لم يدرِ زياد كيف جفّفها من المياه الغير شفّافة و ألبسها أول شيء قابله في طريقه..لم يكن مُدركاً أن لديه مثل هذا الثبات و سرعة التصرُّف في مثل تلك المواقف .. تذكّر نظرتها الغائبة إليه، و كأنها تنظر إلي أعماقه.. تنظر عبره وليس إليه!.. تهمس لروحه التي اندملت جروحها حديثاً.. تهمس بأنها آسفة .. و كأنها شعرت بأن رؤيته لها هكذا تعيده لذكري أليمة حكي لها عنها أكثر من مرّة و هو مستنداً علي صدرها كطفل .. يخشي الفقد .. و يكره أن لا يكون قادراً علي مساعدة من يحتاج إليه .. خشي فقدها حين سمعها تشحذ أنفاساً بسيطة هي في أمس الحاجة إليها ... كما هو بحاجة لأن تصبح بخير الآن...
كم شعر بالضياع حين لمسته لمسة شفّافة ضعيف و همست باسمه و سألته بضعف إن كان يحب الأطفال أم لا .. لم يميّز أكانت واعية أم تغيب عن الوعي، لكنّه نفسه كان واعياً لأكبر إحساس بالرعب في حياته، لا يريد هذا الطفل إن كان خطراً عليها .. يعترف بأنه فرح بهذا الخبر حتي و إن كان غير مؤكداً، لكن الآن، و قد اتّضح أنها حامل و في خطر بسبب ذلك الجنين المجهول عمره، يشعر بأنه لا يريد أي شيء في الحياة سواها..... !!!
تنفّس بتشتت و قلّة حيلة حين أسلمها من بين أحضانه لفريق عمل المستشفي و ذهب معهم ليطمأن عليها في أشد وقت يحتاج كلاً منهم الآخر ..
بعد دقائق لم يعدها أمام الغرفة الماكثة بها رنا، خرج الطبيب إليه بملامح جامدة، فلم يستطع تحديد ما إن كان سيطمئنه أم لا، لكنه دعا الله أن يكون كل شيء علي ما يرام، فالله أعلم بحاله، يعلم بأنه لن يحتمل فقدها هكذا!توقّف الطبيب أمامه و سأله بلا تعبير محدد:
"ممكن تقولّي الموضوع حصل إزاي؟"
دقّ قلب زياد بعنف و سأله بضياع:
"هي كويسة؟ أنا نفسي مش عارف ايه الي حصلّها و مش فاهم حاجة!"
بدأت ملامح الطبيب الحانية تظهر في ابتسامة بسيطة حين قال و أجلس زياد علي إحدي المقاعد المتّلاصقة في الردهة أمام الغرف الهادئة، و التي بإحداها رنا..
"إحنا بس بنعملّ ليها شويّة فحوصات روتينيّة، تحاليل و .."
و قبل أن يُكمل الطبيب قاطعه زياد بذعر:
"و التنفُّس مظبوط؟ دي مكانتش عارفة تاخد نفسها!"
قالها مشيراً لأنفه بتحّفّز فربّت الطبيب علي كتفه ليهدأه و قال بهدوء:
"هي بتتنفّس و كويسة .. انتوا مكنتوش تعرفوا إنها حامل فشهر و إسبوعين؟"
هزّ زياد رأسه نفياً، مشدوهاً لما يقوله الطبيب، و كأن هذا الأمر لم يخطر بباله منذ دقائق!
"هي عاداتها الغذائية ايه؟ و بتاخد فيتامينات مثلاً أو منتظمة علي أدوية مُعيّنة أو منشطات؟"
أنت تقرأ
بورتريه
Ficción Generalبينما انت تنظر لملامحي لترسمها بفرشاتك، أحفر أنا ملامحك بذاكرتي و أوشمها علي جدار قلبي... قد يرون حبي لك جنون .. أو غير حقيقي بالمرّة .. لكنّني سأحبك للأبد، و سأستمر في البحث عن الحب بعينيك .. و مقارنة نفسي بمن تستحقك، حتي تثبت لي أنني هي .. ف هل رأ...