Part 17

1.5K 108 99
                                    

الفصل السابع عشر|ويعود الماضي من جديد|
...............

كان كل من يجلس حول هذه المائدة يصوب أنظاره نحوي مدهوشاً من حقيقة ما يجري الآن وتوقفت الأفواه للحظة عن متابعة الأكل تزامناً مع وضع الملاعق والأشواك على الطاولة وبات الصمت وليد الموقف وسيده

كنت الوحيدة التي لاتزال تواصل أكلها وكأن شيئاً لم يحدث مرتديةً ثوب اللامبالة وعدم الإكتراث رغم أن مايجري الآن يطرح العديد من التساؤلات داخل أذهان الجميع....تلك التساؤلات التي كان لزاماً علي الإجابة عنها والإفصاح عن رأيي إما طوعاً أو كره لقطع أحبال تفكيرهم الطويلة

إبتسمت صاحب الشعر القصير وهي تريح وجهها داخل يدها اليسرى وتبصرني بنشوة كبيرة تدفقت من عينيها بغزارة لتتخلل كلماتها المنسابة من بين شفتيها وهي تخاطبني بصوت مستفز

-أهل ستبقين صامتةً دون الرد بشيء...تعلمين أن الجميع هنا يحتاج إلى تفسير واضح منكِ

واصلت التحديق بها في صمت متخليةً عن لساني في هذه المعركة بعدما وضعت تسلطي ووقاحتي جانباً وأكتفيت بالمراقبة فحسب، ليقتحم أذني حينها صوت ألبرت وهو يضرب الطاولة بقوة مخلفاً ضجيجاً إثر إهتزاز صحون المائدة وكؤوسها ويبدو أننا حصلنا على إنتباه بعض العاملين والزوار هنا حالما تابع قائلاً بنبرة عالية

-وماذا عساه أن تقول إن كان الأمر كله واضحاً من الصور....ما فعلته يعد خيانة وسأُطالِب السلطات بإلغاء العقد وتطبيق أقصى العقوبات على بريطانيا بأكملها

أشار له شقيقه الأكبر أن يتحلى بالهدوء عندما رأى أن تركيز البعض قد أصبح منصباً علينا واضعاً سبابته على شفتيه في توجس ولكن ماحدث هو أن المعني أكمل صارخاً في وجهه دون إنصياعٍ لطلباته

-لا لن أصمت...أساساً أنتم السبب في كل هذا منذ البداية، أخبرتكم مراراً وتكراراً ألا توقعوا على ذلك العقد اللعين وأنظروا إلى هذه النتيجة، ها أنا الآن متزوج من فتاة بريطانية متمردةٍ حقيرة...

أعتصرت سكينتي بين أصابعي بقوة عازمةً على الوقوف وقتله حالاً ثم الهرب من المطعم بسرعة والتوجه إلى أول رحلة بريطانية فالأمر أصبح مقعداً ولا داعي لمحاولة إصلاحه ببعض الأكاذيب أو الحيل بل سأسكب الوقود على هذه النار وأترك الأمسية تشتعل لتبقى ذكرى خالدة لهم في التاريخ ولكني توقفت للحظة عندما صرخ شقيقه الكولونيل بصوت شبه مرتفع وهو يناظره بعينيه اللتان كانتا أشبه بالجحيم الملتهب حينها

-عندما أشير لك بالصمت ستصمت فوراً يا ألبرت وإلا هشمتُ رأسك.....وأنت تعلم جيداً أني أفعلها!

1945حيث تعيش القصص. اكتشف الآن