الفصل الثاني: مازلنا غُرباء .. جداً !

741 53 16
                                    

"انتِ ... نحس!!"
رمشت الفتاة بعينيها عدّة مرّات، هل يُحدثها هي؟ تعلم أنها منحوسة في بعض المواقف .. لكن ليس اليوم! .. لا لحظة .. يمكن أن يكون مُحقّاً.. فتاة تضعها امها علي أولي خطوات الحياة يوم عيد العشاق، فيموت أبيها في حادث مُروِّع خارج البلاد و تبقي الام وحدها في المستشفي .. دون أي أقارب أو أصدقاء، مروراً باحتياجها لأكياس من الدم من فصيلة نادرة .. حتي مبيتها في الحضّانة مع ابنتها المصابة بالضعف ... كفي *صعبنيات* للآن! المهم أنها تيقّنت من أنها منحوسة حقاً!

أخفضت رأسها للأسفل و تاهت ببصرها لإصبعها، و كأنها تتفقد أي أثر للصدمة الكهربائية به .. لكنها كانت شاردة تماماً .. حتي سمعت أثر أقدام تقترب، و الصوت الذي استقبلها:

"اهلاً وسهلاً نوّرتي .. للأسف الجو وحش شكل الفنان مش هيعرف يرسم .. و واضح إن خطيب حضرتك اتأخر و هو بيركن .."

كان هذا صوت ياسر، الذي ناولها منشفة رمادية لتجفف شعرها و ما تبلل من ملابسها، كما أعطي زياد واحدة..

"انا آسفة إني جيت ف جوّ زي ده .. أنا كان قلبي حاسس إن الدنيا هتمطر بس قلت أجازف .."

قالتها بإحراج بالغ، و نظرت للدبلة في يدها اليسري ثم أضافت:

"أنا مش مخطوبة .. أنا.. جيت لوحدي"

انتبه ياسر لما قالت و ترك منشفته علي المنضضة بجانبه و اقترب من زياد هامساً:

"انت كنت تعرف؟"

هز زياد رأسه ببطئ و قال و كأنه يهمس، لكنه قصد أن يكون صوته مسموعاً للفتاة:

"لما الجو يتعدل وصلها بيتها .. أنا داخل أنام"

ولم يمهل ياسر أي فرصة للرد عليه، فقط استسلم لأن تقوده قدماه إلي غرفته القريبة، و أغلق الباب بصوتٍ مسموع ..

ضحك ياسر يإحراج و هو ينظر للفتاة التي جذبت حقيبتها و نهضت، فقال ليستوقفها:

"أنا آسف للإستقبال ده .. أصل زياد النهارده مش علي طبيعته .. أنا بعتذر فعلاً ف اتفضلي حضرتك استريحي لحد ما المطرة دي تهدي .. و معتقدش إن هيبقي كويس كمان لو خرجتي في الرعد و البرق ده .. هو انتِ اتكهربتي فعلاً؟؟"

استقبلت ثرثرته بصدرٍ رحب و جلست علي نفس المقعد مرّة اخري، رافعة يدها أمام عينيها قائلة:

"جت بسيطة"

أخذ ياسر المنشفة التي تركتها هي و ناولها إليها مرّة اخري، فبدأت بتجفيف شعرها الذي لم يدم تموجه الرائع لأكثر من نصف ساعة! و ظلّت تنظر حولها بشرود مبتسمة بانكسار .. أراد هو أن يلطف الجو فمد يده لها قائلاً:

" أنا ياسر ..ممكن تعتبريني المساعد الشخصي لزياد .. بس أنا صاحبه من أيام المدرسة .. من زمان اوي يعني!"

مدت يدها لتسلم عليه قائلة:

" تشرفت .. أنا رن .. احم .. يارا .. "

بورتريهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن