وصل ياسر إلي المنزل، ممسكاً بكيس بلاستيكي كبير يحتوي علي كل ما هو شهي و طفولي من المأكولات .. رقائق البطاطا، شوكولاتة بمعظم أنواعها، الجيلي و حتّي البسكويت، في يده الاخري ما طلبه زياد من الفحم المضغوط ليرسم به.. و اخيراً علي كتفه حقيبته. أخرج المفتاج من جيبه و حمل الأكياس بيدٍ واحدة حتّي يستطيع فتح الباب، دوماً يحب فتح الباب بنفسه، حتّي يجد زياد يفعل منتصف شيء ما؛ هذا يساعده كثيراً علي معرفه ما يفعله زياد حين يكون وحيداً .. حين فتح الباب هذه المرّة سمع أصواتاً من المطبخ، فدخل علي الفور ليجد زياد يرتدي سترة رياضيّة و شورت، و يبدوا أنه قد ركض منذ قليل، فعلامات النشاط بادية علي وجهه .. لكن .. ما الذي يفعله!! هال ياسر منظر الفناجين الكثيرة الموجودة في كل مكان، و أثر لبقع القهوة علي الأرض و في الحوض .. حتّي علي جدران المطبخ!
" بتعمل ايه! ايه الي حصل في المطبخ ده!!"
التفت ياسر إليه ببراءة قائلاً:
"بعمل قهوة!"
وضع ياسر الأكياس علي منضضة المطبخ الرخامية و اقترب من زياد ببطء، دث علبه الفحم في يده قائلاً تحت تأثير صدمة المطبخ:
- لأ روح اعمل لوحة .. يلّي! ..
ضحك زياد و قال مدافعاً عن نفسه:
- فاضلي محاولتين من عشرة!
هزّ ياسر رأسه بعصبية و قال:
"عشرة؟؟ بهدلت طقم الفناجين كله؟؟ كله !! .... روح يا زياد .. روح ربنا يهديك! .. بص جبتلك شيبسي و شوكولاته .. روح كُلها علي ما أعملك القهوة"
قال آخر جملة بتوازن فابتسم زياد و كتم ضحكته و خرج كي لا يقذفه ياسر خارجاً! جذب كيس من المقرمشات و مشروب غازي .. لكن قبل أن يخرج استوقفه ياسر قائلاً بجدية:
"بقولك صح .. اا .. خد موبايلي .. عليه تسجيل كده ... اسمعه .."
التفت زياد إليه قائلاً بعدم فهم:
"ل ايه؟"
لم يلتفت له ياسر، بل انشغل في تجميع فناجين القهوة من كل مكان و قال بإسلوبٍ عادي:
"شغل طبعاً، بس التفاصيل دي مهمة .. اسمعها بتركيز و اعقلها اوي .. سجلتها لما حسيت إن محدش هيحكيهالك بالطريقة دي غير العميل نفسه .. بس اهم حاجة تسمع من الأول للآخر و متقولش رأيك غير لما تخلصه ماشي؟"
هزّ زياد كتفه و اقترب من ياسر ليأخذ الهاتف، ثم خرج لمقعده الهزّاز ..
_______
تمّت إجراءات المستشفي بسرعة البرق، بناءاً علي طلب رؤوف الحريري -شخصيّاً- و الذي لازم رنا و لم يتركها طوال تلك الفترة، منذ أن اصطحبها بسيّارته الخاصة لتجلس بجانبه خلف السائق، مروراً بإلقاء النظرة الأخيرة علي المرحومة .. حتّي تلك اللحظة .. توقّفت السيارة بإشارة من رؤوف إلي السائق، لتقبع أمام منزل رنا، ترجّلت من السيّارة بخطوات مرتعشة و أغلقت الباب، و اتجهت لمنزلها .. لتبيت ليلتها و تستيقظ فجراً في اليوم التالي .. لترتدي الأسود .. و يتجهوا -هي و رؤوف- للمقابر .. و بالرغم من أن رؤوف عارض فكرة البقاء وحدها في تلك الظروف .. إلا أنها أصرّت .. متعللة بأنها عاشت وحيدة وقتا كافياً حتي اعتادت الوحدة!
أنت تقرأ
بورتريه
Ficción Generalبينما انت تنظر لملامحي لترسمها بفرشاتك، أحفر أنا ملامحك بذاكرتي و أوشمها علي جدار قلبي... قد يرون حبي لك جنون .. أو غير حقيقي بالمرّة .. لكنّني سأحبك للأبد، و سأستمر في البحث عن الحب بعينيك .. و مقارنة نفسي بمن تستحقك، حتي تثبت لي أنني هي .. ف هل رأ...