خرج كالميت يجر نفسه بتثاقل و الدموع تجري بغزارة على جفنيه . انهار ليهوي أرضاً و هو يحاول عبثاً إدراك ما حصل توا .
كان يبكي كطفل صغير أضاع أمه في سوق مليء بالغرباء .
هل هو حقا قد سمع ذلك أم مجرد تخيل مريع . كلا يستحيل أن تتركه لم يكن هذا الإتفاق ابدا .
كلا ليست بتلك السرعة .... مازال مبكراً .
هنالك الكثير من الكلمات الذي لم تسمعها بعد و هناك الكثير و الكثير لم ننفذه بعد .
ثم ماذا عن صغيرتنا الملاك ...؟!!
لا استطيع مسامحتك ابدا ... ببساطة تركتنا معا .
نتخبط بدونك .
سمع صوت طفلته الصغيرة تبكي بلوعة ولسوء حظها كان الوقت الخطأ .
نهض و بكل عصبية يقتحم غرفة الطفلة . وقف أمام سريرها الصغير و لم تكف بعد عن البكاء .
كان صوت البكاء يتلف أعصابه أكثر و أكثر حاول جاهداً طوال الاسبوع الماضي أن يتعامل معها و لكن دون جدوى فمازالت رضيعة و تحتاج لوالدتها .
صرخ بصوت عال في وجهها : الن تكف عن البكاء ؟!! كف ... توقفي . ساصاب بالجنون . لن تأت بعد الآن عليك التعود على ذلك .
صمتت سارة لترتجف شفتيها بحركة تذيب القلب .انفطر قلب صالح لها لذا انتزعها من سريرها ليدفنها بين ذراعيه بقوة و هو يتوسل بين دموعه : انا اسف... آسف . فقط توقفي عن البكاء لأنها لن تعود علينا الإعتماد على بعضنا من الآن وصاعدا . سنكمل بعضنا الآخر بدونها ولو أن الأمر صعب و لكن لا بأس بالمحاولة .
اخذها لغرفته و عندما دخل اختنق فورا ... هرب فوراً من تلك الغرفة التي طالما احتضنتها .
غير منزله لأنه لم يستطع العيش به مجدداً و هي ليست موجودة .
كان طوال الوقت يفكر كيف لقصة عشق تحدت الجميع و تكون نهايتها الفراق !
عاند أهله و قاطعوه بمجرد أخبارهم برغبته لزواج منها يتذكر تلك اللحظة بابتسامة حزينة شقت شفتيه قامت القيامة حينها و سحب والده الأملاك كلها منه .
نفي في وطنه من أجلها ....
لم يشعر وقتها بالحزن أو الوحدة ...
ولكن الآن قد أحس بمعنى أن ينفى فقد نفي الآن من موطنه بعد موتها .فقدها افقده الكثير ... أصبح مدمنا للتدخين و تائه بلا هوية .
خاف أن يؤثر على طفلته الصغيرة فكلف مربية بالإهتمام بها و بعد نفسه عنها و يكاد لا يراها إلا مرات معدودة في اليوم صدفة طبعا .اعتزل العالم ليبقى أسير ذكرياته وحده في غرفته بعيداً عن الناس .
حاله هذا تسبب باضطرابات كثيرة في شركاته مما أدى إلى إفلاسه بعد 6 أشهر تقريباً .دخلت سارة في سنتها الثانية عندما اضطرت المربية لتركها بعد عدم مقدور صالح لدفع أجرتها .
أجبر صالح على أن يهتم بابنته بنفسه لأنه أصبح بلا مال حاليا ... و رهن بيته بعد تراكم الديون عليه .
مر الشهرين على صالح جحيم و هو يحاول فهم سارة خاصة أنه ليس لديه أي خبرة مع الأطفال .
كان يلجأ إلى الصراخ لاسكاتها . صحيح أنه لم يؤذيها جسديا و لكنه قسا عليها كثيرا بصراخه و لا مبالاته .و في إحدى الأيام كان لا يزال توا نائم بسبب السهر مع سارة التي أصيبت بشكل مفاجىء بالحمى .
و سمع دقات باب قوي و رنين الجرس كان كمن يتعرض لهجوم .
استغرب من الطارق فلم يزره إحدى طوال السنين الماضية سوى ناجي ابن عمه .
نهض بغضب و هو يلعن الطارق الذي لا يعلم كيف جاهد حتى جعل سارة نائمة .فتح الباب بغضب لينفث كلام و لكن تجمدت الكلمات على شفتيه و هو ينظر إلى الضابط الواقف أمامه بحاجب مرفوع .
اغمض صالح عينيه باستسلام و هو يدرك جيداً مطلبهم.
قدم له الضابط ورقة لافضاء المنزل خلال أسبوع كاقصى حد .
زفر بضيق و هو يأخذها منه ليغادرو مثل ما جاؤا .ضحك بسخرية و هو يفكر في حياته التي بدت كالرماد تماماً .
لم يعلم ما عليه فعله كان جالسا كالابله و بين يديه الورقة ينظر لها بلا تركيز .
هل سيطلب المساعدة من والديه ... إخوته ؟!هز رأسه نافرا لتلك الفكرة .
انتشلته من أفكاره تلك اليد الصغيرة الباردة موضوعة فوق يده .
ابتسم لها بحزن ليخاطبها : و الآن ما الذي سنفعله! ؟
ضحكت سارة بمرح غير مدركة لوضع أبيها المزري
و قالت له ظنا منه باقتراحه للذهاب في نزهة ما : العم ... ناا. .جي .
ضحك لطفوليتها و قام ليقول : إذا لنجرب حظنا. هيا بنا .و بعد علم ناجي بأمر صالح لم يتونى لدقائق في تقديم المساعدة فاقترح له أن يسكن في الملحق المجاور لبيتهم .
كان ناجي الصديق المقرب له و غير ذلك فإن رابطة الدم هي من جمعتهم . ببساطة ناجي هو الصديق الصدوق له الذي لم يخذله يوما ما.
وقف عبدالله عابسا عند الباب و يديه ممسكة بحقيبته
ينظر لوالدته و في حضنها سارة .
ليقسو على الأرض بمشيه عليها مصدرا ضجيج التفتت له والدته و قالت محذرة : لا تعلو صوتك فسارة نائمة و لا أريد أستيقظها .زفر عبدالله بطفولية و دخل بغضب إلى غرفته ليصفق الباب خلفه .
كان عمره في السابعة بما انه الوحيد لوالديه فهو الآن يشعر بالغيرة الشديدة من سارة . أصبح نامق لوجودها هنا .
أنت تقرأ
إمتنان
Romanceوقف هزيلا وهو يقول بضعف : عرفت إنني أحبك، حينما كنت مخيرا في إحدى المرات ،بين أن أكون قاسيا أو المقسو عليه ،فوجدتني وبكل رحابة صدر أستقبل قساوتك ، ولم أضجر أبدا . نضرت له من بين دموعها وهي تقول : انا لا أحبك فقط ، بل استند عليك وكأنك اكثر الأشياء ثب...