"الفصل الخمسون""رواية ماسال"
_____________________________تصامَمْتُ عن عاذلي في الهوى
وما بي ودينِ الهـوى من صممفمَنْ مُنصفي من غرامٍ ظلوم
ومن منصفي من حَبيب ظَلَمْفلا سَلِمَ الصَّبرُ من مغــرم
إذا ذكر الحي في ذي سَلَم_"عبد الغفار الأخرس"
_____________________________مرت الأعوام وأنا في حيرةٍ من أمري، ربما مُستسلم، صامد، أو متخاذِل، بخيوطٍ وهمية نَسَجَتها الحياة حولي، تركتُ نفسي مع التيار يأخذني أينما هَب؛ كورقةِ شجر ذابلة جاءتها ريحٌ اقتلعتها لتتخذ من قارعة الطريق مكانًا، تلك الأقدام المتسارعة لن تُشفق على الورقة بل ستدهسها وتمُر لتتحول لرمادٍ تأخذه الرياح لطريقٍ جديد، لكنها لن تعود تلك الورقة الخضراء اليانعة، لن تكون سوىٰ مجرد رُفات.
¦ليتنا يومًا لم نكن، ليت القلوب لم تُحب¦
كان كُلٌ منهم يسحب الآخر للخلف وهم مستعدون للتضحية بأرواحهم بدون أدنى تفكير، وقف "نور" أمامهم جميعًا ثم فرد ذراعيه يمنعهم من التقدم وهو يدفعهم بجسده للخلف وقدميه مُثبتة أرضًا كالأوتاد التي اكتسبت صلابة غير معهودة، سحبه "يوسف" من ملابسه بعنفٍ يصرخ بعصبيةٍ:
_ إرجع يا "نور"
دفعه "نور" بمرفقه بقوةٍ يعيده للخلف في نفس الوقت الذي استمعوا فيه لصوت شد أجزاء السلاح وصوت "سامر" يهتف بلامبالاة:
_ وأنا معنديش مانع أقتلكم كلكم.. مادام دي محطتنا الأخيرة
كان كلما اتجه أحد الشباب في ناحية فارغة كان يتحرك "نور" أمامهم يمنعهم من التقدم عليه وهو يدفعهم بكل ما أوتي من قوةٍ للخلف، والشباب يعنفونه بحدةٍ ليتراجع لكنه لم يهتم لأيٍ منهم وهو يدفعهم باستماتة، وأمامهم ذلك المُختل لم يرف لهُ جفن وهو يضغط على الزناد لتنطلق الرصاصة الأخيرة..
صرخة مصدومة خرجت من جوف "يوسف" مع حديثه الهَلِع:
_ "نور"
شهق "نور" بحدةٍ كأنهُ يحاول التقاط أنفاسه المَسلوبة، أخفض رأسه نحو تلك الرصاصة التي اخترقت جانب بطنه، تلقائيًا قام بِرفع يده يضعها فوق بطنه وهو يتحرك بتثاقلٍ، مال جذعه للخلف وقد بدأت تتباطأ حركته، أسنده باقي الشباب بهلع وهم يهتفون بـ اسمه، كان على وشك السقوط أرضًا فوقع "يوسف" معه وكلماته خرجت متقطعة مرتعبة:
أنت تقرأ
ماسال
Fantastikيشعرانِ كأنهما في سباقٍ للعاديات، تناغمت أصواتُ أقدامِهم تزامنًا مع دقاتِ قلوبهم المتسارعة، اختلط الجو برائحة المطر الممزوج بالرمال وانبثقَ القَمر مِن بين السُحب ليُضفي للسماءِ جمالًا، توقفا عَنِ الركضِ بإجهادٍ عندما وصلا لقمةِ الجبل، ولكن عندما است...