ومضة

373 17 0
                                    

نهض بثقل وهو يمسك رأسه و يضغط عليه بقوة عله يقلل ولو قليلا من حدة الألم .
وقف عند المرآة يلاحظ انعكاسه اجفل اول وهلة وهو يراقب تورم جبهته اليمنى مكان الإصابة تماما . تنهد بصوت على حالته اليرثى لها .
غير قميصه المملوء بالدماء . أغلق الباب خلفه و سار على مهل . ولكنه سرعان ما اصطدم بسارة فتوقف أمامها .
رجعت سارة خطوة للخلف وما ان رفعت رأسها لتنفث سم كلامها به و تعطيه بعض الدروس في آداب السير حتى تحولت ملامحها من الغضب إلى الذهول وهي تراقب وجهه المتورم ... كان منظره مضحكا جدا فحاولت جاهدة أن تكتم ضحكتها المفاجئة وقالت بصوت مخنوق وهي تشير لاصابته : كيف حالك اليوم ؟
كان يراقبها بإمتعاض وهي بتلك الملامح الغريبة فقال بجفاء : كما ترين .
رفعت يدها لفمها وهي تحاول إخفاء شهقتها ثم لم تلبث لحظات حتى انفجرت ضحكة تستند بظهرها على الحائط .
تأفف عبدالله وهو يعقد يديه وينتظر نوبتها تنهي  حتى هدأت قليلا ليسألها ببرود : هل انتهيت ؟
هزت رأسها نافية فرجع يقول بنفاذ صبر : كف عن الضحك كالاطفال . هل أمامك مهرج !
توقفت وقد استعادت هدوئها اخيرا فقالت : اعذرني فمنظرك مضحك للغاية تبدو وكأنك ...
وجدت الجدية في ملامحه فتوقفت و  هي تبلع بقية الكلام . استغل ذلك فقال بحدة : والفضل يعود إلى مجنون ما جعلني بتلك الحالة .
قالت بمرح على غير العادة : الامر يستحق المحاولة.
عقد حاجبيه : أي محاولة تقصدين ؟
قالت مدافعة بسرعة : صيد الفأر المزعج !
هدأت ملامحه فقالت متسائلة: لا يعقل انك شعرت بان الكلام يقصدك ؟
ارتبك فرجعت تقول : حسنا . الحق معك .
اشاح بوجهه وهو يقول بإنزعاج : والحق معي .. لا زلت أشعر بأنك تقصديني .
افلتت ضحكة ثم قالت : انت مزعج حقا . ولكن لست فأرا .
اظلم وجهه و زادته هي : شيئا أكبر من ذلك .
أدار وجهه لها وهو ينظر لها بغضب : لست بمزاج جيد ابدا إلا إذا كنت مصرة على سمع ما لا تريدين . ما رأيك ؟
انسحبت وهي تلوح بيدها مودعة له بابتسامة مستفزة.
عقد حاجبيه متسائلا ما بها اليوم على الرغم من إزعاجها لكنها تبدو أكثر ألفة !

نزل السلم بسرعة حتى ألقى التحية على والديه كانت والدته جالسة على المائدة تقدم الطعام لوالده المشغول بمراقبة شاشة هاتفه ردوا عليه دون النظر له . سحب المقعد وجلس أمام والدته إلى جانب والده قال والده بإمتعاض وهو مازال يراقب هاتفه : تأخرت في النوم !
رفعت والدته نظرها إليه وهي مبتسمة ولكن سرعان ما اختفت ابتسامتها وهي تقفز بهلع إليه : يا الهي ! ماذا اصابك يا بني !؟ ... صغيري هل انت بخير .
تأفف عبدالله بملل وهو يبعد يدها بعيداً عن الجرح : لا شيء امي . مجرد حادث بسيط . هلا توقفتي عن التعامل معي كطفل انا أرجوك .
جحظت عينا والديه وهو يراقب بذهول : عندما نمت لم تكن هناك إصابة !
تقدم إلى الأمام وهو يمد يديه على الطاولة ويقول بجدية : في الواقع يا والدي ... دخلت في نوبة عراك فضيعة في أحد أحلامي البارحة .
تجمدت ملامح والده لتضربه والدته على رأسه وهي تصرخ فيه :  ولد !... تكلم جيدا .
تآوه وهو يفرك راسه بشدة معترضا : هذا مؤلم !
نظر بطرفه نحو سارة التي كانت مستمتعة بما تشاهد.
فرجع يقول وهو يشير لأمه إلى مكانها السابق : هلا جلستي فأنت توتريني .
ناداه والده بنفاذ صبر : ولد !.. أضن الإصابة افقدتك بعض أصول الاحترام ... أو ربما انستك من نكون .
افلتت ضحكة من سارة فخرجت بصوت . نظر اليها شزرا لتكف عن الضحك .
ثم التفت إلى والده قائلا : انتما والداي ... ان لم أكن قد أخطأت .
دفع والده كرسيه بغضب وهو ينهض قائلا : سأذهب للشركة على أي حال لن أئتمن على أي منهما  .
نهض عبدالله قائلا بهدوء : لا حاجة لذهابك يا والدي . سأذهب حالا .
ولكن والده اوقفه : بالطبع لن اسمح لذهابك بهذا الشكل .
عقد عبدالله حاجبيه : و ما المشكلة في ذلك !
هز ناجي راسه وقال : انا ذاتا اريد المرور والتأكد من العمل بنفسي . كما أن منظرك سيثير الأقاويل وانا لا أريد ذلك.
تركه ناجي و طيبة لاحقة به . وسط ذهوله
تأفف بضيق . ازاح بنظره لذلك الكائن الذي لم يتوقف عن الضحك ... عندما تصادمت نضراتهما رفعت حاجبها متسائلة : لم تحدق بي هكذا ؟!
زفر و جلس بقوة على المقعد .
أخذ يقلب طعامه بلا شهية ... نهض فجأة فاجفلت سارة وهي تشهق لتلاحظ شبح ابتسامة خبيث .
سأل ببراءة وهو ينظر لها : عفواً . يؤسفني حقا اجفالك .
احنى رأسه بطريقة كلاسيكية : ارجو المعذرة .
كانت تنظر له بكره: تحاول الانتقام ليس إلا.
رجع يقول متسائلا : عفواً ؟
هزت رأسها بيأس : فأر مزعج .
التقطت أذنه اللقب بوضوح فسار ليقف أمامها وهو يقول بخفوت : ما رأيك أن تصمت ؟... سيكون الامر ممتعا !
قامت هي بدورها من مكانها لتهدر بقوة و هي تشدد على كلماتها : انت ... فأر ..مزعج .
ابتسم بسخرية وهو يعقد ذراعيه و كأنه ينتظر المزيد طال صمته و ارتبكت بشدة فزاد من ابتسامته  ليقول : هذا جيد .
رجع ليقول بجدية : سيارتك في الخارج .
جحظت عينيها و سرت رعشة في جسدها لتبتعد وتقول : انا لن اقود أي سيارة بعد الآن .
عقد حاجبيه ليقول :  لا تقولي أن الحادث هو السبب.
قالت بعصبية : ولم لا أقول ؟!! نعم . إن نسيت يا بليد المشاعر انني ما زلت معطوبة بسبب إلحاحك الفضيع على تعلم القيادة و انظر ماذا حصل !
لتتساقط دموعها بغزارة وسط ذهوله .... عادت لتقول بين بكائها بهسترية: توفي والدي بعيداً عني  بينما انا ارقد في المشفى فاقدة أحد أعضائي !
صدم عبدالله من اتهامها الواضح و ايلامه على المها ليقول بخفوت : وهل أفهم من كلامك انني السبب في كل ما حصل لك ؟!
نظرت له بين دموعها لتقول بقوة : نعم . وهل لديك شك !
رجع عبدالله للوراء وهو يضغط على رأسه بسبب المه الحاد الذي عاوده وضع يديه على خصره ليهز راسه وهو يضحك بسخرية وسط ذهوله من الاتهامات الموجهة إليه و قال ببرود : إذا أنا من قتل والدك ...وأنا من تعمد على أن يحصل ذلك الحادث اللعين لتفقدي أحد اعضائك !
قالت مدافعة : لا تتلاعب بكلامي .
قال بغضب والشرر يتطاير منه : هذا المعنى الواضح من كلامك . حتى الغبي يدرك المقصد .

إمتنانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن