11

5.8K 247 55
                                    

-الساعة ٣:٣٠ عصراً بمدينة الكويت-
جالس سَيف في مقهى بجلسة خارجية ومعاه سعود، عيونهم تراقب محل أثاث و انتيكا مُقابل للمقهى على الطرف الثاني من الشارع، كان برد الكويت أشد من برد الدوحة طلبوا لهم قهوة وجلسوا ينتظرون ويراقبون المحل، راعي الكوفي قالهم ان المحل يفتح كل يوم الساعة ١٠ الصبح لكن يمكن عندهم ظروف وتأخر راعي المحل على غير عادته..
زفر سيف بغضب وناظر ساعته: مو كأنه تأخر؟ طاقين طريق وسفر بالنهاية ما نحصله؟ تذكرتنا ذهاب و عودة بنفس اليوم تدري عندي اجتماع بكرا لازم ارجع الليلة للديرة..
تنهد سعود: والله هذا اللي وصلني لما رحت للعنوان بالدوحة قالوا انه ترك الديرة من عشر سنين و ورجع يعيش ويستقر في الكويت مع زوجته وعياله، وهذا العنوان اللي اعطوني اياه بالضبط ان عنده محل..
لما صارت الساعة ٣:٥٣ عصراً وقفت سيارة قدام المحل،
ألتفت سَيف على سعود بحماس: شكله وصل!
وقف سعود: يلا مشينا
دفعوا حساب قهوتهم و طلعوا من المقهى يعبرون الشارع ووصلوا قدام المحل، تقدم سَيف يفتح الباب و دخل شاف صاحب المحل رجل في اواخر الخمسينات يليس نظارة طبية ويجلس خلف مكتبه و رفع عينه لما شاف سيف و سعود، تقدم سيف يسلم عليه و رَحب فيه صاحب المحل بحفاوة لما عرف انهم طاقين طريق من الدوحة لين الكويت عشانه، جلس و حلف عليهم يضيفهم قهوة..
مسك سيف فنجانه: والله يا عم...
كمل صاحب المحل: ابو ضاري
أبتسم سيف: يا عم ابو ضاري، بصراحة انا جيت بعد ضاقت فيني السُبل وتأكدت أن موضوعي راح ينحسم عندك
استغرب ابو ضاري لأن شكل سيف و سعود هوامير وهو رجل متواضع شنو الشيء اللي راح ينحسم عنده: ابشر بعزك
ما يدري سَيف كيف يبدأ الموضوع، فتح جواله يظهر له صورته بالجريدة وهو لابس قميص فيه كلمة "حُب" تقدم ابو ضاري يعدل نظارته ويحاول يركز عيونه على الصورة و ابتسم وكأن الذكريات هَلت عليه: اييي هذي ايام المعرض قبل ١٥ سنة يوم كنت في الدوحة، لكن ما فهمت شنو فيها؟
تنهد سَيف: هذا القميص الأسود اللي عليه كلمة "حُب" دورت عليه في كل مكان وما حصلت له أثر في ولا محل ولا أي ماركة لي ١٣ سنة ادور ولا حصلته..
عقد ابو ضاري حاجبه: لهالدرجة مهم؟
هز سَيف رأسه بالايجاب: اي والله انه مهم
ابتسم ابو ضاري: هذا القميص تصميم خاص فيني، يعني تعرف انا هذي هوايتي وشغفي حولت لمهنة أجمع أنتيكة وأغراض قديمة، ومثل ما تشوف اني خطاط أخط بالخط العربي و أرسم لوحات وغيرها، لكن هالقميص له قصة!
تقدم سَيف بجذعه: شنو هي قصته؟
ابتسم ابو ضاري: هذا الله يسلمك انا رحت للدوحة قبل ٢٠ سنة أو أكثر زوجتي قطرية وما حبت تبعد عن أمها وأبوها تعبانين تداريهم، استقرينا هناك وبديت شغلي أحضر معارض وفتحت لي محل نفس هذا تقريباً اسوي طلبات الناس و كان علي طلب كبير وقتها والخير وايد الحمدلله
ابتسموا سيف و سعود يشوفون فرحته وهو يقص ذكرياته عليهم وتجاربه، كمل ابو ضاري: جاني في يوم شخص و قال لي يبي قميصين واحد له وواحد لحبيبته، و طلب مني اكتب على القميص و أنسج بنفسي كلمة "حُب" وقتها ترددت لأني انا خطاط أخط بالألوان والأقلام وفكرة النسيج ممكن تكون صعبة، لكني تحديت نفسي و سويتها.. انتظرته اكثر من الموعد يوم يومين وأسبوع وأسبوعين مروا، بعدها جاني في وقت متأخر في ليلة ممطرة أذكر وكنت ناوي اقفل الدكان و أمشي لكنه وصل بأخر لحظة، اخذ قميصه و ترك القميص الثاني، و دفع حقهم اثنينهم! استغربت و رحت اركض وراه ابي أعطيه القميص او ارجع له الفلوس لكنه ركب سيارته و ناظرني وانا تحت المطر و قال "صاحبتها راحت شنو ابي فيها؟"
عقد سَيف حاجبه بأهتمام: وبعدين؟
تنهد ابو ضاري: وبعدين انا عجبتني فكرة القميص فكرة جديدة توقعت يضرب وينجح، لبسته في المعرض سويت له ترويج لكن أغلب الناس ما اهتموا فيه وبفكرة قميص متشابه لهم ولأحبابهم او اصدقاءهم، على ايامنا كان عيب و شق جيب
ضحك سعود: والله دمك خفيف يا عمي
كمل ابو ضاري بضحكة: والله و بس يومها صورونا في المعرض كلنا وكنت لابسه، و بس والله هذي هي القصة
تنهد سيف يحك جبينه بتعب: وهذا الشخص تتذكر ملامحه او تعرف اسمه لقبه أي شي يدلنا عليه؟
عقد حاجبه ابو ضاري يحاول يتذكر: والله ما اذكر شكله مرت اكثر من ١٥ سنة، لكني أذكر سجلت طلبه بأسم ابو جود، ماكان في شيء مميز بالاسم لكني تذكرته لأنه على اسم بنتي الصغيرة
تنهد سَيف وألتفت عليه سعود، الموضوع مُعقد كيف بيعرفون الفاعل؟ احتمال كبير ان الليلة اللي ابو ضاري نسى تاريخها بالضبط تكون هي نفسها ليلة مقتل الشاهين..
حَس ابو ضاري بضيقة سَيف ومد يده على كتفه يحاكيه رغم انه يجهل السبب الحقيقي: والله اني ماعرف انت ليه تدور على هذاك الشخص لكن صدقني بتهون..
ناظره سيف: لها ١٥ سنة ولا هانت يا عم، الله يعين
ابتسم ابو ضاري و حاول يخفف عنهم، و قرر يعزمهم على العشاء عنده في بيته الليلة ورغم رفض سيف القطعي إلا أنه خضع لطلب ابو ضاري وكأن هالرجل فيه قبول العالمين كله وما قدر يكسر كلمته، طلعوا سيف و سعود من عنده يخلصون أشغالهم لين حزة العشاء..
ألتفت سعود على سَيف: ليه ما توريه الصور يمكن يتذكر؟
ابتسم سَيف بخيبة أمل: تبيني اراويه صور أهلي؟ سنين وانا أدور براسي مليون سيناريو و سيناريو لكن.. ما لقيت سبب وجيه يخلي حد فيهم يذبح أبوي! جدي اللي يفتخر فيه ويحبه؟ أمي اللي تعشقه و تهيم فيه؟ ولا عمي المجنون هذا مسألة خاصة اصلاً كان محجوز بالمستشفى من سنين..
قرب سعود يربت على كتف سيف: كنت تنتظر هذا اليوم من سنين، شفيك تراجعت؟
نزل سَيف رأسه: خايف، خايف ألقى اجابة ما تعجبني
شد سعود على كتف سيف بقوة: لازم تبري نفسك يا سيف، عشانك! عشان السنين الظلمة اللي عشتها، و عشان تنسف صورة الشيطان من عقل اللي سكنت قلبك..
غمض عيونه سَيف لما ذكر له رهف وزفر الهواء الساكن بصدره بتعب، ضحك بسخرية: اللي في قلبي ما تبيني، وانا ماقدر أجبرها
غمز له سعود: عيل ما شفتها اليوم دخلت حسابي تراقبك..
فَز سيف: اي حساب؟
ضحك سعود على ذهول سَيف: الانستقرام، دخلت شافت الستوري وهي مو متابعتني واضح جاتني من صوبك تبي تراقب وتشوف وين رايحين لكن خويك سره في بير ما عطيتها ولا تلميح
حك سَيف جبينه: يمكن بالغلط ولا هي ترا ما تهتم
ضحك سعود: ما تهتم؟ حركات البنات هذي أعرفها ما تمشي علي
رفع حاجبه سيف: من وين لك بنات عشان تعرف حركاتهم؟
تنهد سعود: نقطع الشك باليقين، بنزل ستوري الحين لو شافته يعني هي تراقبني عشان تعرف أخبارك، لو ما شافته يعني المرة الأولى كانت بالغلط..
رفض سيف الفكرة لكن سعود ما طاوعه و ألتقط صورة سيلفي لهم الاثنين ونزلها ستوري انستا بدون تعليق للمرة الثانية
ابتسم سعود: راح يجيك العلم بعد شوي..
جلسوا يلبسون ويتجهزون للعشاء و فوراً من هناك يرجعون للدوحة سَيف ما عنده وقت يضيعه أكثر..

لا بأس يالقلب الشجاعحيث تعيش القصص. اكتشف الآن