هذي اللوحة كانت هدية من مستثمر كبير
نافخت رهف ورفعت حاجبها: والمستثمر أهم مني؟ مو عاجبتني طيب، وشفت القبو فيه أدوات الصيد هذي كلها تقفل عليها او تنقلها مكان ثاني مابي البيبي يكبر في بيت مليان أسلحة
توسعت عيونه: حبيبتي انا ولدي او بنتي بعلمهم على الصيد قبل المشي!
رفعت حاجبها: وانا بخليك يعني؟ ممنوع الصيد خلاص انسى
وقفت وبدأت تأشر وتشرح عن التغييرات اللي تبي تسويها و سَيف يناظرها ويتبوسم، ان كان هذا حلم يتمنى ما يصحى منه، زوجته حبيبته في بيت سعادتهم وتحمل بإحشائها قطعة منه تكبر بداخلها وتغذيها بالحُب، تآمر عليه وهو يقول امري و تم و على هالخشم، كان شكلها ينبض بالحياة والسعادة وكأنها كلما لمست شي تورد و أزدهر، مجرد وجودها في هالبيت ومع كل خطوة تخطيها بداخله يتلون وينتعش.. أخذ سَيف الكاميرا و صورها وألتفت عليه بذهول لما سمعت صوت الكاميرا تشوفه يناظرها ويبتسم ورفع أكتافه: شكلج مُبهر و يسر الناظرين..
قربت وسحبت منه الكاميرا وتنهدت، اخر صور كانت قبل وفاة مبارك ومن بعدها صارت كلما تشوف الكاميرا تتضايق..
ناظرته بهدوء: خلنا نصور مع بعض، سيلفي؟
سحبها تجلس بحضنه على فخذه وهي ألتفت عليه بصدمة
أبتسم واخذ الكاميرا: نصور ليش ما نصور، على طريقتي
رفعت حاجبها: يلا صور خل نشوف إبداعك!!
رفع الكاميرا في يمناه ويده اليسار تحاوط خصرها، قربت رأسها من رأسه عشان تظهر في الإطار كاملة، صور اكثر من صورة سيف و آخرهم صورة له وهو يسرق قُبلة من ثغرها، دفعته رهف بخفة وحطت يدها على صدره تمنعه يقرب منها مرة ثانية: هالصور بيشوفهم البيبي عيب!
ضحك بخفة: مو لازم يشوف كل شي، خليها لنا!
يده اللي تحاوط خصرها انتقلت لظهرها يثبتها في مكانها رغم محاولاتها في الابتعاد عنه، ميلت رأسها: تبي ولد ولا بنت؟
قرب من ثغرها اللي يلامس منطوقه: ابي بنوتة تشبهج..
لما اقترب انه ينال غايته و مراده رن جواله بشكل مزعج قطع عليه اللحظة اللي خطط لها بعناية، ضحكت رهف وابتعدت عنه لما شافت خيبة الأمل تعتلي ملامحه: رَد على جوالك
زفر سيف بغضب و مسك الجوال يشوف اتصال من المحقق المسؤول عن قضية ابراهيم، انقبض قلبه ووقف على حيله يرد على الاتصال بقلق: تفضل حضرة المحقق طمني!
وصله الصوت: حصلنا على جثة تحمل نفس مواصفات المتهم ابراهيم، تقدر تجي تتعرف عليه؟ لأن عياله بحالة انهيار ماقدروا يتعرفون عليه من عُنف المنظر..
تسارعت نبضات قلبه بخوف: انتوا متأكدين؟
أردف المحقق: نحتاج شخص يتعرف عليه عشان نتأكد..
قفل الخط وألتفت على رهف: يقولون لقوا جثة ابراهيم!
عقدت حاجبه: مات؟ شلون؟
هز رأسه بعدم معرفة: ماعرف، يقولون الجثة متشوهة عياله ما قدروا يتعرفون عليه لكنه يحمل نفس الصفات..
ترك رهف لوحدها في البيت مع تشديد الحراسة، كان بداخله شعور سيء لكنه طلب من سعود يجي يجلس عند رهف بغيابه، وتوجه للمستشفى تحديداً ثلاجة الموتى لما قابل غيث يجلس بالخارج وما فيه حيل يدخل للغرفة، الشرطة والعساكر حارسين المكان من أوله لآخره.. أخذ سيف نفس طويل جداً قبل دخوله للغرفة اللي كانت باردة جداً وانقبض قلبه من رهبة المنظر، مشى بخطواته يرفع الغطاء عن وجه الجثة كان الوجه مشوه بالكامل، ماقدر يتعرف عليه للأسف وطلع مع المحقق يشوف انكسار غيث الواضح لما التقت عيونهم في بعض..
تجاهل سيف وجود غيث وتركه
نطق المحقق: الضحية معاه صورة هوية قديم لأبراهيم ورقم دخوله للمستشفى، وفيه نفس الجرح اللي الاستاذة رهف زوجتك تسببت فيه بمكتبها، نفس المكان ونفس شكل الاداة لكن نحتاج نتأكد اكثر وننتظر تقرير الطب الشرعي لما يشرحون الجثة..
ناظره سَيف وبداخله شك: ما أظن ان ابراهيم يروح عن الدنيا بسهولة، في إنّ بالموضوع لا تتهاونون!
كمل بحدة: اذا هو ناوي يسوي لنا فخ، احنا نسوي له فَخ أكبر و أكبر، راح نخليه يظن اننا صدقنا خبر موته و نعلن وفاته عشان يحس بالأمان و يظهر للعلن، وقتها نقبض عليه!
الفكرة عجبت المحقق وقرر يعتمدونها، وبالفعل أعلنوا وفاة ابراهيم رسمياً و انهار غيث مع غادة من هالخبر ظنوا انه حقيقة، محد يعرف بالخفايا الا سيف و سعود و المحقق..
'
مروا يومين والأمور هادية، لكن حذر سيف شديد مهما حاول يخفيه عن رهف اللي رجعت تشتغل من المكتب بوجود حراس يحرسونها بدون علمها..
جالسة خلف المكتب تدرس الملفات اللي مفروض تصيغ منها خبر يلفت انتباه الناس، بعد الخمول في الاسبوع الاخير وانشغالها بموضوع الحمل وراحتها تدهورت احصائيات الجريدة، وصلها اتصال من جُمان وابتسمت لوهلة نست كل هموم و تعب الشغل: هلا والله عاش من سمع هالصوت
ابتسمت جُمان: هلا بالحُب، شخبارج؟
تنهدت رهف: بخير رغم ان الشغل لين فوق رأسي، و انتي؟
سمعت صوت شهد: احنا بخير، تعالي الاتيليه ننسيج الشغل كله
عقدت حاجبها: خيانة صرتوا تجتمعون من وراي؟
رَدت جُمان: عاد انتي صايرة مشغولة وسحبتي علينا، أقول اتركي كل شي من يدج و تعالي الاتيليه
كملت شهد: بنجهز فساتين حق ملكة ريانو
حكت جبينها رهف اللي كانت ناسية تماماً موعد ملكة أخوها الشهر القادم، بعد ما تقدم لخطوبة أريج رسمياً ووافقت..
ناظرت الملفات المركونة في كل زاوية وأدركت انها مهما حاولت ماراح تخلص اليوم: طيب انتظروني مسافة الطريق بس
قفلت الخط وتركت كل شيء على حاله أخذت شنطتها وطلعت من المكتب بعد ما قفلته وتأكدت من نظام الحماية..
نزلت تركب سيارتها ولفت انتباهه وجود شخص مألوف بداخل سيارته بالجهة المقابلة للبناية، ضحكت لأنها فهمت هذا الحارس اللي كان يحرس بيتهم من فترة، فتحت الدريشة وأشرت له بيدها: تعال انزل!
ارتبك لأنها شافته وتعرفت عليه، لكنه نزل بسرعة وعيونه على الأرض: امري طال عمرج
نطقت بسخرية: قول حق طويل العمر انا بروح اتيليه جُمان، وماله داعي الحراسة الخطر زال لا يوسوس!
ورجعت تأكد عليه: لا تلحقني أدل الطريق شكراً
حركت سيارتها ووقف الحارس مصدوم كيف يصارح سَيف بأنه فشل بالمهمة الوحيدة، رفع الجوال يتصل عليه
رَد سَيف بخوف: رهف فيها شي؟
هز رأسه بالنفي: طويلة العمر تقولك بتروح اتيليه جُمان وما تحتاج حراسة
غمض عيونه سَيف بنفاذ صبر: و انت غبي؟ شلون شافتك!!
صرخ بحدة: تروح تلحقها ولا تتركها لوحدها ثواني حتى لو تطردك عشرين مرة فاهم؟
هز رأسه الحارس: ابشر
قفل سيف الخط وطلع من مكتبه متوجه لمكتب سعود، دخل المكتب يشوف سعود مشغول: يالعضيد اختك بتجنني
رفع عيونه سعود بضحكة: الحمدلله ياربي لقيت حد ياخذ بثأري منك ٢٠ سنة وانت مجنني بحركاتك، كفو عليها اختي!
جلس سَيف على الكرسي وسند ظهره للخلف: تخيل طردت الحراس هذا وانا قايل لهم يتخفون، لازم نطردهم
ترك سعود الملف على الطاولة: لو تجيب عشرين واحد رهف بتتعرف عليهم وتطردهم هي بنفسها، اترك الامور تتيسر
أطلق سيف تنهيدة عميقة: ماراح ارتاح ولا يهدا لي بال لين اشوف ابراهيم بالسجن، او ميت ومدفون حقيقي ادفنه بأيديني
ارتخت ملامح سعود: سيف اعقل ولا تجيب هالطاري!
هز رأسه سيف: هذا مختل عقلياً، ذبح شخص ثاني وجرحه بنفس الجرح اللي رهف جرحته إياه، حاول يقنعنا بإنه صاحب الجثة لولا تحليل الـ DNA ونتايجه كان صدقت انه فعلاً مات، شخص مثل ابراهيم بهالمستوى من الاختلال العقلي تظن ان السجن راح يمسكه او يأدبه؟ هذا لازم يموت عشان نرتاح
قاطعه سعود: و لو يموت أنت ما تتدخل، في قانون يحاسبه ويوصله للأعدام، ولا نسيت وعدك حق رهف يا سيف؟
أردف سيف بقهر: تدري انه مجنون وما على المجنون حرج! ماراح يحاسبونه بالشكل اللي يبرد قلبي...
غمض عيونه سعود بنفاذ صبر: أنت ما تقرب عليه، لو في أحد بيخلص عليه هو انا، انت عندك زوجتك و طفلكم اللي جاي بالطريق تذكر عيلتك قبل ما تتهور وتدمر حياتك!!
سكت سَيف يشوف سعود يتكلم بقهر من خوفه عليه، لكن سيف بعد يخاف على سعود اللي ما عاش من حياته شيء، لا حب لا زواج لا أهل والحين ناوي يضحي بمستقبله عشانه؟
نطق سَيف ببرود: و أنت ما تقرب عليه، مابي تتدمر حياتك اكثر
وقف سيف يخرج من مكتب سعود واثنينهم بداخلهم نفس المخاوف، سَيف يخاف سعود كعادته يقدم له تضحية كبيرة ويدمر حياته على الآخر وما يبقى له خيار الا يعيش وحيد، و سعود عنده خوف على سَيف رفيق دربه و عمره و على أخته بنفس الوقت؛ ما يبي يمسهم ضَر لأنهم أهم اثنين بحياته..
'
رهف في طريقها للأتيليه وصلها اتصال من رقم غريب استغربت لان هذا رقمها الخاص ومحد يعرفها الا المقربين منها وأهلها، رَدت بفضول: الو
وصلها صوت تعرفه و أرتبط بذكرى سيئة: الشيخة رهف!
وقفت سيارتها بنص الطريق: أنت، ميت!!!
ضحك ابراهيم: ما أموت لين أخذ سَيف بن شاهين معاي..
كتم ضحكته لما سمع هدوئها: ابيه يجتمع مع أبوه اكيد اشتاق له، و انتي بتشوفينه يموت قدام عينج
رهف اللي بدأت تسمع صوته بعيد مع أصوات السيارات خلفها ينتظرونها تحرك، حركت سيارتها توقف على جنب وهي تسمع ضحكته قبل يسكر الخط: سمعت انه يحب الأماكن المرتفعة..
قفل الخط مع تسارع نبضات قلبها وارتباكها: سَيف!
همست بأسمه ومسكت الجوال بيدها اللي ترجف تتصل عليه، مرة مرتين ثلاثة أربعة ولا رَد، اتصلت على سعود نفس الشي..
الخوف تملكها و رجولها ما عاد تشيلها، رفعت كفوفها تشوف رجفتها وعدم قدرتها على انها تتحرك لو خطوة بهالسيارة، انهمرت دموعها بدون شعور تحاول تستوعب كمية الجنون في عقل أبراهيم، مسحت دموعها بعنف يجرح وجنتيها و تمسكت بالدركسون بكل قوتها تثبت نفسها، وحركت السيارة متوجهة لمجموعة آل جراح، الطريق أصبح طويل و موحش وحتى منظر الغروب المُحبب لقلبها ما عاد يستهويها، تخطت اشارات وكادت تتسبب بحوادث بسبب قيادتها المتهورة بدون تركيز، كل عقلها و فكرها عند سَيف وكلام ابراهيم يتكرر في ذهنها بدون توقف، حست بمغص أسفل بطنها لكنها تجاهلت هالشيء كُلياً، أولويتها سَيف و حياته، وصلت للشركة تناظر سطح البرج ما تشوف شيء من علو المسافة، دخلت بخطوات سريعة واصطدمت بسعود اللي كان خارج من مكتبه، ناظر شحوب وجهها بصدمة: رهف؟ شتسوين هنا؟
تلاشت الحروف من منطوقها الراجف وامتلأت عينها دموع قرب سعود يمسك كفها يهدي رجفتها: لا تخوفيني!!
رَدت برجفة: ابراهيم كلمني!! يهددني في سيف!! شلون سعود مو قلتوا ان ابراهيم مات!!!!
توقف الدم بعروق سعود: متى كلمج!!!
بكت رهف: تكفى وين سَيف بشوفه!
أشر لها: قال انه مخنوق وبيصعد للسطح...
قاطعته رهف: ابراهيم هناك!!
راحت تركض بسرعة و سعود يلحقها مو فاهم شيء، كيف ابراهيم عرف عن مكان سيف وشلون قدر يدخل للشركة بدون بطاقة او تصريح؟ شيء مستحيل لكن ابراهيم قدر عليه...
كان الألم يزيد على رهف لكنها تحاول توقف على رجولها وتقوي نفسها، و سعود اتصل على الشرطة يبلغهم عن اللي صار ويطلب حضورهم بشكل عاجل، صعدوا للسطح وفتحوا الباب لما شافوا سَيف واقف على الحافة و قدامه ابراهيم رافع سلاح في وجه سَيف، توسعت عيون رهف وصرخت بصدمة: سَيف!!
مَد نظره سَيف عليها وارتجف قلبه بخوف من تواجدها بهالمكان، ألتفت ابراهيم عليها و ضحك: رهف
تقدمت رهف تبي توصل له لكن سعود منعها، غمض عيونه سيف بقهر: سعود أخذ رهف و ارجع داخل!!!
صرخت رهف: ما أروح اي مكان بدونك تفهم!!!!
كان سعود يحكم قبضته عليها ويحضنها وهي تبكي تحاول تحرر نفسها وتركض لِـ سيف، تقدم ابراهيم يصعد على حافة السطح ويقرب من سَيف ويهمس له: مسكينة بتموت من بعدك، شلون فرطت فيها ودخلتها حياتك!!
ناظره سَيف بطرف عين: تظن أني ماقدر عليك؟
هز ابراهيم رأسه: تقدر، بس عندك شي تخسره
أشر على رهف و ضحك: تخاف تخسرها، عندك نقطة ضعف لكن انا ما عندي شي اخسره..
غمض عيونه سَيف بقهر وهو يسمع صراخ رهف وبكاها ومحالاوت سعود في تهدئتها، صرخ سعود: سَيف!!!
ناظره سَيف بهدوء، كان ابراهيم يوجه عليه السلاح ينظر للأسفل يشوف المدينة صغيرة تحت أقدامه، و بينه و بين الموت شعرة وبينه وبين محبوبته أميال، يسمع صوت سيارة الشرطة والعساكر اللي يدخلون البرج بسرعة كبيرة، رجع يناظر ابراهيم اللي يبعد عنه متر أعلى حافة السطح..
ألتفت على سعود اللي كان ينظر له بقلق: انتبه على رهف!
هز سعود رأسه بالنفي لأنه يعرف الخطوة اللي ناوي يخطيها سيف، لكن و بدون سابق إنذار وعلى حين غفلة تقدم سَيف بخطواته يقصر المسافة بينه و بين ابراهيم ويدفعه للأسفل، لكن صار اللي كان متوقعه، حركة متوقعة من أبراهيم اللي تمسك بذراع سيف ناوي يسحبه معاه، ابراهيم متعلق بالهواء ويحكم قبضته على ذراع سَيف اللي تمسك في سور الحديد بكل قوته يتشبث يحاول ينتشل نفسه لا يهوى وينطرح على الأرض مع إبراهيم المتمسك فيه بكل قوته..
رهف صرخت بأعلى صوتها "لااااا" لما فَز سعود يتركها طايحة على الأرض ويركض للحافة يتمسك بذراع سيف ويسحبه بكل قوته، وصلوا الشرطة يساعدون سعود انه يسحب سَيف ويرجعونه لِـ بر الأمان، حاول سيف يتخلص من ابراهيم المتشبث فيه ويضحك بشكل هستيري لكنه فشل، ومع إنقاذهم لِـ سيف أنقذوا ابراهيم معاه..
رهف اللي كانت جالسة على الأرض تبكي وتتألم، مو مستوعبة ان كان بينه وبين الموت شعرة لكنهم انقذوه..
الشرطة كلبشوا ايدين ابراهيم اللي كان يضحك بشكل هستيري ويناظر سَيف: راح ارجع لك مرة ثانية! لو ما رجعت لك انت واخذتك باخذ ولدك اللي في بطنها!!
سَيف صرخ: تخسي يا كلب تمس شعرة منها..
ضحك ابراهيم: بنشوف!!!
الشرطة حاولوا يفكون بينهم لكن الغضب أعمى سَيف، عيونه تحولت للون الأحمر وأصبح غير مُدرك لأفعاله رغم محاولات رهف بصراخها انها تمنعه، شهقت رهف وهي تشوفه يسحب السلاح من خصر الشرطي و يوجهه على رأس ابراهيم مباشرة، وبدون تفكير فجر رأسه بثواني...
كان هذا اخر مشهد تشوفه قبل تشعر بحرارة النزيف وألم بطنها اللي تفجر يشل كل جوارحها، فقدت الوعي وطاحت على الأرض بالوقت اللي استدار فيه سيف يناظرها بصدمة يركض لها ويشيلها لحضنه وقلبه ينبض بخوف: رهف حبيبي...
تقدم سعود يحاول يبعد الشرطة اللي يسحبون سَيف بالقوة يحاولون يقبضون عليه، سَيف يصرخ عليهم بجنون: زوجتي لازم تروح المستشفى وخروا عنيييي
قرب سعود ياخذ رهف من حضنه: لا يضرونها، الاسعاف شوي ويوصلون اتركها سيف عندي
نزل عيونه سَيف عليها: ماقدر اخليها...
نطق الشرطي: كان مفروض تفكر بهالشي قبل ما تسحب سلاحي وتقتل المتهم قدام عيوننا كلنا!!!
صرخ سَيف: قتلته، متعمد و لو يرجع فيني الزمن مليون مرة بقتله و أحمي أهلي..
دفعه سَيف بقوة لين طاح على الأرض و راح يمشي بخطواته بسرعة لِـ رهف اللي بحضن سعود وهليكوبتر الإسعاف وصل وحط على سطح البرج ينقلونها معاها، سَيف اللي كان ناوي يروح معاها وسبب فوضى و ضجة و اعتدى على كثير من عناصر الشرطة والعساكر لين طرحوه على الأرض بضربة على مؤخرة رأسه خلته يفقد الوعي وهو يهلوس بأسمها..
"رهف...رهف...رهف..." كان اسمها على لسانه طول مرحلة فقدانه للوعي، لين وصل مركز الشرطة و حَصل ايدينه مكلبشة بإحكام على كرسي التحقيق، أول من طرأ على باله رهف و منظرها وهي طايحة و سعود ياخذها بحضنه بعيد عنه، كان يحس بثقل في رأسه من الضربة اللي تلقاها..
دخل المحقق عليه و صفق الباب بقوة: واخيراً صحصحت!!
نطق سيف بحدة: زوجتي، ابي اشوف زوجتي!!!
تنهد المحقق: أنت تحسب نفسك فوق القانون؟ عديناها لك مرة ومرتين لكن انك تعتدي بالضرب على العساكر، هنا القانون يعرف يربيك من أول وجديد يا سيف بن شاهين!!
صرخ سَيف بقهر: ابي اتطمن على زوجتي ما تفهم!!!! شوف لك دبرة الحين تطلعني او تسوي اللي تسويه تصرررف!!!
ابتسم المحقق: شنو بتسوي؟ بتقوم تضربني انا بعد؟
وقف سيف يرفس الطاولة بأقوى ما عنده رغم انها مثبتة في الأرض الا انها تحركت من مكانها، كانت ايدينه المكلبشة تعيق حركته لكن حتى هذا ما منعه انه يتهجم على المحقق ويهدده بأعلى صوته: بتطلعني اشوف زوجتي و اتطمن عليها وبعدها سو اللي تسويه
نطق المحقق بحدة: بأحلامك، بهالعقلية والتصرفات ما بخليك تشوف النور، انسى زوجتك و خلنا نبدأ بالتحقيق ونسجل افادتك
صرخ سيف: لا تجنني أذبحك وربي!!
كان سيف يصرخ بشكل هستيري، العساكر دخلوا و رجعوه لمكانه بصعوبة وهالمرة ربطوا أقدامه بالكرسي يمنعون حركته، كان يحس قلبه راح ينفجر من القلق والخوف عليها و عقله على وشك الجنون من فرط قهره و غضبه اللي تملك كل ذرة بكيانه..
رَفض يتكلم او ينطق أي حرف، التزم بالصمت الطويل وفي داخله نيران قايدة تحرقه و تاكله أكل، الخوف والتعب والتفكير المفرط أرهقه و أكل عافيته و ظَل على هالحال يوم كامل حتى سعود ما زاره وهالشي زاد من مخاوفه وأوجاعه..
رفع رأسه لما دخل العسكري يفتح باب غرفة التحقيق و لمح طَيف سعود خلفه، فَز قلبه لكنه ما كان قادر يوقف ويتحرك لأنه مربطينه، توسعت عيونه بذهول لما شاف العسكري يرجع خطوة للخلف وتدخل رهف حبيبته للغرفة، وجهها شاحب وأصفر وعيونها العسلية اللي ياما غرق في بحرها و أرتوى اليوم تناظره بكل برود وقسوة، عيونها ذابلة ولمعتها أنطفت..
نطق بصوت خافت: رهف..
جلست على الكرسي قدامه بتعب، كانت يدها تمسح على بطنها بوجع وغمض عيونه سَيف بقهر: انتي بخير؟
هزت رأسها بالنفي: تظن اني ممكن اكون بخير؟
وده يمسك كفها اللي يرجف تحت الطاولة ويطمن مخاوفها، ياليت يقدر ياخذها لحضنه ويشيل كل اوجاعها وهمومها على ظهره..
قرر يسأل السؤال اللي يخاف من جوابه: البيبي...
قاطعته بقهر: أنت خليت فيها بيبي يا سَيف؟
توسع بؤبؤ عينه وامتلأت عينه دموعه: لا تقولين...
انهمرت دموعها وقاطعته للمرة الثانية: اسكت مابي اسمع صوتك، جيت لأنك مو راضي تسهل الأمور على نفسك، تسبب مشاكل لنفسك حتى هنا؟ ما تقدر تتحكم بغضبك اللي اخذنا في ستين داهية!
كان سيف مصدوم من الخبر ومن دموعها: لا تبكين..
هزت رأسها بالنفي: ما ابكي عليك، ابكي على حالي!
مسحت دموعها بقهر و أردفت بحدة: شوف الحالة اللي وصلتنا لها؟ شوف أنت وين و انا وين!!!
غمض عيونه سَيف يداري دموعه ووجع قلبه: شقاعدة تقولين رهف!
كملت رهف بهدوء: ما بتشوفني مرة ثانية، ابي نتطلق!
ما استوعب كلامها لأنها تركته ووقفت تطلع من غرفة التحقيق وهي تبكي وتشهق بصوت عالي بدون ما تعطيه مجال، راحت لحضن سعود تبكي بحسرة وكانت هذي آخر لمحة لمحبوبة قلبه وعينه قبل ما يخسرها كُلياً، في نفس اليوم خسر طفله و حبيبة قلبه و حريته، في هذا اليوم اللي وقع على الافادة اللي صاغوها المُحققين وتحول مباشرة للمحكمة، في قاعة المحكمة ألتفت وما شاف إلا سعود موجود معاه يسنده ويعاونه بعد كل شيء صار، ما بقى له ألا سعود...
نطق القاضي الحكم على المتهم سَيف بن شاهين آل جراح بالحبس لمدة ٦ سنوات بتهم كثيرة مثل القتل المتعمد وتخفيف العقوبة لأنهم اعتبروها حالة دفاع عن النفس و تنازل ابناء المقتول عن حَق والدهم، لكن العقوبة الأساسية كانت بسبب تعديه على ضباط الشرطة بشكل متعمد ومتكرر..
غمض سَيف عيونه بقهر و أول شيء فكر فيه رهف، تذكر لقاهم الأخير في غرفة التحقيق، نظرات العتب و اللوم، كلماتها اللي انغرست مثل الخناجر في صدره، لكنه يعطيها الحق، حتى في طلبها للطلاق يعطيها الحق! ليه تضيع عمرها مع واحد مصيره السجن لمدة ٦ سنوات وحياته ضايعة في نوبات غضبه الحادة..

لا بأس يالقلب الشجاعحيث تعيش القصص. اكتشف الآن