والدي؟ هه

13.2K 346 2
                                    


جلست بمكانها بغضب، وهي تكاد لا تسيطر على أعصابها "وهل هكذا يعتذر الناس؟"
تأملها لبرهة وهو يبدو مستمتعا بنظرتها الغاضبة وتقطيبتها، ثم استدار بعدها ليكمل الدرس.
حاول أن يجعلها تشارك معهم في حل التمرين لكنها لم ترغب في المشاركة بقيت جالسة بصمت مقطبة، ولم تند عنها أي حركة أو تصرف ولا حتى كلمة.
انتهت الحصة، فحملت حقيبتها بغيظ متجهة نحو الباب، فاستوقفها سماع اسمها "ملك .."
استمعت لبرهة وهي تتعجب كيف يبدو ينطق اسمها بطريقة مختلفة .. ثم التفتت اليه ..
وجدته متوجها نحوها وهو يغالب ابتسامته ليقول لها :"بربك ابتسمي قليلا .. فتقطيبتك هذه تضحكني .. تبدين كطفل صغير أخذ منه شخص ما لعبته "
بقيت تنظر أرضا بصمت وهي ما زالت مقطبة، وقد زاد من استفزازها نبرته الساخرة ..
" حسنا .. لقد اعتذرت منك !"
اتسعت عيناها بدهشة "وهل هكذا يعتذر الناس؟"
ابتسم وهو يرى دهشتها، ليتصنع هو الآخر الدهشة "وكيف يفعلون؟"
زفرت بغضب ثم التفتت تريد الذهاب "انه حالة ميؤوس منها "
"اسمعي " ادخل يده في جيبه "حسنا أنا آسف لأنن.."
قاطعه صوتها بغضب "لا تأسف، فأنا لم أدهش أبدا، لأنني كنت أعلم أن الرجولة وحسن التصرف لا يقتصران على اللحية وطول القامة، بل هو اسلوب حياة يلقنه لك والدك قبل أن يعلمك كيف تمشي !"
لمعت عيناه غضبا وهو يحملق بها بلا تصديق، ذكرها كلمة والدك كان كصفعة وجهتها له..
ارتعش فكه قبل أن يقول لها ببرود "جيد .. آسف على وقتك " ثم خطى نحو مكتبه تاركا اياها واقفة مكانها. راقبته وهو يحمل حقيبته من على مكتبه، ثم توجه نحو الباب،
أحست بأن كلامها كان قاسيا .. ثم رفعت كتفيها بلا مبالاة "لا يهم "
****************
زفر دخان سيجارته وهو متكئ على سيارته، وقد وقف مقابلا للبحر يتأمل، ولا تكاد سيجارته تفارق فمه حتى يرجعها اليه يكاد يتناولها من فرط غضبه ..
لقد أقلع منذ زمن عن التدخين لكنه لم يستطع المقاومة الآن، كان يحس بالدم يغلي في جسمه كبركان .. "هه والدي ! " ألقي بسيجارته على الرمل ثم دعسها بقدمه بغيظ "وهل كان لي والد أنا يوما"
ضم ذراعيه اليه وهو يحاول تهدئة غضبه، نظر أمامه محاولا أخذ نفس طويل، لطالما كان هذا مكانه المفضل الذي كلما فقد السيطرة على اعصابه قدم اليه ..
تنهد وهو ينظر الى ساعته ثمفتح باب سيارته، اذا تأخر أكثر فستقلق عليه والدته.
*******************
"هياااا يا أنس أنا جائعة "
هتفت ملك بنفاذ صبر وهي تراقب أخاها واقفا يحضر العشاء .. فابتسم "اصبري، وماذا يعني اذا تأخرت، لم لا تقومين أنت بطهو العشاء ؟!"
التفتت تنظر للحائط الذي بجانبها بخجل ..
"اوه لقد نسيت فأنت لا تعرفين حتى كيف تقلي البيض أليس كذلك؟ من سيتزوجك بحالك هذا يا أختاه؟ أم تريدينني أن أعيش معك ببيتك مع زوجك لأحضر لكما أكلي اللذيذ " ضربته بيدها على كتفه "اصمت، وهل هذا تسميه أكلا؟"
نظر لها بتقطيبة مصطنعة "اوه فعلا؟ جيد خذي .. " وضع بيدها السكين "أكملي أنت "
نظرت بدهشة الى السكينة بين يديها "أنس .."
"جيد سأحاول ما المخيف في الأمر؟" سمعت صوت ضحكته وهو يأتي بجانبها ليأخذ منها السكينة بلطف "ستؤذين نفسك " أضاف وهو يدفها قليلا ليفسح لنفسه المجال ليكمل "ربما أفسدتك بدلالي .. لكن لا بأس، فأنا لي أخت واحدة .. اغربي من وجهي الآن، وجهزي المائدة "
*******************
تأملت وجه مهدي حين دخل الفصل، فوجدته واجما،
الا أن ملامحه لم تبد تعبر على شيئ فقط برود ولا مبالاة ..
بدأ درسه ولم يلتفت نحوها أبدا .. حاولت لفت انتباهه بأن سألته، فأجابها بأدب بارد بدون أن ينظر اليها، ..
استفزها تجاهله اياها، ومعاملتها كأنها ليست في الفصل ..
اتجهت نحوه بعد أن انتهت الحصة "أستاذ مهدي ! "
التفت اليها وهو يضع يديه بجبيه "آنسة ملك "
توترت ويداها ممسكتان ببعضهما وهي لا تدري من أين تبدأ "أنا .. لقد .. في الواقع .. كنت "
بقي واقفا هو أيضا ينظر أرضا، ثم نظر اليها كأنه ينتظرها أن تكمل ..
"أنا ، كنت .. هناك برنامج لا يعمل لي لكنني لا أدري أين المشكل به، هلا ألقيت نظرة عليه رجاءً؟ "
قال لها بدون ان يكشف وجهه عن شيئ "بالتأكيد"
وضعت حاسوبها على مكتبه، وبحثت به عن برنامجها لتحاول تشغيله ، ثم التفتت اليه "انه لا يعمل "
"اعذريني " انزاحت من طريقة فانحنى ينظر الى الكود الذي استعملته بتفكير .. بدى كل شيئ مثاليا، قبل أن تمتد يدده الى أزرار الحاسوب ليضيف شيئا .. ثم قال لها "سيعمل الآن " "مذا كان المشكل؟"
أجابها وهو ينظر ارضا مجددا، "انها هذه الدالة ! " واشار بيده الى شاشة الحاسوب فتحتها ولم تقفليها من بعد ، لذلك هي لا تعمل"
"آه .. شكرا "
نظر لها بابتسامة باردة مؤدبة "على الرحب .. هل انتهيت؟ " "ن .. نعم " "جيد يوما طيبا "
حمل حقيبته ليغادر الفصل بعدها، وتركها واقفة تتسائل ما السبب في تغير معاملته لها بهذا الشكل؟"

#يتبع

لأنكِ ليحيث تعيش القصص. اكتشف الآن