ضغطت أنامله السريعة على لوحة مفاتيح الحاسوب بإنهاك و تعب, فلقد بقي ساهراً يكمل الأعمال المتراكمة في الشركة بعد سفر إيفان
جفنيه باتا يطبقان بنعاس شديد إلا أنه أحفل التحامل على ذاته حتى ينهي عمله كله ثم يعود لسريره و ينام ملئ أجفانه
رغم أن إحتمالية حصول ذلك شبه مستحيلة مع وجود إيميلي الصغيرة ذات البكاء المثير للجنون
لوهلة كاد رأسه أن يسقط على المكتب إلا أنه إستفاق ليقوم بإستدراك إنه بات يكتب التقرير بلغة عجيبة جعلت فاهه يسقط بقهر
تنهد بعمق يفرك جفنيه المحمرين بضيق في محاولة بائسة لآن يثبت وعيه فقط لبضع ساعات و حينها سيرمي الباقي عرض الحائط
بتلك اللحظة تم فتح الباب بعنف مفاجئ جعل الأخر يقفز عن الكرسي بهلع و قلبه يضرب جدران صدره بهستيريا مفزعة
حملق إيان بأعين متسعة على مصراعيها كما لو أنه شاهد عفريت هب بوجهه على هيئة هيكل بشري عظيم
توتر ليقول بلعثمة فيما يحاول تمالك خفقان قلبه المضطربة
-ألا تعرف كيفية طرق الباب يا أورلوف؟, تباً لك يا رجل
تقدم الحارس الروسي بكل إستقامة جامدة ثم هتف بغلاظة يحملق في الأخر بثبات
-سيد إيان, علينا التوجه لفرنسا حالاً, هيا إنهض معي
قطب حاجبيه مستنكراً طلبه الغريب فما لبث أن تمتم ببلاهة
-فرنسا!, هل تمزح معي, لما قد أذهب معك لفرنسا؟, بحق الله لدي أعمال بعدد شعرات رأسي و ...
تم بتر حديثه عنوة إثر إمساك أورلوف له من ذراعه و جره من خلفه خارج المكتب, حاول إيان الإمتناع و سحب يده منه لكن الأخير كان كـجبل فولاذي لا يهتز
قام بإجتراره خارج الشركة و أمام أنظار الموظفين او الحراس الأخرين الذين لم يكلفوا عناء فعل شيء لمساعدته لآن أورلوف يكون زعيمهم, لا يسعهم يعصوا له أمراً ولا حتى يفكرون بالوقوف بوجهه بعد إيفان
بقي يسحب إيان المنزعج حتى أدخله للسيارة ليزفر بحدة و غيظ من تصرفه الغير مقبول أبداً ثم صعد أورلوف خلف المقود ليحرك السيارة بسرعة أرعبت الجالس بقربه
صاح فيه بفزع
-بحق خالق السماوات, أبطئ السرعة ليس لدي مزاجية للموت
لم يعره الأخر أي مبالاة بل أكمل طريقه عبر الشارع بتركيز بينما طفح الكيل بإيان ليصرخ فيه بغضب عارم
-أخبرتك بأن تبطئ السرعة أيها الوغد المتجمد, و أوقف هذه السيارة اللعينة جانباً لآنني أرغب بالنزول
حملق أورلوف أخيراً ناحيته بنظرات جامدة و باردة كـ السقيع مثبتاً بأنه لم يتأثر بأي هراء خرج من ثغر إيان الأن
حرك عضلة لسانه المتصلبة قائلاً بهدوء يحسد عليه
-السيد إيفان قد إختفى, لهذا يجب السفر حالاً, فـ الوقت مهم ليتم إيجاده قبل حدوث الأسوأ
أحس إيان بأن عقله توقف عن ضخ الإستيعاب للحظة مما سمعه من أورلوف, كانت صدمة دفعت الكهرباء بأن يمر عبر عموده الفقري
لا بل هي كارثة لم يحسب لها أي حساب, كيف يختفي بهذه البساطة و قد غادر البارحة مع حراسه و كان كل شيء بخير
بل السؤال أين إختفى و كيف!
تلعثمت حروف إيان حيث سأل بأعين تكاد تسقط من محجرها من قوة الإجفال
-إيـ إيفان إختفى!, لا تمازحني حباً بالرب يا أورلوف
أختتم جملته بضحكة مرتبكة ثم أخذ يتحسس وجهه برجفة و فزع فيما أجاب الأخر بجدية
-لا أجيد المزاح يا سيدي, مع الأسف هذه الحقيقة, لقد إختفى فجأة وسط الحفل بفندق ماريوس ليلة البارحة, لا عجب أنه لم يتم السماح للحراس بأن يتواجدوا بالقرب
تأوه واضعاً يده على قمة رأسه بمصيبة و زوج أعينه متوسعة برعب لا يوصف
تمتم بنبرة مرعوبة
-رباه هذا لا يعقل, لابد أنهم المافيا من دبر ذلك, لكن كيف !, أين كان ليون وقتها!, اللعنة على كل هذا الهراء
ضغط على رأسه بقوة فهو قد ذاق الأمرين حينما تم إختطافه من بريس, تلقى على أيديهم تعذيب حطم عظامه من قوة قبضاتهم الجبارة التي لا تعرف المزاح
لا يريد أن يتخيل مجرد الخيال ما قد يفعلونه بإيفان وهو بين أيدهم خاصة أنه أكبر مفسد لخططهم
رفع رأسه بشكل مفاجئ ليقول بإرتباك
-رافاييل!, لابد أن نخبره لكي يذهب معنا, سيجده بحكم خبرته في السلك الدولي, إذهب بي للإنتربول حالاً
إكتفى الاخر بهز رأسه بإنصياع ثم قام بالإلتفاف بالسيارة و سلك درب الإنتربول الذي يحفظه عن ظهر قلب
بينما بقي إيان يحاول الثبات بهاجس متخوف من القادم حيث دعا بداخله أن لا يحدث أي مكروه لأخاه, لا يسعه تحمل فكرة أن يتم قتله كما حدث مع هارلين و تونيو
بالأخص أن الأحمق هذا هو أول هدف يسعون لإبادته, لكن سياسة المافيا هي العبث بالبطيء يسلبون الحيوات بتعذيب نفسي طويل
ثم ينهون الشخص بشكل لا يتصو عقل البشر فضاعته و قساوته.
أنت تقرأ
"روايـة الصِـراع"
Actionتذكر جيداً كلماتِ حينما ترغب في دخول و إكتشاف عالم الجهل الأعظم، بأن تضع نصب أعينك أمرين،و حذاري التغافل و نسيانها فـ تندم حتى آخر نفس آحدها أن تتقبل كل الصدمات حتى لو هشمت جمجمتك قطعة قطعة، لا تفقد نفسك في لحظة ذعر مجفل و الأمر الآخر لا تندفع ف...
