لست طفلة

9.4K 287 3
                                    


"ملك !"
أخرجها صوت مهدي من غفلتها، كانت تنظر له بشرود تكاد لا تعي ما حولها.
سحرها أسلوبه، وطريقة كلامه، ابتسامته المعلقة بجانب فمه، طريقة نظره اليها، حتى لم تعد تعلم أين هي وماذا تفعل؟
"هاه " اجابته بعد أن أخذت عينيها بعيدا عنه مضطربة خجلة .. "أنا .. "
وقف النادل بجانب طاولتهما يضع فنجان قهوة أمام مهدي، ثم يضع بجانبها كأس حليب، ثم كأس ماء، والتفت يبتسم لمهدي الذي أشار له برأسه ممتنا، ثم انصرف ..
نظرت ملك أمامها ثم رفعت عينيها اليه "أنت لم تسألني حتى ماذا أريد أن أشرب ! من قال لك أنني لا أريد فنجان قهوة أيضا؟!"
نظر لتقطيبتها مستمتعا، " لا يجب أن تشربي القهوة أنا أعلم"
نظرت له مندهشة وقد اتسعت عيناها "من قالها لك؟"
ابتسم وهو يرتشف رشفة من فنجانه ، ثم يرجعه مكانه بتأني، ليضيف باستمتاع "لنقل أن العصفورة قالت لي "
قطبت مجددا من نبرة السخرية بكلامه، ثم نظرت لكأس الحليب أمامها "والعصفورة قالت لك، أنني طفلة عمرها سنتين تشرب الحليب؟"
ضحك بعمق، فغضبها يعجبه ويثير رغبته باستفزازها أكثر ..
نظرت له بلا تصديق "أجبني "
" لا ، هي لا تحتاج أن تقول هذا لي .. أستطيع أن أراه وحدي .. "
عقدت ذراعيها أمام صدرها بضيق، وهي تنظر له مقطبة، "يا لك من مغرور .. كدت أن أصدق أنك لطيف قليلا .. "
نظر لها متصنعا الدهشة "اوه فعلا ؟! "
"مهدي " نبرة صوتها كانت توحي بأن غضبها يتزايد مما زاد في ابتسامة مهدي " حطمتِ قلبي "
ثم اعتدل في مكانه ينظر لها " من قال لكِ أنني لطيف؟ امم انها صفة تمتاز بها النساء عادة ! حمدا لله أنكِ غيرت رأيكِ .. والآن اشربي الحليب"
تجاهلت جملته، وهي تنظر حولها بغيظ، لا تعلم كيف يستطيع السيطرة على مزاجها واحساسها لهذه الدرجة، حتى أنه يتسطيع أن يحدد ما ان أرادها أن تبتسم أم تغتاظ، أم تقطب، وهذا أزعجها جدا ..
"ملك .. "
ناداها لتلتفت اليه، لكنها تجاهلته، تنظر حولها بضيق ..
"ملاكي .. "
التفتت نحوة مندهشة، تنظر بلا تصديق، لا تكاد تصدق ما سمعت "ماذا؟"
اطلق ضحكته مجددا مستمتعا، بنظرتها المصدومة "انها كانت الطريقة الوحيدة لتلتفتي الي .. "
تنهد وقد غابت بسمته، وبدى الجد على محياه " حتى .. عاد يوما الينا، رفقة زوجته الجديدة .. تلك التي كون حياة جديدة معها بعيدة عنا، وعن عالمنا، عندها فقط تذكر أن له ولدا، وزوجة ألقاهما من حياته كما يلقي ثيابا بالية اكتفى منها، عاد بابتسامة ينظر لي بكل وقاحة يقول لي أنني كبرت وصرت رجلا، وأنه يريدني أن أعمل معه بشركته .. "
أطلق ضحكة مليئة بالمرارة والوجع ، ثم التفت اليها، ينظر لها بعينين محمرتين غيظا وألما "أتصدقين هذا؟ كان يريد أن يأخذنا لنعيش معه، طردته من بيتي، وبعيدا عن أمي، وأخبرته إن لا يعود لنا مجددا، وتمنين من كل قلبي أن لا أراه بعدها لا هو ولا زوجته الكريهة تلك .. "
زفر "لكنني رأيته بعدها، جثة هامدة أمامي .. توفي في حادثة سير، وهاتفوني لينبئوني بموته، ويقدمون لي أماني، يقولون أنها أختي، وأنها كانت معه بالسيارة ولحسن الحظ ، لم يصبها مكروه، أما زوجته ال .. أما تلك التي لا أكاد أجد وصفا محترما واحدا أستطيع أن ألقبها به أمامكِ .. كانت قد هجرته منذ زمن هو وابنته، لاجل رجل أغنى منه، لأن شركته أفلست .. ووضعه كان حرجا .. "
كانت ملك تنظر له مصدومة من حدة الأحداث التي يحكيها لها، ومن الغصة التي كانت واضحة بصوته ..
لكنه أكمل ينظر حوله بلامبالاة " أمي أصرت أن نتكلف بأماني، ونعتني بها، وبما أنني لا أستطيع أن أرفض لأمي طلبا .. وافقت، حسنا .. هذا ملخص ما يمكن أن أسميه غصة حياتي "
نظر لها ليرى الحزن بعينيها كأنها ستبكي، "مهدي أنت .. "
"أنت،ِ لن تبكي ! أنا آسف، لم أكن أقصد ازعاجك .. فقط كنت أحاول أن أبين لكِ الى أي مدى تهمينني، فكلامي هذا لم تسمعه مني فتاة من قبل .. كما أن لي مفاجأة لك .. "

لأنكِ ليحيث تعيش القصص. اكتشف الآن