{12}

5.3K 258 117
                                    








تحرك قليلاً بوهن داخل بقعة دامسة قد غلفت ما يمكن أن تقع الأبصار عليه
لكن هناك ضوء طفيف قد تحدى المعضلات و بعث ببعض الإنارة تحيي المكان
فجأة إستيقظ شاهقاً بقوة بأنفاس متلاحقة حينما قام شخص بسكب الماء البارد من قمة رأسه لإيقاظه من إغمائه
أخذ يسعل بشدة و الماء بات يقطر من بين ثنايا شعره المبلل, شاعراً بأن كل عظمة بجسده قد تحطمت
و كأن شخص قام بضربها بمطرقة هوجاء هشم بها جسده كله
رفع رأسه ببطئ يحملق حوله بإرهاق, كان بصره مشوشاً و غير ثابت كأنه وسط ضباب كثيف
تنبه لرجل يجلس أمامه بكرسي ما و كان يبتسم بغموض أو هذا ما رآه إيان فهو لم يركز بعد
حاول التحرك إلا أن جسده فجأة رفض الإستجابة له, فأدرك أنه مقيد بالحبال في الكرسي مما سبب تنمل ذراعيه
سمع رجلاً يهتف بكل سخرية مخترقاً أسماعه
-صباح الخير, هل نمت جيداً؟
قال إيان بأعين ضيقة يحاول تثبيت إدراكه فلقد كان يشعر بدوار فضيع و لم يتمكن من رؤية المتحدث بوضوح
-من أنت ؟, و أين أنا ؟, وما هذا المكان العفن
تأوه بألم كأنه قام بمجهود جبار بهذه الكلمات
أجابه الآخر بكل هدوء يضع قدم على الاخرى ببرود فيما يحملق ناحيته بفراسة
-أنا كابوسك يا إيان يوجين لامار, أنت الأن في عمق جحيمي
ارتعب قلب إيان مما تفوه به و توسعت قزحيتاه بذهول مجفل يهز رأسه
سرعان ما تذكر الذي حدث له عندما خرج من قصر إيفان كي يقصد منزله قبل الذهاب للشركة
كل ما جال بمخيلته هو وقوف سيارة سوداء أمام سيارته تجبره على التوقف
ثم خروج مجموعة رجال مريبين منها بملابسهم السوداء و ببنيتهم الضخمة
قامو بجذبه بالقوة خارج سيارته فيما يشهرون بالسلاح على رأسه
حاول المقاومة و الإفلات من قبضتهم إلا أنه شعر بضربة عنيفة تهبط على مؤخرة رأسه جعلت العالم
يسود بنظره حتى غاب عن الوعي تماماً ليتم إختطافه دون مشاكل
هتف إيان بتقطيبة شرسة فيما يحرك يده المقيدة بعجز
-أنت أحد رجال أندريه أليس كذلك, أي واحد منهم ؟
إبتسم الرجل بسخف رغم أنه كان يجلس أمام إيان بمسافة
إلا أن ظلمة المكان تجعل معالم وجهه مبهمة و غير واضحة لـ يستفيد من هذه النقطة
قال بهمس مسموع عابثاً بالسلاح الذي بيده
-هممم لقد سألت من أنا؟, أنا شخص سيذيقك العذاب بحيث ستتمنى لو لم تحاول العبث مع من هم أكبر منك, سأجعلك ترتعب كلما سمعت عنا و كأنه شيء محرم لا ينبغي عليك النطق به ما دمت تتنفس
وقف من مجلسه يشير لرجلين ضخمين من خلفه بشكل غامض
اقتربا منه حيث همس لهما قائلاً بصرامة
-أحسنوا ضيافته و أرسلو المقطع لـ لانكاستر, دعوه يشاركنا المتعة, أرغب برؤية ردة فعله حيال هذا
قهقه بخبث بينما تقدم الرجلين بهدوء ناحية إيان الذي بات يرمقهم بتوتر ثم إبتسم بعدها باستخفاف فهو قد أدرك ما سيحل به
أمسك أحدهم مقدمة شعره بقسوة حيث صاح الآخر بألم شديد شاتماً إياه و لكن سرعان ما انهالت عليه
سلسلة من الضربات و اللكمات القاسية دافعة ثغرة للصراخ بألم لا يوصف
كلما أظهر تألمه زادوا جرعة الضرب أضعافاً دون رحمة, حتى إبتساماتهم الخبيثة كانت مفترشة برضا شيطاني
تضرج وجهه بالدم التي تصاعدت منه بشكل مفزع, بات يشهق بلهاث واهن كـ أنه يجاهد النفس ليروي رئته المرهقة
حاول الصراخ بهم للتوقف, لكن صوته قد تلاشى بحنجرته, كمية الوجع الهائلة و الضرب المنهال أنسته كيف يخرج حروف فمه
بالواقع هو لم يكن يرغب بالتوسل قط لكي يرحموه, بات بالكاد يعي ما يجري معه بهذه اللحظات
توقفوا عن ضربه بعد أن تضرج بالدم من قمة رأسه, و ثيابه كلها تلوثت به
إنسل مرتخياً على الأرض بذهن متلاشي, تتحجرش أنفاسه, أخذ يفتح ويغمض جفناه بلا وعي
حدق الرجلين نحوه بقسوة ثم نظرا لقبضتيهما المصبوغة بالأحمر القاني حيث قهقها بشراسة مستمتعة
عادا لزعيمهم تاركين إياه يتخبط كـ الأضحية المتهالكة
قال أحدهم بمكر وهو يبتسم ابتسامه صفراء
-تم الأمر أيها الزعيم بريس, لقد صورنا كل شيء كما طلبت
كان يشرب النبيذ الأحمر باسترخاء شديد واضعاً ساق فوق الأخرى بطريقة مستفزة
تمتم ببرود يعيد ملئ كأس بالنبيذ
-جيد, أرسلوه حالاً للسيد إيفان لانكاستر, المسكين مؤكد أنه قلق على إختفاء صديقه
قال كلمته الاخيرة بطريقة ساخرة بينما ذهب الرجلين حتى ينفذان الأوامر المطلوبة منهما
وجه بريس قزحيته يرمق إيان المرمي و المضرج بدمه بكل هدوء فيما يشرب نبيذه باستمتاع
ضيق عينيه الحادة هامسا بقسوة مريبة
-سنرى ماذا ستفعله يا إيفان, هل ستكون أحمقاً و تأتِ لإنقاذه, صدقني لو حدث هذا ستكون جنيت على نفسك و سترى مني الهلاك
ابتسم بخفوت ابتسامة جانبية غامضة, يشعر بالمتعة تتملك كيانه بمجرد أن يفكر بأن إيفان سيأتِ لـ عذابه المميت بأقدامه العارية.



"روايـة الصِـراع"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن