شاب جديد

11.5K 301 6
                                    


ألقت ملك بجسدها المنهك على سريرها تفكر .. وتفكر به وحده، هو الذي أصبح يسكن أفكارها، والذي يكاد لا يهدأ عقلها من الثرثرة باسمه ..
فكرت به، باستفزازه، بابتسامته لها، بنظرته القلقة نحوها .. تنهدت
"امم ما هذه التنهيدة يا ملاكي .. تحبين مثلا؟"
التفتت لترى أنس واقفا يبتسم لها وهو يحمل بيده كأس حليب .. "تفضلي "
ابتسمت وهي تجلس وتمد يدها لتأخذ الكأس منه .. "نعم أنا أحب .. "
قطب أنس وهو يتأملها بقلق "ماذا ؟"
تعالت ضحكتها بشدة وقد ضاقت عيناها " لا تخف .. أنا أحب أخي الوسيم .. الذي ليس لي غيره "
ابتسم وهو يجلس بجانبها "امم هكذا اذن .. "
اتكأت على كتفه وأغمضت عيناها براحة "نعم .. "
بقيت ممسكة بذراعه فالتفت ينظر لها وهو يرتب بضع شعرات كانت قد انسابت على وجهها ..
"اشربي الحليب يا ملك .. فسيبرد، وأنت لن تشربينه باردا هيا "
لم تجبه بل كانت مغمضة عيناها بهدوء وتبدو عليها الراحة "ملك .. نمت مجددا ؟! "
ابتسم وهو يضع الكأس جانبا .. ثم التفت اليها ليضع رأسها بهدوء على وسادتها .. ثم يدثرها بغطائها ..
انحنى بجانبها يقبل رأسها، ثم مضى ..
ما ان رأته يدخل الفصل حتى ضرب قلبها بعنف .. كان يمضي مقطبا حاملا حقيبته التي وضعها على المكتب .. ثم التفت ينظر لهم، حانت منه التفاتة لها لكنه أدار وجهه سريعا ..
أمضى حصته بهدوء يمازحهم ويبتسم اليهم، وحتى يسمع لشكواهم وتذمرهم .. كان يعاملها كغيرها هذه المرة وهذا الامر استفزها اكثر من تجاهله .. كان يبتسم لها بأدب وهو يجيبها ثم يلتفت عنها ببساطة ..
عند انتهاء الحصة التفت الى الباب فاذا بالأستاذة مروى واقفة تنتظره بابتسامة.. فبادلها الابتسام وأشار اليها أنه قادم ..
"استاذ مهدي .. " التفت حيث سمع اسمه فاذا بها ملك قادمة نحوه .. هي لا تعلم ما الذي ستقوله له، ولا لم نادت عليه ؟ لكنها لم ترد ان يذهب الى تلك الأستاذة التي ولسبب ما لم تستلطفها ..
نظر لها بتساؤل وهو ينتظرها أن تصل اليه "نعم ؟"
تلعثمت وهي تعض شفتها بتوتر لا تدري ماذا تقول "أ .. أنا .. كنت أريد أن أسألك شيئا !"
حانت منه التفاتة للآنسة مروى ثم التفت ينظر لملك "اممم آسف يا ملك .. في ما بعد ان شاء الله اعذرني الآن "
وقفت تنظر له بلاتصديق وهو يدير لها ظهره ويرحل ببرود .. نظرت لهما بضيق وهما يبتسمان لبعض ثم يرحلا معا ..
مضت تضرب الأرض بحنق وهي تردد لنفسها " عادي .. ما المهم في هذا الأمر؟ لم سيترك الأستاذة تنتظر لأجلي .. من أنا ؟"
لم تعد تحس بشيئ فقط تمضي حتى اصطدمت بشيئ ما!
رفعت رأسها قليلا فاذا بها ترى شابا واقفا ينظر لها بقلق "آسف .. هل أنت بخير؟"
كادت أن تبكي وهي تنظر له وتشعر بالخجل، "اوه يا الهيما الذي فعلته .. " كيف لا تنظر أمامها ؟ وكيف تصطدم برجل هكذا .. ؟
تلعثمت وهي لا تعلم ماذا تقول "أ .. أنا آسفة .. أنا كنت .. في الواقع "
"اوهوه لا لا تبكي آنستي فلم يحصل شيئ أبدا ... أصلا لا مانع لدي أن تصطدم بي فتاة جميلة مثلك "
نظرت له بغضب وهو ينظر لها بابتسامة " لكنني لا يشرفني أن أصطدم بشاب وقح مثلك، ولا بغيرك، اعذرني "
نظر لها بذهول وهي تمضي .. ثم ندت عنه تصفيرة استمتاع "اوه في الأخير يبدو أن هناك فتيات مثيرات للاهتمام في هذه الكلية البائسة .. " ثم ابتسم لفتاة كانت تمر أمامه، لتبادله بالابتسام هي أيضا .. فقطب "او ربما لا "
...
قاطع حصتهم شاب يطرق باب الفصل، "هل أستطيع الدخول؟"
التفت اليه مهدي "اوه انت آدم اليس كذلك؟"
ابتسم له الشاب "ذاكرة قوية يا استاذ"
"تفضل" ثم التفت اليهم، "انه زميلكم الجديد آدم "
نظرت له ملك بلاتصديق "انه الشاب الذي اصطدمت معه ! "
توجه نحوها بابتسامة ليقف بجانبها "هل أستطيع الجلوس بجانبك آنستي؟"
قطب مهدي وهوينظر له من بعيد .. "لا .. لا تستطيع لأن الأماكن الشاغرة كثيرة، تستطيع الجلوس بواحدة منها " رفع حاجبيه بأسف "اوه فعلا؟ .. حطمت قلبي "
ردد مهدي بضيق "سيد آدم، تفضل بالجلوس رجاء في أي مكان .. نريد اكمال الدرس "
"اوه نعم آسف"
جلس بمكان وراء حيث كانت جالسة ملك ..
تنهد مهدي بضيق " جيد .. "
كان آدم شابا غنيا جدا ، مستهترا لا يهتم لشيئ ولا لأحد .. وبالنسبة له البنات كلهم سواء، ولم يخلقن الا ليكن وسيلة لتسلية الرجل .. لا يهتم بالدراسة ولا يحبها، انقطع منذ سنتين عن الدراسة ثم بطلب من والده ونفوذه توسط له للدخول للكلية مجددا .. يستمتع باذلال البنات اللواتي يبدين صعبان المنال .. لأنه عادة لا فتاة تقاوم وسامته وخفة دمه ..
انتهت الحصة .. فمر بجانب ملك وهي تجمع كتبها "اهلا بك .. أنا آدم "
تجاهلته كما تجاهلت يده الممدودة اليها ، ثم حملت حقيبتها .. لتجده واقفا أمامها "قولي لي اسمك اولا . .. "
نظرت له بدهشة "ماذا؟"
رفع يديه باستسلام كأنها توجه له فوهة مسدس "أنا آسف .. لن أعيدها لا تقتليني أرجوك "
"آدم " التفت ليرى مهدي ينظر لهما بتقطيبة وقد أدخل يديه بجيبيه "تنح عن طريقها .. ودعها تمر "
________________

تنهد أنس بنفاذ صبر وهو ينظر لخطيبته الغاضبة "مريم .. "
ندت عنها ضحكة استهزاء "الحمد لله ما زلت تذكر اسمي .. ظننتك نسيته منذ زمن كما نسيتني"
اقترب منها وهو ينظر لها بقلق "وكيف أنساكِ؟ لكن يبدو أنك أنتِ من نسي أن لي أختا علي الاعتناء بها .. والتي ليس لها غيري أنا "
التفتت له بغضب "وماذا عني أنا؟ ألا أهمك أنا ولو قليلا ؟ لماذا تتجاهلني؟ "
تنهد بضيق "مريم تعلمين أنك تهمينني، ولولا ذالك لما وقفت هنا منذ ساعتين أحاول ارضائك وأنت تعيدين نفس الكلام .. لم يبق على زواجنا الكثير "
شخرت باستهزاء "اوه فعلا؟ .. وأختك التي لا تطيقني ماذا سنفعل بشأنها؟ انها لن تقبلني أبدا "
نظر لها بتعب "ستفعل .. انها تحتاج فقط بعض الوقت، وأنا لن أقوم بشيئ أبدا لا تريده هي .. مريم اعطني فقط بعض الوقت ..س"
قاطعته "أعطيتك من الوقت الكثير يا أنس، وأنا لا أستطيع المواصلة هكذا .. لأنني فعلا اكتفيت "
نظر لها بحيرة "ماذا تقصدين ؟"
أجابته بحدة وقد ضمت يديها الى صدرها " أختك تتدلل عليك كثيرا، وأنت لا تمانع ولا أدري الى أي مدى قد تصل .. حتى أنها تدعي المرض ل"
قاطعها بلاتصديق "ماذا؟ هل تدركين ما تقولينه الآن ؟ أنت تتكلمين عن أختي .." ثم اقترب منها مجددا "فاحذري جيدا في ما تقولينه عنها "
نظرت له بدهشة "ولكن ؟ حسنا .. أظن أنه علينا أن نعيد التفكير في أمر هذه الخطبة وهذا الزواج "
نظر لها ببرود "جيد.. افعلي ما تشائين "
نظرت حولها بضيق "أنس أنا .. "
نظر لساعته "حان وقت دواء ملك .. سأذهب الآن "
نظرت له ويمضي غاضبا فزفرت بغيض "اوه تبا لتلك الملك "
....
دخل أنس لبيته وهو غاضب جدا، وممزق بين فتاة يحبها ويريد الزواج بها، وأخته التي لا يستطيع العيش بدونها .. تنهد وهو يفكر "لو فقط اعلم لماذا لا تحبينها يا ملك !"
"اهذا أنت يا أنس؟"
أطل وجه ملك الصغير بجانب باب المطبخ .. وما كاد يرى ملامحها حتى تعالت صوت ضحكته الرنانة "اوه ما الذي فعلته بنفسك يا ملك ؟"
كان وجهها ويداها مكسوتان بالدقيق .. وشعرها ينسدل على وجهها وتحاول ابعاده بذراعها .. توترت وقد احمرت وجنتاها "أ .. أنا كنت أريد .. في الواقع "
اقترب منها وهو يضحك ويحاول مسح بعض الدقيق عن وجهها "ماذا تحاولين أن تصنعي؟"
ضمت يداها اليها بحرج "انا .. كنت أحاول أن أصنع كعكا .. رأيت الوصفة على الأنترنت .. و .. واليوم ذكرى مولدك وأنا "
فتح فمه ينظر لها مندهشا "فعلا حبيبتي؟ يا الهي كم أنا محظوظ .. لم أذكر أبدا ما تاريخ اليوم "
ابتسمت "ولكنني أنا لا أنسى هذا التاريخ أبدا .. " ثم قطبت "كنت أريد أن تكون مفاجئة لك "
ضحك وهو يقترب منها "لقد كانت مفاجئة فعلا .. تعالي هنا " نظرت ليديها "ولكن .. "
عانقها بلطف "شكرا لك .. " ثم دفعها عنه بعد مدة "ولكن هل سيكون ذاك الكعك صالحا للأكل؟ لا مشكل .. نأكله الآن ثم نذهب لنقوم بغسيل معدة بعدها "
دفعته عنها بغضب " لست مضحكا .. "
أحاط كتفيها بذراعه "هيا أرني أين كعك عيد ميلادي؟"
دفعته عنها وهي تقول "انتظر فقط ثواني "
دخلت المطبخ ثم عادت وهي تحمل صحنا بين يديها وبه كعك حجمه مضحك تلعثمت "في .. في الواقع أنا .. " نظر لها باستمتاع "اذن؟ أين هي،الكعكة ؟"
نظرت له بدهشة تكاد تبكي "هذه التي أحملها بين يدي .. ماذا تسميها " تصنع الدهشة "اوه فعلا؟ هذا كعك ؟ " غضبت ثم التفتت لتذهب بعيدا .. "ملك أنا أمزح جيد .. انه جميل جدا "
قطبت حاجبيها "لا تكذب "
"لكنني صدقا أراه جميلا .. يكفي أنك أنت من صنعه "  أخذت السكينة بيدها ثم قطعت له منها قطعة صغيرة "افتح فمك .. " نظر لها بتردد "هل أنت متأكدة ؟ .. هههه لا ملك انتظري " ثم فتح فمه ليأكل القطعة التي كانت تقدمها له .. راقبت ملامح وجهه بلهفة .. فظهر عليها الاستحسان "جميل .. أعجبني " ثم داعب شعرها بيده ..
همت بأن تأخذ قطعة هي الأخرى لفمها .. فأمسك يدها بيده وهو يبتسم "لا تفعلي .. "
نظرت له مندهشة "لماذا؟"
"امم يبدو أنك نسيتي ووضعت ملحا عوض السكر .. ولا أريد أن تؤذي نفسك .. لكنه صدقا أعجبني "
وضعت القطعة بفمها وهي تنظر له بلاتصديق .. ثم وضعت يدها على فمها بعدها لتذهب مسرعة للحمام .. لتسمع صوت ضحكته من بعيد "قلت لك ان لا تفعلي " 
________________
أصبحت مروى تهتم بمهدي كثيرا، وتسأله عن ما يحب وما يكره، كان بالنسبة لها شخصا مثيرا للاهتمام، فهو الشخص الوحيد الذي لم يطري يوما عن ملابسها ولا عن طريقة تصفيفها لشعرها، بل هو حتى لا ينظر لوجهها كثيرا .. ولا ايكلمها كثيرا، .. يتملص من اهتمامها ودعواتها بأدب وابتسامة ..
  نظر مهدي أمامه بلا مبالاة، ثم التفت .. ليعيد النظر الى حيث كان نظر "من هذه؟"
كانت الأستاذة مروى مرتدية حجابا مع لباس يبدو اطول مما كانت ترتدي .. "أهلا مهدي .. "
أحنى رأسه خجلا "أهلا بك .. "
ابتسمت له "كيف تجدني الآن ؟"
نظر لها بدهشة "ماذا تقصدين؟"
نظرت الى ملابسها "كيف تراني بالحجاب؟"
تردد وهو يعض شفته باحراج "جيد .. انه أمر جميل، زادك الله ثباتا، .. "
نظرت لهم ملك من بعيد وهما يتكلمان بغيظ ودهشة "اهذه هي ؟ الأستاذة مروى ولكن كيف؟"
رأته يتكلم وهو ينظر أرضا ويديه بجيبيه.. ثم حانت منه التفاتة لها .. أدارت وجهها بسرعة، وقلبها ينبض بعنف .. "كيف هي بالحجاب؟ ماذا يعني هذا؟ هل يعني أن هناك بينهما شيئ ما "
ألقت عليه نظرة أخيرة قبل أن تغادر، لتراه ما زال ينظر لها من بعيد .. "غبي"

لأنكِ ليحيث تعيش القصص. اكتشف الآن