وصلت بيت أهلها مع سَيف عندهم اليوم عزيمة بمناسبة عودة شهد و راكان من شهر العسل بالسلامة، رغم ان شهر العسل كان قصير ما كملوا أسبوعين بسبب ضغط شغل راكان وجدوله اللي تغير فجأة.. نزلت رهف من السيارة تشوف راكان واقف يستقبلها، اتسعت ابتسامتها لما قرب لها بخطوات سريعة ياخذها بحضنه: وحشتيني
غمضت عيونها رهف بحضنه: وانت اكثر يا عريس
ابتعد عنها و مد يده يصافح سَيف: حياك سَيف تفضل، عيل وين باقي أهلك و سعود؟
ابتسم له سَيف بتكلف: الأهل مسافرين وسعود بيوصل بعد شوي
رفع حاجبه لِرهف اللي واقفة تناظرهم يأشر لها تروح داخل، تأففت بصوت خافت كان ودها تسولف مع راكان شوي بس مالها خلق سَيف ونظراته، تركتهم رهف يدخلون من الباب الخارجي للمجلس وهي راحت من الباب الثاني تدخل لحديقة البيت واستقبلتها شهد اللي كانت تنتظرها من الصبح الود ودها تنزل من المطار في بيت سَيف: رهوووفتي
حضنتها رهف: شهالزين شهودة محلوة، لهالدرجة الزواج يحلي!
ابتسمت شهد بغرور: طول عمري حلوه..
مسكت رهف من ذراعها يمشون داخل: ما قلتي لي شخبارج انتي و سَيف؟ شلون ماشية بالخطة؟ تراج قطعتي عني فترة
تنهدت رهف: بعدين أقولج خلينا ندخل نسلم..
دخلوا لمجلس الحريم وكان في الجماعة والأقارب كلهم اللي ما شافوا رهف من يوم زواجها، أخذوها بالأحضان ويتساءلون عن صحة المقالات اللي انتشرت عنها هي ومهند والأهم يتكلمون عن صورها اللي انتشرت مع سَيف بحفل الجمعية الخيرية، كانوا بنات الجماعة يمدحون وسامة سَيف وجاذبيته وكيف أول ظهور له معاها و اكل الجو على الجميع.. رهف جالسة تحاول تحافظ على هدوئها قدامهم تمسك الفنجان في يدها وتبتسم لهم لما يمدحونه ويتكلمون عنه، ناظرتها وحدة جالسة قدامها ورفعت حاجبها: عاد ما وده ياخذ الثالثة؟
تجمد الدم بعروق رهف وطيّرت عيونها بصدمة: خير؟
ابتسمت لها باستفزاز: هذيل الهوامير جذي يحبون التعدد، و أظن ما عندج مانع يتزوج لأنج انتي بكبرج زوجة ثانية....
قاطعتها رهف بضحكة: عيونه ما تشوف غيري، لا أولى ولا ثالثة ولا رابعة! أمسي و استريحي..
تدخلت شهد: شهالموضوع البيض يا بنات
البنت كانت تطالع رهف بحقد دفين: والله عاد هذا حظج يا رهف بعمرج ما كنتي الخيار الأول، حتى مهند طلع متزوج قبلج
لما جابوا طاري مهند حست كأن أحد كَب عليها ماي بارد او صفعها كف قوي قدام الكل، ناظرت البنت بذهول وضغطت على الفنجان بقوة و لاحظت شهد غضبها قامت تسحب الفنجان من يدها لا ينكسر من قوة الضغط بكفوفها
همست لها شهد: رهف قومي معاي...
رفعت حاجبها رهف: ليه اقوم؟ هذا بيت أبوي، هي اللي تذلف برا
ناظرت البنت وابتسمت لها ببرود: مو دايماً خياراتنا الأولى تكون صحيح، أحياناً الخيار الثاني يكون أصح و أحب لقلوبنا لكننا ضيعنا عمرنا نداري الخيار الأول، مثلج انتي خيار أول بحياة ريلج صح؟ لكن كلنا هنا نعرف انه ما خلا بنت تعتب عليه بالمغازل والسفرات اللي خبري خبرج من تحت لتحت..
نطقت البنت بإحراج كبير: رهف!!!!
رفعت نبرتها رهف: ولا كلمة!!! اللي يدق الباب يلقى الجواب و يلا تفضلي برا بيت ابوي يتعذرج..
وقفت البنت تشيل شنطتها: تطردين ضيوفج!!
ابتسمت رهف واخذت فنجانها تشربه: الضيف اللي ما حشم نفسه ينطرد و الباب يوسع جمل..
طلعت البنت والدموع بعينها من قوة إحراجها قدام الكل، كان هذا الحدث قدام كل اللي في المجلس، كبار و صغار! رهف ما ترددت ولا لحظة تدافع عن نفسها قدامهم، تدافع عن فكرة تراودهم كلهم بدون استثناء عن سبب زواجها من شخص متزوج، والأغلب يظنون عشان فلوسه، بهالشكل هي ردت على الكل بمبدأ "اللي بيته من قزاز لا يرمي الناس بحجارة" كل وحدة في المجلس عندها مصايب و فضايح، والأفضل كل شخص ينشغل بنفسه.. ريم في صدر المجلس ابتسمت برضا عن تصرف بنتها رهف، تصرف وحدة واثقة من نفسها وما عندها شي تخجل منه! رغم ان ريم من البداية ماهي موافقة ع زواجها من سَيف لكن رَد رهف اليوم قدام الكل خلاها تتقبل الموضوع ولو شوي.. ابتسمت رهف لأمها و سرحت بخيالها، كلمة البنت اوجعتها مهما حاولت تتصنع القوة لكن فكرة انها خيار ثاني في حياة كل رجل بحياتها حقيقة..
بعد العشاء رهف أخذت شهد لغرفتها وجلسوا يتكلمون، تمدد رهف على السرير بتعب: ما صار شي لكنني تراجعت عن خطتي
تمددت شهد جنبها: ليه؟
تنهدت رهف لأنها لازم تخبي كل شي عن شهد وتحافظ على السرية مثل ما وعدته: اكتشفت انه بريء، وما أبي ازيدها عليه
ما حبت تدخل بالتفاصيل اكتفت بأنها تعلن براءته
ابتسمت شهد وانسدحت على جنبها تناظر رهف: بس هذا السبب؟ ولا في شي ثاني؟ مثل نبضة قلب خاطفة...
حطت رهف يدها على قلبها: تتوقعين هذا القلب ينبض من جديد؟ مستحيل، اللي شفته من مهند خلاني أكره الحُب..
مدت شهد يدها فوق كف رهف المستريحة أعلى قلبها وابتسمت لها بحنيّة: قلب رهف اللي أعرفه ينبض بالحُب والحياة وما تقدرين تعيشين بدونه هالشيئين، وإذا ما نبض حق سَيف قريب ما يكون اسمي شهد..
عقدت حاجبها رهف: مستحيل أحبه! تراه متسلط و أناني يتصرف من كيفه ما يحسب حساب الشخص اللي قدامه تخيلي شنو سوا فيني...
سكتت رهف لما حست انها بتجيب العيد، رمقتها شهد بنظرة شك ورفعة حاجبها: شنو سوا فيج؟
بلعت ريقها رهف: ولا شيء
كانت بتقوم لكن شهد سحبتها: هييه رهف والله بتقولين! شصار شنو سوا اكيد صار شي وانا مادري عنه!!!
ناظرتها رهف و توردت خدودها وهي تتذكر قُبلتهم أعلى سطح البرج وقلبها اللي كان ينبض بخوف وشكل جنوني من قربهم..
توسعت عيون شهد: لا يكون!!!!!
طيّرت رهف عيونها: لا بس بوسة...
شهقت شهد: وما قلتي لي!!!!!!! متى و شلووون!!!
تنحنحت رهف ووصفت لها الموقف، و توسعت عيون شهد بذهول و أطلقت ضحكة: اول قُبلة فوق السطح وبينكم وبين الموت شعرة؟ حماس
غطت رهف خدودها المتوردة بخجل: وربي كريهه كنت خايفة وبعدين خير يبوس بدون مقدمات طيب انا مابي مو على كيفه!
غمزت لها شهد: خاطر بنفسه و فيج عشان هالقُبلة الواضح انه طاح على وجهه ولا قدر يقاوم الجمال كله
ضربتها رهف بخفة من شدة احراجها: لا هو بس يبي يقهرني
ابتسمت شهد: طيب انتي شنو كان شعورج؟
حكت جبينها رهف تحاول تتذكر ذيك الليلة وتوصف شعورها اللي ماله تفسير: كنت خايفة! قلبي كان يرجف و أطرافي بردت
عقدت حاجبها شهد: و عقلج توقف عن التفكير؟
هزت رأسها رهف: كل جسمي تجمد وتخدر مو بس عقلي
غمزت لها شهد: عجبج؟
ضربتها رهف هالمرة بقوة على كتفها: هييه شنو يعجبني طبعاً ما عجبني هو سرق مني شي بدون شوري...
مسكت شهد كتفها تتصنع الألم: ترا عادي الاشياء المسروقة يجي لها طعم ألذ، مثل لما تسرقين أكل اخوج من الثلاجة
طيرت عيونها رهف بصدمة من التشبيه: شدخل!!!
ضحكت شهد: والله مادري عنج لكن هو الظاهر طايح على وجهه
هزت رهف رأسها بالنفي: لا طاح على وجهه ولا شي كانت غلطة
تكتفت شهد: غلطة؟ حبيبتي محد يغلط ويبوس اللي قدامه، الرجل ما يلتفت لأي بنت الا إذا كانت داخلة مزاجه ويرغب فيها
صدت عنها رهف تحس بحرارة تسري في جسمها لما تذكرت الموقف و شهد تنغزها: اشعلتي بداخله شرارة الحُب
وقفت رهف تسكر أذنها: حُب؟ طَل، خلاص سكري الموضوع
كانت شهد تغيضها لكن رهف بداخلها ترفض كل فكرة تقولها شهد، ترفض فكرة إن سيف ممكن يكون مُعجب فيها وترفض تلميحات شهد بإنها هي كَرهف راح ينبض قلبها له..
دخلت عليهم ريم وابتسمت: شهودة حبيبتي راكان صعد لشقتكم ويقول خلي زوجتي قُرة عيني تسحب ع رهف و تجيني
عقدت حاجبها رهف: خير ابيها....
ما مداها تكمل الا شهد فَزت من السرير ووقفت عند تسريحة رهف تتعدل وتضبط مكياجها وتتعطر: يلا خالتي دقايق بس
ضحكت ريم على وجه رهف المصفوق وكلمتها: يالخاينة!!!
أشرت عليها ريم: و انتي ريلج ينتظرج برا قومي يلا
تأففت رهف: يووه ما شبعت منها طيب!!
ألتفت عليها شهد تغمز لها: والله انا بعد ما شبعت بس في واحد ينتظرني فوق والثاني ينتظرج تحت يا خوفي يسوون علينا حصار
وقفت رهف تلبس عبايتها: والله انا اللي بحشرهم في مكان وأقفل عليهم عشان ناخذ راحتنا بالسوالف!
كانت بتطلع ومسكتها ريم: ما تشوفين شهد تتعدل وتتسمع قبل تروح عند زوجها تعلمي منها شوي؟
ضحكت شهد لما ألتفت عليها رهف بحاجب مرفوع: والله عاد شهد توها عروس كيفها، اللي عندي شافني بأسوء حالاتي ما تفرق بعدين انا بكل حالاتي قمر يحمد ربه اني من نصيبه
طيرت عيونها ريم من مزاج بنتها السيء الليلة، سلمت عليها رهف ونزلت تحت للحديقة تشوف أبوها واقف مع سَيف ومعاهم ريّان، سَيف رفع عيونه لما طلعت لهم بوجه عابس تناظر أبوها اللي مسك كفوفها وابتسمت له: كثر الله خيرك ياللواء مبارك
ميّل رأسه بحنيّة: ما شبعت من شوفتج، عيديها لا تبطين
مدت نظرها على سَيف خلف مبارك: ان شاء الله
تنحنح سَيف وتقدم يوقف جنبها ويقابل مبارك: يا عمي حياكم عندنا في مزرعتنا بالشمال، بنقعد هناك يومين مع الاجواء الزينة والبراد والشتاء هذا موسمها..
رهف اللي ماكانت تدري عن كشتة المزرعة ابتسمت بحماس وشدت على كفوف مبارك: اي يبا تكفى خل نتونس مع بعض!
مبارك يناظر سَيف يلزم عليه و رهف تترجاه: ان شاء الله بشوف امج واخوانج لو فاضين نلبي عزيمتكم
ابتسم له سَيف و سحب كفوف رهف من ايدين مبارك بهدوء وخفة استأذن وطلعوا، أول ما ركبوا السيارة ألتفت عليه رهف بذهول: أي مزرعة وليه ما عندي خبر من زمان؟
حرك السيارة بدون ما يطالعها: بهاللحظة قررت، بنقضي يومين في المزرعة جهزي نفسج بكرا اول ما يرجعون الأهل من السفر بنطلع للمزرعة على طول!
تنهدت: اي نروح بس ما خلصنا شغلنا انت ملاحظ انك تسلك لي بالموضوع من بعد ذيك الليلة؟ شصار مع ابو ضاري وهل تعرف ع الصور لما ارسلتهم له؟ شكلك تخش عني تحركاتك..
وقفوا عند الإشارة وألتفت: ابو ضاري ما تعرف على أحد يقول ناسي، لو نفكر فيها شوي بهذيك الليلة امي و جدي و غيث و غادة كلهم كانوا متوجهين للمطار مسافرين! و أبراهيم في مستشفى الأمراض العقلية مقفلين عليه مليون باب، مستحيل!
لمعت في بالها فكرة او فرضية او احتمال، سكتت وانتظرت طول الطريق تقلب الفكرة في بالها وتجيبها يمين و يسار، لما وصلوا ماكان في احد في البيت غيرها هي و سَيف هذي الليلة صعدت للجناح و سَيف توجه للمكتب عنده كم شغلة..
'
جلست قدام المرايا تمسح الميك أب وسرحانة، ما تدري تصارح سَيف بالاحتمال اللي في بالها ولا تسكت لين تتأكد؟ لكن شلون تتأكد لو ما واجهته؟ رمت القطنة على التسريحة ونزلت خطواتها تطق كعبها العنابي من miumiu على الرخام البارد ومن هدوء القصر طغى صوت كعبها ووصل لمكتب سَيف، رفع عينه لما دخلت كعادتها بدون ما تدق الباب و دخلت تمشي بثقة وأنبهر بإطلالتها! ما شافها قبل العزيمة لأنها نزلت على طول لابسة عبايتها، توسع بؤبؤ عينه يتأمل فستانها الكت العنابي بقماش توييد من شانيل قصير يتوسط فخذها، واللون العنابي يتناغم بشكل ساحر مع بشرتها وشعرها العسلي المتموج يغطي نصف ظهرها مع عقد لؤلؤ يزين جيدها ويعتلي عظمة الترقوة بنعومة، بلع ريقه ونزل عيونه على الأوراق قدامه يدّعي الانشغال لكنها أبهرته بجمالها وعقله وفكره انسلبوا منه بثواني بفضل شبيهة العسل اللي طلّت عليه تجلس على الكرسي المُقابل لمكتبه، يفصل بينهم طاولة مكتبه العريضة لكن يحس صوت نبضات قلبه الصاخبة بتركض لها وتفضحه..
تنحنح بإرتباك وهو يقلب الأوراق: فيج شي؟
هزت رأسها بالنفي: لا بس في شي فكرت فيه بخصوص القضية
رفع عيونه عليها يلتمس الجدية بنظراتها: فكرتي في شي؟
حضنت كفوفها تحاول تخفف حدة توترها من ردة فعله بعد اللي يسمعه: بصراحة، حسب الكلام اللي في التسجيل الواضح ان الشخص عنده عداوة شخصية مع المرحوم أبوك! وبنفس الفترة كان ابوك على وشك الزواج من بنت آل سليمان، زواج مُدبر بين العيلتين..
عقد حاجبه: يعني؟
عيونها اللي كانت تهرب منه ركزت عليه بهاللحظة تناظره محاجره، تشوف بداخله شك و ريبة: أقصد يمكن الفاعل مو من أهلك! شخص من عيلة آل سليمان او شخص له مصلحة أن الزواج ما يتم، أنت سنين حصرت خياراتك في أهلك!
رفع حاجبه: مستحيل حد من برا يعرف مداخل القصر و مخارجه والنقط العمياء لكاميرات المراقبة، الحراس ما شافوا حد يدخل ليلتها غيري انا، الكاميرات ما صورت الا دخولي!
رفعت حاجبها: اللي وده يطول يا سَيف! أخذ هالشي بعين الاعتبار، حاول تشوف الحادثة بصورة أكبر وتدرس كل المُعطيات
كانت تتكلم بجدية وموضوع حاسم في حياته، لكن ذهنه شارد فيها وكيف تحاول توضح له الأمور وتفتح عيونه على اشياء كان غافل عنها، حَس بنوع من الاهتمام بطريقتها وهي تشرح له وكان يلتزم الصمت والاصغاء التام، جلس يتساءل هل فعلاً هي مهتمة بالقضية عشان تساعده؟ عشانه هو كَـ سيف؟ ولا بس عشان تشبع فضولها وترضي المُحققة الصغيرة بداخلها..
لكن لو كان كلامها صح؟ لو كان طول عمره يدور بنفس الدائرة ولهالسبب ما حصل دليل؟ لو كان فعلاً القاتل من آل سليمان؟ صار لازم يرجع يحقق بموضوع زواج أبوه الثاني اللي ما تم..
رهف تشوفه شارد ومو معاها، مدت كفها قدامه تحركها بعشوائية تحاول تلتفت انتباهه: الوو انت معاي؟
ميّل رأسه يناظرها بهدوء: معاج، أفكر بالاحتمال اللي قلتيه لو كان حقيقة بشرب من دم سلالتهم كلها..
توسعت عيونها بخوف واستعدلت بجلستها: شهالكلام؟ عندك حق تاخذه من اللي اخذ حقك، والقانون موجود...
قاطعها: أي قانون؟ ما يمشي علي وأنتي تعرفيني عدل
انتفضت ووقفت على حيلها: سَيف لا تخليني أندم!!!
رفع حاجبه يناظرها: ليه كنتي تظنين بعد ما أوصل للي قتل أبوي بروح أسلمه للشرطة وانتظرهم يعاقبونه؟ انا باخذ بثار أبوي حتى لو كان بعدها موتي ما يهمني..
تسمع كلامه مصدومة رفعت خصلات شعرها اللي بدأت تضايقها وتزعجها وتزاحم أنفاسها، صَدت عنه تغطي جبينها ما تدري شنو تقول ولا ايش تسوي ما توقعت هذي نيته! رغم ان هذا اكثر شي طبيعي بالنسبة لِشخص مثل سَيف..
رجعت تناظره بصدمة ويدها على رأسها: ما يهمك شيء! تعرف شنو يعني تقتل روح يا سَيف؟ عبالك الموضوع سهل وبسيط
رفع اكتافه بعد اهتمام وبكل برود: بالنسبة لي بسيط
صرخت رهف: شنو بسيط؟ تعرف شنو يعني قاتل؟
رفع حاجبه: قصري صوتج! مافي غيرنا صحيح لكن الخدم موجودين، و أيه اعرف شنو يعني قاتل، لكنني انسان ماعنده شي يخسره او يهابه، عشت من بعد أبوي عشان انتقم له بس..
غورقت الدموع بعينها من كلامه، تحس غصة في قلبها كيف هو عاش ١٥ سنة بس عشان يوصل للحقيقة بعدها ما يهمه شيء، كيف انسان يكون فاقد الشغف بحياته ونفسه لهالدرجة؟ حياته ضبابية ومشاعره قامته وتفكيره رمادي يعيش بالأعراف لا هو اللي ذاق نعيم الجنة ولا هو اللي كفر عن خطاياه، عاش لأجل عين الانتقام ويموت من بعده، شلون في انسان ماعنده هدف او طموح او حلم بأنه يعيش السعادة ويذوق طعم الهناء بعد سنين عجاف، تناظره عيونه الباردة والقاسية اللي تخلو من أي مشاعر وهي قلبها يرجف بين ضلوعها من هول أقواله..
هزت رأسها تمنع دموعها من الانهمار قدامه و عليه: هذا مو حل! تفكيرك الرمادي ما هو حل....
قاطعها بشكل حازم: بالنسبة لي حل، هذي خطتي وهذا دربي من سنين، ثأر ابوي انا اللي باخذه بأيديني ومحد يتدخل
لمح الدموع المتحجرة بعيونها تأبى الانهمار: لا تخافين ماراح أورط اسمج في شيء، بكون حريص قبل اسويها تكون طرقنا افترقت ولا عاد يربطج فيني شيء وما تكونين "زوجة قاتل"
زمت ثغرها بقهر من تفكيره: والله؟
هز رأسه بتأكيد: والله
بلعت غصتها بغضب: تسوي خير، ألزم ما علي سمعتي
سند رأسه على الكرسي يتأملها واقفة بكامل جمالها وسحرها وغضبها واستياءها منه، أردفت بحدة: ما توقعت إنك كئيب وعديم الرحمة بنفسك هالكثر، ماكنت أظن أن خطتك بتكون غير عادلة لهالدرجة!!
كانت مستاءة منه، ابتسم لها: ماني كئيب او عديم الرحمة! لكن مُحيطي سيء يا رهف، حياتي ما كانت عادلة أو وردية نفسج فَلا تتوقعين مني أتعامل مع الأمور بنفس طريقتج، هذا اللي اعرفه وهذا اللي بسويه.. نبهتج كثير لكنج كنتي عنيدة، اعتبري نفسج من اليوم برا هالقضية ولا تتورطين معاي اكثر..
هزت رأسها بالايجاب وصَدت تبتعد بخطواتها عنه تبي تطلع من المكتب وتبتعد عنه وعن محيطه تبي تصرخ وتطلع القهر اللي كاتمته بداخلها من يوم بدأ يتكلم عن هدفه الكبير في أنه ينتقم لأبوه بنفسه؛ تتفهم الألم والغضب والوجع اللي سكن جوفه من سنين و نار الانتقام اللي تشتعل بداخله لكن فكرة إن سيف ممكن يسويها خنقتها.. ضاق صدرها ما تبي تشوفه في السجن او على حبل المشنقة او منتحر، حتى لو افترقت طرقهم بالمستقبل تبيه يعيش حياته يعرف ان الدنيا فيها ألوان كثير وما هي أحادية، تبيه يحل قضية أبوه ويرجع يكمل حياته من حيث توقف، تبيه ينزل خطواته من أعلى برجه العاجي وتلامس أقدامه الأرض ويشوف الحياة الحقيقية..
وقفت قدام التسريحة تكمل اللي بدأت فيه وتمسح المكياج، بدون شعور دموعها خانتها وانهمرت تغرق وجنتيها بحرقة، تمسح الدمعة ويطيح بدالها عشر.. بداخلها شعور غريب يضيق صدرها، تبي تصرخ بكل قوتها لكنها مو قادرة، ضربت صدرها بخفة تحاول تشتت الوجع اللي استقر بين ضلوعها، تناظر نفسها بالمرايا: ليه تبكين؟ ليه يهمج اصلاً؟ يكفي..
تنهدت ترد على نفسها: يهمني، مو مهم ليه لكنه يهمني!
مسحت دموعها: ما بسمح له يدمر حياته، لو ما كان عنده شغف يربطه بالحياة انا راح اخلق له هالشغف..
بهاللحظة صاغت رهف هدف جديد لها بالحياة، هي اللي تحب الناس وتحب الخير وتحب الحُب والسعادة كيف تغض البصر عن شخص يعيش بقربها وينوي يدمر نفسه؟ هي اللي عبرت قارات ومحيطات تغير حياة الناس بتكون عاجزة انها تغير حياة شخص يعيش معاها تحت سقف واحد؟ بتساعد سَيف يحب حياته ويشوف الدنيا بعيونها مليانة ألوان، تبي تطفي نار غضبه وانتقامه وتشعل بدالها نور الأمل، حتى لو تمثل على نفسها وعليه شيء مو بداخلها ولا تشعر فيه..
'
دخل للجناح و تلقاه صدى الهدوء وصوت عقارب الساعة المُزعج، تمدد كعادته على الكنبة اللي أخذت من عمره عمر ومن ليله رقاده، من يوم وفاة ابوه وهو يعاني من أرق مزمن، قدر يعالج نوبات الغضب نهائياً وصار شخص بارد و هادي و ساكن ما يبدي ردات فعل عنيفة، لكن كل ذيك الأدوية والعلاجات وهمومه ومشاعره السلبية المتراكمة سببت له اضطرابات في النوم و أرق مزمن، النوم يجافيه في أي مكان مريح وكأنه محروم من الراحة! ساعات وأيام وليالي طويلة وهو يقضيها بدون نوم، أحياناً كان يحس نفسه راح يجن من قلة النوم لكنه تعود، وصار السهر رفيق لياليه المؤرقة ويزيد مرارته.. اخذته الهواجيس لِـ رهف فَكر بردة فعلها والدموع اللي تحجرت بعيونها لما اكتشفت هدفه الكبير، ليه انصدمت وشنو كانت متوقعة؟ بعد كل هالسنين تظنه راح يؤمن بالعدالة والقضاء اللي ما أخذ حق أبوه من سنين.. بداخله خوف إنه يخسرها في ظل كل هالظروف وتبتعد عن دروبه للأبد لكن هالخوف ماهو أكبر من خوفه يضيع دم أبوه هدر، تنهد و غمض عيونه بتعب يحاول ينام محتاج للراحة محتاج يكتم أفكاره ومشاعره اللي ما عاد له سلطة عليها، من يوم دخلت رهف حياته مرة ثانية وقلبه عنيد ما ينصاع لأوامر عقله..
***
عن كل نجم ظهر بسدل أجفاني
لعل ما عيش حزني لحظة غروبه
وعن كل خلٍِ طويل الصمت كفاني
الصاحب اللي قليل الهرج عذروبه
وعن كل ثوبٍ جديد باالبس أكفاني
وأدله ولا ألقى رسايل هم في جيوبه
أنا الجفا ليه أخاف الناس تجفاني
وأنا الحبيب الذي من يعشق عيوبه
راعي الوعد وأن صدق مرة ولاقاني
يحتار بين السراب وقلب محبوبه
يامن عذابه يشققني ويرفاني
فرقاك غصب علي بالحيل مكتوبه
خبرت نصف تعب من نصفه الثاني
بعضي الرماد وبعضي نار مشبوبه
***
أنت تقرأ
لا بأس يالقلب الشجاع
Romanceأه لو تدرين لا عوّد العاشق حزين يمشي على جفن و جبين لا باس يا القلب الشجاع ضاع الأمل مالك عذر من لمسة عيوني الشعاع زندي انثنى رمحي أنكسر و قلتي عسى جفنك عساه ما يحترق حاولت ما أغمض عيوني و نفترق..