الخطبة

8.3K 264 3
                                    

اقترب منها أنس ببطئ، "فستان جميل، من صاحب الذوق الرفيع هذا الذي اشتراه لكِ؟"
ضحكت وقد أزالت يديها من على عينيها "اشتراه لي، أكثر شخص أحبه في هذه الدنيا، رغم أن مسألة الذوق الرفيع، تحتاج قليلا من النقاش " ثم أخرجت له لسانها، وهو ينظر لها بابتسامة ..
"همم أكثر شخص تحبينه، وهل هذا الأمر سيتغير بعد هذا اليوم؟ "
نظرت له مندهشة "لا طبعا .. أنت أخي، ومكانك بقلبي لن يسرقه منك أحد "
ضحك وهو يأخذها بين يديه "آمل ذلك "
رن جرس الباب، فضرب قلب ملك بعنف .. "أنس"
ابعدها عنه قليلا، وهو ينظر لعينيها بقلق "اهدئي .. ما الأمر؟"
تلعثمت "أ .. أنا، لا شيئ، فقط"
ابتسم، ثم ادار لها ظهره متجها نحو الباب ..
فتح باب البيت، ليطل من ورائه، وجه مهدي وبجانبه والدته، وأخته الصغيرة أماني، هو يحمل بيده باقة ورد وبعض الهدايا ..
ابتسم أنس وهو يمد يده يصافح مهدي "أهلا بكم .. "
قبل يد أم مهدي، ثم التفت الى أماني "أوه جميلتي الصغيرة، ما زلت لا تريدين الزواج بي؟"
احمرت وجنتا أماني وهي تنظر أرضا، وتشير برأسها أن لا .. "لا تقوليها "
ثم انزاح من أمامهم، يفسح الطريق لهم للدخول "مرحبا بكم .. "
كان مهدي بكامل أناقته، ببذلته السوداء، وشعره المصفف بأناقة، مصاحبة بعطره القوي الذي يحيط به ..
كانت والدة مهدي متشوقة جدا لرؤية ملك، وما ان جلست بمكانها، حتى أخذت تلتفت حولها، تبحث عنها، ومهدي يلقي عليها بين الحين والآخر نظرة مرحة ..
"اذن كيف حالك يا مهدي؟"
التفت مهدي لأنس الذي يجلس بجانبه، "جيد الحمد لله، وأتمنى أنكم كذلك !"
ضحك أنس "أجل .. نحن بخير شكرا "
تحدثا قليلا، ثم أطلت ملك بعد قليل، تمشي بخجل متجهة إليهم، وعينا والدة مهدي تكاد تتلقفها، وهي تنظر لها باهتمام من أعلى رأسها الى اسفل قدميها ..
بدت محرجة خجلة وهي تضع الصينية التي كانت بين يديها على المائدة، ثم التفتت تسلم على أم مهدي بخجل، وهذه الأخيرة تنظر لها باعجاب "رضي الله عنك يا ابنتي "
ابتسمت لأماني بلطف، ثم التفتت الى مهدي لتجده ينظر لها باعجاب، قبل أن تخفض عينيها خجلا، "اجلسي بجانبي يا ملك "
أشار لها أنس بيده، لمكان بجانبه ففعلت، وهي تكاد لا ترفع رأسها خجلا ..
ألبسها مهدي الخاتم، وهو يحاول أن لا يلمس يدها، تلبية لرغبتها، ونظرتها التي كانت ترقبه بها، ثم قدم لها يده، ففعلت
انحنى قليلا يهمس لها "مبارك عليكِ .. أنتِ خطيبتي أنا الآن " ابتسم وهو يضيف لها "تبدين جميلة جدا "
وقف أنس يصافح مهدي بجانب باب البيت مبتسما، "مبارك لكما، لا داع لأن أوصيك بها "
بادله مهدي الإبتسام " طبعا لا .. "
انتهت مراسم الخطبة، وخرج مهدي هو وأسرته الصغيرة، وتركو ملك ورائهم، وقد ركضت لغرفتها منقطعة الأنفاس تحاول أن تهدأ من روعها ..
فتحت ملك عيناها فزعة صباحا، ثم نظرت لمنبهها "اوه كلا .. "
لم تستطع أن تنام ليلا، من شدة سعادتها، وخفقان قلبها، صورة مهدي ما تزال عالقة بذهنها، تلاحقها كلما حاولت اغماض عينيها، لكنها ستدفع الثمن غاليا الآن .. نسيت تماما أن لها حصة مقررة اليوم بالكلية مع مهدي .. "اوه كلاااا .. "
وصلت باب الكلية منقطعة الأنفاس، وهي بين الحين والآخر تنظر لساعتها، "يا الهي .. لن يسمح لي مهدي بالدخول"
وقفت مترددة أمام باب الفصل، تدعك يديها بتوتر، ثم استجمعت شجاعتها وقوتها، لتتقدم نحو الباب وتطرقه بلطف ..
سمعت خطوات مهدي قادما نحوها، وخفقات قلبها تزداد، تجمدت يداها توترا، ثم رفعت عيناها تنظر اليه .. "أستاذ مهدي .. "
كان ينظر لها مقطبا، يده بجيبه، والأخرى يخلل بها شعره "آنسة ملك .. ما هذا التأخير؟"
حانت منه التفاتة لساعته، "نصف ساعة ؟"
تلعثمت، وهي لا تعلم ماذا تقول فهي لا عذر لها، غير أنها لم تنم ليلا، بسبب هو "أ .. أنا، لم أقصد، في الواقع "
نظر حوله بتوتر، ثم التفت الى الداخل، حيث كانت أعين الطلبة مسلطة نحوهما، ينتظرون رد فعله ..
نظرت له بتساؤل وهي تعلم أنه لن يسمح لها بالدخول ..
زفر "آخر مرة يا ملك تتأخري هكذا .. بالمرة القادمة لن أسمح لكِ بالدخول، تفضلي "
تنحى ليفسح لها المجال لتدخل، بينما ساد السكون ونظرات التعجب بالفصل، فمهدي لم يكن يتساهل أبدا مع من يتأخر ولو بخمسة دقائق والآن .. !

لأنكِ ليحيث تعيش القصص. اكتشف الآن