ورطة باللون الوردي

الفصل الثالث عشر |وتلاقَت الطُرقات|

بسم الله
صلوا على رسول الله

قراءة ممتعة♡

________________

_«السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، السلام عليكم ورحمة الله»

همسها إمام الجامع ليتبعه المصلون في قوله ثم الإيماء بالرأس يمينًا ويسارًا دلالة على الانتهاء من صلاة العصر؛ فتبعهم بدوره بتحريك رأسه قدر المستطاع، كيف لا وهي العضو الوحيد الذي يكاد يستطيع يتحكم به؟

ورغم ذلك.. وعكس عادته
كان ممتنًا، شكورًا، مملوء بالرضا وإن لم يفهم الغاية بعد، شخص مثله يتخذ التسرع عنوانًا من الغريب عليه ألا يضجر من ابتلاء يقيد جسده ويشعل روحه هكذا، ومع ذلك.. كان حامدًا لا تعيسًا

يكفي بقاءه ببيت الله لمدة اثنتا عشر ساعة متواصلة، كانت جلسة روحية مناسبة تمامًا لشخصٍ فاقد النفس مثله.

كان يُمهد
وقلبه يردد
أنا الفاقد للأهلية والطريق
آتيك ربّي لتدل مني المزيد
حيث طريقك، حبك، وهُداك
لذا؛ أسألك وكُلي آمال
أن تطُب كفّة أحلامي
ماحية معها كل ذرة وعيدٍ وغِل
وأن تدلني دائمًا وأبدًا، ولا أُضل

وهنا خانُه لسانه يردد
_«أسألك ربي أن تكون حافة البداية مُكللة بنصرٍ منتظر، لشخصٍ عاش عمره رمادي الباطن، يلتمس من ربه انشقاع بياض الحاضر؛ راجيًا وكله آمال أن يطغى نور توبته على ماضٍ مفحّم بحرائق الدهر، ومستقبل مفعّم بشراراتِ القهرِ»

أنهى كلماته بلسانٍ مرتعش يُكللها بدمعةٍ سحرية لوثت طهارة وجنته، سقطت دمعته ولم تفعل الأفاعيل كما قيل عن قهر الرجال
بل سقطت لترمم ما أفسده القيل والقال على مر الزمان.. ومعها استوعب وأخيرًا فراغ المسجد من حوله.. كما اعتاد، يذهب الجميع ولا يبقى إلّاه

حتى شعر بباطن كفٍّ يلوح بجانبه
_السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يا زيدان، عامل إيه دلوقتي؟

ولم يسعه سوى التحميل على اصبعه بكل جسده كي يضغط على زرٍ ما بكرسيه ليجعله يلتفت ويتحرك ليرى المتحدث
وحينما وقعت أنظاره عليه همس بنبرةٍ قليل الحيلة
_وعليكم السلام يا شيخنا

_شايفك أحسن من امبارح وعال العال أهو!

ارتسمت بسمة ساخرة على ثغر زيدان ليرد
_بحاول

زجره الشيخ «عبد الواحد» بلكنةٍ فُصحى
_مالي آراك قانطًا من أمر الله يا إنسان؟ أولَست أنت طالب الرحمة في كل زفيرٍ وشهيق؟ وما أدراك.. لعلّك ببلاء جعله الله في قلب الرحمة وأنت جاهل!