21

332 21 56
                                    

‏لا أنت بعيد فأنتظرك ، ولا أنت قريب فألقاك ، ولا أنت لي فيطمئن قلبي ، ولا أنا محرومٌ منك لأنساك .. أنت في منتصف كل شيء. ....

.
.
.
.
.
نزلت الدرج وقد سمعت أصواتهم تتعالى في غرفة الطعام لتأخذ نفساً بقوة و تغمض عينيها بهدوء ..
لبست قناع الجمود و مرت بجانب الباب لتسمع صوته الرجولي الاجش وهو يناديها بحزم لتتوقف..
زفرت بضيق و عادت ادراجها لتقف عند الباب و تلقي التحية برسمية بالغة : السلام عليكم ...

رفع عبدالله بصره إليها و أطرق فورا يهمهم : و عليكم السلام .
ثم عاد يقلب الطعام أمامه بلا شهية . يضطر هذه الأيام للتأخر عن العمل فقط ليحظى بهذه اللحظة و ليطمئن عليها فمنذ إن علمت بفعله و هي تعامله بجفاء ما إن رأته و تتحاشى اي لقاء به .
الأمر الذي جعله يسرق هذه اللحظات فهذا هو الوقت الوحيد الذي يراها فيه .
قال ناجي دون أن يرفع بصره إليها: و عليكم السلام ... أكنتِ تنوين الخروج دون أن تلقي التحية حتى ؟!
أطرقت و قالت ببرود : لا أظن أن الأمر سيشكل فرق كبير لديك .... بل أظن العكس .

رفع عبدالله بصره ينظر لها بذهول . صُدِم و هو يرى ذلك الأسلوب الجديد ... ومع والده !

سارة الخجولة تتفوه بكلام وأسلوب كهذا .

إستفز اسلوبها ناجي بشكل كبير فضرب الملعقة بالمائدة لتصدر صوت قوي مما جعل سارة ترجع خطوة للوراء و قلبها يخفق بشدة ....
عندما حدقت بملامحه القاسية وهو يرمقها بنظرات حارقة نسيت كل حنان كان يغدقها به لتبقى عالقة في ذهنها كلماته القاسية و تذكرها كلما رأته .
هتف بقوة و عبدالله يراقب بصمت : عودي لرشدكِ فهذا الطريق ليس طريقكِ .
نظرت له بأنفة : أرجوك عمي لا تدع كلامك الغاز .
فأنا اعلم جيدا إنك في كل كلمة تقولها اجدك تذكرني بفضلك علي و على والدي ... و لكن هي مجرد بضع أيام و أُريحك من ترديدها مرة أخرى.

نهض عبدالله و لم يعجبه نبرة كلامها هاتفاً بغضب : سارة !
نظرت له بتحدٍ لتبدأ معركة الأعين تلك . لم تتوانى من إرسال جميع رسائلها بتلك النظرات التي كانت كوابل من السهام يمطر عليه ولا تنوي رحمه .
نهض ناجي بتثاقل و طيبة ممسكة بذراعه تترجاه ليقف امام سارة التي دب الخوف فيها وهي تراه يقترب منها لتخطو للخلف بإرتباك .
كل ما تراه و تشعره تجاهه هو الخوف فقط !
قال بصوت الغاضب الواثق و هو يشدد على كلماته : لا أعلم اي ضغينة تحملين تجاهي و لست مهتم بالمرة ... كل ما يهمني إن لو إبنتي الوحيدة فعلت الشيء ذاته لقمت بما هو أكبر . و إن كنتِ تعتبرين ما أقدمت على فعله ماهو الا ضلم لكِ ستكونين مخطئة تماماً . لقد خنتما انتما الاثنان ثقتي عندما تخطت علاقتكما حدود الإخوة . منذ الصغر و أن لا آراكما سوى ولداي و كنت افكر في تلك الحدود فقط لتأتيا و تتخطوها بتلك السهولة في ظهري !
تحرك عبدالله و أراد أن يدافع عن نفسه و بإشارة من يد والده عاد أدراجه يضغط على يده بقوة .
تساقطت دموع سارة عندما عاد يقول : لا تملكا أدنى فكرة عما سيقول الناس عنا و عنكما عندما نعلن لهم انكما تنويان الزواج !
ضحك بإستهزاء و قال : منذ إن كنتِ في السنوات الأولى من عمركِ حتى هذا الوقت و انت تعيشين بيننا .... أتعلمين ماذا يعني هذا ؟!.. إن علاقة ما حصلت بينكم و لأُداري خطأكما زوجتكما ستراً ليس إلا .

إمتنانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن