ضياع

337 17 2
                                    

عبدالله

كنت في طريقي لسارة بعدما انهيت إجراءات الخروج
واتصل والدي بي واخبرني بوفاة العم صالح .
صحيح انني اول من علم بمرضه و ما ستأول له الاوضاع ولكني حقا اصبت بالصدمة .
خاصة في هذا الوقت وحال سارة ... كنت متشتت وانا احاول مع نفسي صياغة الامر باسلوب يقلل ولو بقليل من الصدمة .
كنت جبانا بحق وانا اتردد بإخبارها ذلك .
حتى وصلنا الى المنزل ....
كانت الكلمات تخرج من فمي متقطعة .. غير مفهومة ضائعة كحالي ..وحالها .
لم تتصنع الغباء بالرغم من كلماتي الغير مفهومة فبمجرد سماعها اسرعت تركض الى الداخل .

وهناك وقفت بالقرب من غرفة العم ولا اسمع لها اي صوت انتضرت قليلا حتى دخلت لاطمئن عليها ولكنها صدمتني بخروجها بعينيني محمرتين ...
ولكن بلا دموع .. كانت تائهة .
كانت تمشي بلا وعي وانا اناديها ولكن ...لا ترد .
تبعتها بصمت لاجدها تذهب بتثاقل الى الملحق حيث كانت تعيش مع والدها .
اوقفتها من مرفقها قبل عبورها الباب .
نظرة الضياع لم تتبدل ... كانت اشبه بالغريق المستنجد .
كسرتني تلك النظرة ..
قلت وانا احاول ان اكون ثابتا : ما الذي تفعلينه ؟
راقبتني فترة ثم قالت وقد هربت دمعة من عينيها
: استعد للعزاء !
كلامها ادهشني ووقفت مذهولا لا اتحرك .

طلبت من همسة البقاء معها وملازمتهاوعدم تركها ابدا فوضعها هكذا لا يعجب .
لطالما كانت صعبة المراس ... لذا كنت اتوقع رد فعل اعنف من ذلك .
ولكن كل ماوجدته ...الهدوء !

وبسبب قرب اختباراتي اضطررت الى مغادرة المنزل والبقاء مع حسان .
خاصة وان سارة كانت متواجدة هناك ...
كنت دائما اتحاشاها .... لانني الوم نفسي على ما جرى واني كنت سببا في ذلك . انا متاكد انها ستترك اللوم علي بمجرد رؤيتها لي لذا اتحاشى ذلك .

قد مضى اسبوعان على ذلك اليوم العصيب وزيارتي الى عائلتي تكاد تكون معدومة . والحجة دائما دراستي .
لا حجة بعد اليوم فاليوم انهيت اخر اختبار لي . وسأعود غدا للمنزل .
منزعج بعض الشيء من الامر ...
ضربني حسان بوسادته وكانت البداية لحرب الوسائد لم يكن يضع الاثاث القابل للانكسار ...طبعا بسبب مزاحنا الثقيل .

استيقظت متاخرا ... حسان لم يكن موجود .
غيرت ملابسي وتناولت الفطور وخرجت قاصدا منزل عائلتي .

ركنت السيارة في الكراج ... وادلفت للداخل .
استقبلتني والدتي وكانني غبت الدهر وليس اسبوع .
اخذت تقبل وتمسح وجههي وهي تقول : يا الهي لم انت هكذا ... الا تاكل ؟
اخذت اضحك على كلامها واقبل كفيها : آه لو تعلمين يا امي ... انه يحاربني على حبة الرز . ماذا ساقول اريد طعامك لتعويض الايام الفائتة .
حضتني وهي تقول : يا قلب والدتك ... كل ما تحبه ستجده على الغداء .

جلسنا في الصالة الى جنب بعضنا ...
قالت لي بعتب : كان والدك ينتضرك ان تباشر اليوم .

حسنا ما كنت اخشاه حصل .
: ما زال الوقت مبكرا ... لم انهي سوى البارحة لم الاستعجال اذا ؟!
مسحت على راسي بعد ان تيقنت انزعاجي
: يا حبيبي ... والدك لطالما انتضر هذه اللحظة . كانت اقصى امنياته .. لا تغضبه بني .
حاولت تغيير الموضوع : حسنا امي .. لا داعي لتعكير مزاجي . فعاجلا او اجلا انا من سيكون المسؤول عن تلك الشركة اللعينة .
عاتبتني : ما هذا الكلام بني !
نهضت بعصبية : حسنا . ساغادر الان . كل ما تريدونه ان استلم الادارة وسافعل غدا .
امسكتني من يدي : كف عن ذلك . الى متى ستضل طفلا ..هاه ؟!
: امي اتركيني .
رفعت حاجبها تهدد .. مهما كبرنا نبقى صغار وضعيفين تجاه هذه الحركة الخطيرة .
جلست طائعا لها ...
حاولت ان اغير الوضع بعد مشاحنتنا لذا بدات اسال عن احوالهم وعن سارة ...
: كيف حال سارة ؟
: بخير . طوال الوقت بغرفتها بعض الاحيان تنزل هنا وان نزلت تبقى هادئة رغم محاولاتنا لفتح احاديث معها .
: وهمسة تزورها اليس كذلك ؟
: نعم كل يوم .. هي الان عندها .
: آوه حقا . هذا جيد .
ابتسمت وقالت : نعم ، جزاها الله خيرا . لم تتركها ابدا هي الوحيدة القادرة على تغيير مزاجها والتغلب على عنادها .
ابتسمت لها ثم سالت : هل تعبت مؤخرا ؟
عقدت حاجبيها : لا ليس على حد علمي . بني ، سارة كتومة جدا ... ولا تبين لنا انها تعاني من شيء عندما نسالها انا ووالدك تتبسم في وجهنا وتنسحب بهدوء ..
هزت راسها وقالت : لا اعلم يا بني ...كيف سنحافظ على هذه الامانة ؟!.. انها امانة ثقيلة جدا ...
قاطعت امي بانزعاج : لا تقلقي لن ادعها عبء عليك مجرد مسألة وقت لاغير ...
وجدتها تنضر لي بشيء من العتب ، فقلت لها: أتسائل ان كنت تكلمتي معها بهذا الاسلوب وجعلتها تحس بانها ثقيلة ؟
شدت اذني بقوة فتوسلت لها بإفلاتها فقالت : يا ولد مع من تتكلم هكذا ... انت تعلم جيدا انني كنت اتمنى ان احظى بفتاة وحظيت بك مع الاسف ... لن تفهم الان شعوري وسعادتي بوجودها هنا معنا ... ولكنك ولد عاق تسيء فهم كلام والدتك ...لانك غبي .

إمتنانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن